رجائي عطية.. هل فقد صلاحيته كرئيس لإتحاد المحامين العرب؟!

 

 
حين فقد توفيق الحكيم وعيه – وكان قد بلغ من العمر أرذله – لحظة أن وعده السادات وجوقته بما يشد من عود عصاه التي يتوكأ عليها، ويقوى أبصار عدسات نظارته نحو عصر الانفتاح والمال السداح مداح، وهو المعروف بالبُخل ,وقد صار طريق الحصول على هذا المرجان والياقوت هو الهجوم على جمال عبد الناصر من أجل هدم القومية العربية.. يومها وفي التو حاول كاتبنا الكبير محمد عوده أن يعيد للرجل وعيه , فَصّدر كتابة ” الوعي المفقود ” بتلك القصة المشهورة .
“قال الموسيقار الشاب: للمايسترو الكبير
بالنسبة لتوسكانينى الفنان
فأنني أحنى رأسي
وبالنسبة لتوسكانينى الإنسان
وخلع حذائه وانهال عليه “.
إلا أن الحكيم ،غير الحكيم، كان قد كتب عودة الوعي، مؤكداً على أن وعيه خلال عشرات السنوات التي مضت كان قد سقط منه وفقده .
على طريقة الحكيم سار رجائي عطية وقد بلغ من العمر أرذله 82 عاما، وبمناسبة تولية منصب نقيب المحامين خلفاً لنقيب تربى ناصرياً , فهاجم جمال عبد الناصر أمعانا في الكيد بالنقيب السابق ( و النقيب السابق كان قد خلع ثوبه السياسي والنظري الذي يدعيه خارج النقابة وصار نقيبا للمحامين على اختلاف مشاربهم).

كان هذا هو الظاهر , لكن ما يرمى إلية الأستاذ رجائي لحظة أن صار نقيباُ للمحامين من الهجوم على الزعيم جمال عبد الناصر , هو السير على طريق كامب ديفيد الذي أيده لحظة أن أبتدعه السادات مع بيجين.. والسادات وهو بلديات الأستاذ رجائي عطية , ومن هنا تلاحظ أن من يضمر الهجوم على زعيم الأمة العربية , التي أرادها في مواجهة الاستعمار الأستيطانى الصهيوني , لا يبغى إلا مسايرة القضاء على الأمة العربية، وهدم كل فكرة توحد عالمنا العربي في مواجهة قوى الرجعية العربية والامبريالية والصهيونية العالمية .

ولما كان ذلك كذلك , وهو ما يتعارض مع الدور القومي والعروبي لإتحاد المحامين العرب الذي يقوم الإتحاد بدور قومي هام كداعية للقيم الكبرى التي ترفعها حركة التحرر العربي، حيث يعكس مكنونات الضمير العربي، ويذكر الحكومات العربية بواجباتها تجاه احترام هذه القيم ويدعو الشعوب إلى محاسبة حكوماتها.

في فترة المد الثوري والقرارات الاشتراكية زمن الناصرية ، كانت المحاماة رسالة وليست مهنة فقط , وخلال تلك الفترة ما كان يستطيع أن يتحمل تبعات الرسالة إلا المحامون الأفذاذ , الذين لا ينظرون للمال إلا من أجل العيش – في تلك الفترة غادر المحاماة الأستاذ رجائي وعمل بالقضاء العسكري في الفترة من (1961- 1976 ) حتى أحيل للتقاعد فعاد للمحاماة مع عصر الانفتاح السداح مداح , ليقبل التعيين من جانب رئيس الجمهورية بمجلس الشورى , وقد كان التعين أيامها طريقا ينتهك الديمقراطية , ولا يقبله إلا مُحَلل للسياسات الحكومية .. ثم كان الهدف أن يصل إلى كرسي عرش النقابة عن طريق محاولة التقرب من السلطة الحاكمة .. ثم عن طريق التحالف مع الأخوان بادعاء أنه مقرب من السلطة .

يؤكد ذلك ما كتبه الأستاذ ثروت الخرباوى المحامى المنشق عن الأخوان في كتابه :قلب الأخوان – محاكم تفتيش الجماعة ص73و75 حيث يقول :” توفى الأستاذ الخواجة نقيب المحامين سنة 96، ولم يكن أمامنا إلا البحث عن بديل – ظهر لنا في الأفق الأستاذ رجائي عطية الذي خطب ودنا فذهبنا إليه نعرض بضاعتنا ويعرض بضاعته – فقد كنا نحلم بإنهاء الحراسة وعودة الشرعية عن طريق صلاته السياسية وعلاقته الحميمة بالنخبة الحاكمة (لاحظوا إن رجائي منوفي والنخبة الحاكمة ورجلها كمال الشاذلي منوفي أيضا – الكاتب)- وكان رجائي يحلم بتوسد كرسي النقيب .

ويتابع الخرباوى في كتابه : في شهر مايو سنة 97 جلسنا مع رجائي عطية في جلسة مودة ودعوناه ,إن هو فعل فحتما سنؤيده كنقيب للمحامين – وفى اللقاء الثاني نقل لنا رسالة طمأنينة من القيادة السياسية بأن الحراسة سيتم رفعها ,وبدأ رجائي معنا كلسان الحكومة – وفى النهاية وافق الأخوان على الدخول في تحالف مع رجائي عطية تحت شعار (المشاركة لا المغالبة).
ويتابع الأستاذ الخرباوى المحامى ” لا ريب أن رجائي ابدي فرحته بقرار الأخوان – لكنه أندهش حين قال له خالد بدوى:” وما الضمان الذي ستقدمه لنا يا أستاذ.
قال رجائي:هل تريد أن أكتب لك شيك مثلا ؟
نريد أن نقسم معاً أن تم القبض علينا ,أن تعلن انسحابك من الانتخابات – فوضعنا أيدينا في يد رجائي الذي اقسم بما طلبناه .

ويتابع :تكررت وعود رجائي بقرب إنهاء الحراسة إلا أن وعوده لم تتحقق ، ولم يتحقق الحلم عن طريق رجائي ولا عن طريق صلاته السياسية بالحكومة – وبعد عامين صدر حكم إنهاء الحراسة في القضية التي أقمناها باسم فاطمة ربيع .
وعلى ضوء الوقائع السالفة اضحى الأستاذ رجائي في أحضان السلطة حيث ولد واستجاب لها بالتعيين في مجلس الشورى الخامل , لكن يبقى الأدهى أنه، في سياق كتاب الخرباوى , قد عقد النية على التحالف مع الأخوان- خاصة وأنه بعد أن أيد السادات في كامب ديفيد ,راح يدافع عن احد قاتلي السادات (المنتمى للجماعات الأسلامية ) في ساحات المحاكم، وتنظيم الأخوان في أساسة جماعة لها تنظيم سرى لا يبغى صالح مصر الوطن لكن يبغى صالح الجماعة .

ولما كان ذلك كذلك، وكان إتحاد المحامين العرب يعكس الضمير العربي، ويذكر الحكومات العربية بواجباتها تجاه احترام هذه القيم ويدعو الشعوب إلى محاسبة حكوماتها، فان فاقد الشيء لايعطية طالما كان رئيس الإتحاد وقد انحاز إلى الحكومات، والا كيف يستطيع أن يقوم بواجبات الإتحاد نحو دعوة الشعوب إلى محاسبة حكوماتها –وكيف يحافظ على فكرة القومية , وقد عقد النيه مع جماعة لا تبغى إلا قيام دولة الخلافة وتتنكر للقومية العربية ؟.
حين أقدم السادات على كامب ديفيد رفض اتحاد المحامين العرب نقل مقره من القاهرة ليُثَمِن دور رئيس إتحاد المحامين العرب وقتها “أحمد الخواجة” نقيب مصر ومجلس نقابته في مقاومته كامب ديفيد –
وهنا يثور التناقض بين رئيس إتحاد المحامين العرب الحالي – وقد أيد كامب ديفيد – وبين نضال إتحاد المحامين العرب من اجل فلسطين عربية وضد دولة صهيونية رافعا شعار (لا صلح لا تفاوض ولا اعتراف)! .

بالضد من حكم محكمة القضاء الأدارى والإدارية العليا، تبرأ رجائي عطية من مصرية تيران وصنا فير , ومن ثورة يناير الشعبية .
من جماع ماتقدم نفهم مغزى هجومه الحقيقي على الزعيم جمال عبد الناصر , ليس أمعانا في الكيد من النقيب السابق الناصري الذي فاز على الأستاذ رجائي ثلاث مرات، حاجباً عنه كرسي عرش النقابة.. وفى الرابعة كانت الفرصة ليس للتشفي به كناصري فقط، وذلك بالهجوم على الزعيم جمال عبد الناصر , ولكن ايضا لمسايرة قوى الرجعية العربية وحملات رجال الأعمال وفضائيات البتر ودولار أبواق الاستعمار والامبريالية والصهيونية العالمية التي تأمل في القضاء على الأمة العربية بمحاولة تدنيس زعيمها وخفض هامته العالية في عيون شعبنا العربي , لكن سيظل جمال عبد الناصر- حي رغم الكفن- خالدا في لوح الزمن , وستظل فكرة القومية العربية حيه حتى تتحقق الوحدة العربية وتحرير فلسطين .

كاتب ومحامى – مصري

البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى