على أبواب السّنة العاشرة من الحرب على سوريا

■ إنّ تفعيل وترسيخ وتجذير مبادئ تربية و ثقافة الحرب و المقاومة و المواجهة ، أمر ضروريّ إن لم يكن شيئاً يغدو ملحّاً يوماً بعد يوم . 
■ تظهر الحاجة الوطنيّة العظيمة إلى إعادة قراءة الواقع الاجتماعيّ و السّياسيّ ، لتنقيته من أعداء الدّاخل الذين استمرأوا الاستهتار و لعبة العبث و ” التّضييق ” المعاشيّ و المعيشيّ على المواطن السّوريّ و مصّ دماء الشّهداء و الجّرحى و المقاومين الصّابرين. 
■ يقتضي شدّ العقول و الأرواح و الأحزمة ظروفاً موضوعيّة و ذاتيّة استثنائيّة تبدأ بالقرارات الكبيرة و تنتهي بالممارسات الشّاقّة و الصّعبة ، التي ينبغي أن تُعمّم على جميع القادرين. 

1▪︎ لم يتوقّع الكثيرون أنّ ” الحرب السّوريّة ” – إقرأ : الحرب على سورية – سوف تستغرق مقطعاً واسعاً من حاضرنا و تمتد بأثرها المباشر إلى جزء بعيد من مستقبلنا الذي ربّما سيكون أطول ممّا توقّع حتّى أكثر الجادّين أو الواقعيين الذين يُسمّونَ ، بالمتشائمين..
2▪︎ و حيث لم يعد الأمر متعلّقاً بالوجدانيّات التي تسمح بأحكام حول التّفاؤل و التّشاؤم من مسيرة هذه الحرب ، فإنّ الوقائع الدّوليّة و المخطّطات المرافقة لها و الأحداث المرسومة بالعنف الأميريكيّ العالميّ الفاحش لمستقبل هذه الحرب ، تجعل من الجدّيّة و “العقلانيّة” أن ننظر إلى الواقع السّوريّ، و الواقع المشرقيّ العربيّ ، الوطنيّ ، عموماً ، بصفته واقعاً يتضّح في كلّ يوم أكثرَ على أنّه واقع يجري استهدافه لسببه المركّب تركيباً تجاوز المألوف السّياسيّ التّقليديّ للمنطقة ، إلى أهداف جديدة و متطوّرة ، لا تبدو على أنّها كافية أو مقنِعة ، بالنّسبة إلى أميريكا و “إسرائيل”، ما لم تؤسّس لعكسها من مفاهيم شرطيّة عالميّة قادمة مع ما هو قادم من الأسرار و المجاهيل و المعاليم الباطنيّة و الظّاهريّة السّياسيّة التي تتجاوز المألوف من المفاهيم التّاريخيّة العقلانيّة ، تتعلّق بدخولها، هي نفسها ، في حظيرة الأسطورة التّاريخيّة التي تفصل الإنسان في منطقتنا عن تاريخه و واقعه في محاولات لتجعل منه مضغةً منقطعة عن شخصيّته الحضاريّة و التّاريخيّة ، و كائناً غير مألوف لذاته و للآخر العالميّ ، و غير مؤهّل للخوض في التّاريخ العالميّ التّاليّ على هذه الحرب التي قسمت تاريخه إلى جزئين ، قبلها و بعدها بانتظام “منطقيّ”.
3▪︎ من الواضح جيّداً أنّ أميركا و “إسرائيل” لا تريدان للمنطقة زمناً طبيعيّاً يتشابه مع أزمنة الآخرين ؛ حيث تُصرّ أميركا و ” إسرائيل ها ” على استدامة هذه الحرب بأيّ ثمن من الأثمان ، ليس انتقاماً و ثأراً لشرف أميركا كدولة أعظم في عالمنا المعاصر ، لم تتحقّق لها أهدافها الكاملة من الحرب ، فحسب ، و لكن كذلك بسبب ما تريد الاستحواذ عليه و افتعاله من وقائع و أحداث التّاريخ المقبل ضماناً لمستقبلها و معها مستقبل “إسرائيل” ..
و هذا ما لا تصرّح به أميركا بإعلامها “الأبويّ” المزيّف التّقليديّ و المعروف ، و لو أنّه أحد أهمّ و أكبر معالم و أهداف ما يسمّى بالدّولة العميقة في الولايات المتّحدة الأميركيّة.
4▪︎ يفسّر هذا ، ممّا يُفسّره ، آخرَ تطوّرات الأحداث العسكريّة و المعارك المسلّحة التي تدور في شمال سورية ، و الدّور التّركيّ المتوقّع ، طبعاً ، في تطوّرات الحرب ، و إليه ينضمّ الدّور “الإسرائيليّ” في التّأجيج.
5▪︎ و فيما تتجاوز ” التّفاهمات” الدّوليّة القهريّة تحت الضّغط الأميريكيّ – و بمواجهة روسيّة استراتيجيّة مُدركة و محسوبة – و الشّراكات الموضوعيّة ما بين القوى الرّئيسيّة في العالم ، الحدود التي تريدها شعوب المنطقة و دولها كحدّ واقعيّ من مساوماتِ تَساوي و تعادُل قوى الأقوياء ، فإنّ ما تحتاجه سورية و المنطقة هو أكثر من مجرّد انتصارات عسكريّة تكتيكيّة و مرحليّة على الأرض ضدّ أعداء الحدود الجغرافيّة و المشروع السّياسيّ..
و ذلك في أن تتقدّم نهائيّاً في الحرب على الإرهاب و داعميه المباشرين ، و هو الأمر الذي تُبقيه أميركا بالعنف المباشر منه و النّاعم في إطار احتمالات “المُحالات الظّرفيّة”، و ربّما ، في محاولات الولايات المتّحدة ، جعله استحالة استراتيجيّة على المدى المنظور و المتوسّط و الطويل.
6▪︎ بالنّسبة إلى نظرتنا ، في سورية ، و علاوة على أنّ أميركا هي راعية العنف و الإرهاب على مستوى العالم اليوم ، فإنّها ما تزال ترعى الإرهاب الإقليميّ الواقع على سورية ، في الشّمال السّوريّ و الجنوب السّوريّ ، كجزء من إرهابيّتها الشّاملة و المنظوميّة للعالم ، فيما ، في الوقت نفسه ، تزعم و توحي بأنّها تقاتل هذا “الإرهاب” ، و لا تُفصح عن الأهمّ في دورها هذا ، و هو في حدود عدم خروج “الإرهاب” عن دوره الذي رسمته له و رعته و ترعاه في الإنهاك المستمرّ و الدّائم لسورية ، بخاصّة ، جيشاً و مجتمعاً و دولة ، إضافة إلى امتداد هذا الدّور في المنطقة.
لقد بدأت أميركا هذه الحرب و لا تزال حاكمة جيّداً لبوصلة الإرهاب في منطقتنا بالتّعاون مع تركيا و “إسرائيل” ، إلى الدّرجة التي تجعل فيها استنزاف الدّماء و الاقتصادات السّوريّة ( و العراقيّة ، و الإيرانيّة أيضاً ) رهناً بالمستقبل بعد أن نفّذت الجزء الخاصّ بالحاضر ، و بقدر واسع في حجمه العدائيّ المنظّم عندما نأخذه بمقاييس اجتماعيّة و عسكريّة و سياسيّة و اقتصاديّة و بشريّة ، نوعيّة و واقعيّة و واسعة.
7▪︎ هكذا يبدو أنّ ما يُكتب و يُحاكُ و يُدارُ لسورية ، و خاصة المنطقة المشرقيّة ، من مواجهات ترافقها تحدّيات و تفتيت منظّم للقدرات و الطّاقة و المقدّرات ، و محاولات إخضاع مستقبل الأمل بالتّحرّر و التّطوّر فيها ، إنّما هو أمرٌ ليس مؤقّتاً و لا خفيّاً ، و قد صار صريحاً و واضحاً على ما يُباشَرُ به و ينتظر من مقرّرات إمبرياليّة و مخططات.
8▪︎ ليس ما يجري اليوم على سورية و العراق و إيران سوى معالم سوف تتمادى في التّبلورات القادمة بوضوح و جدّيّة أكثر وقاحة و عنتاً أميركيّاً و “إسرائيليّاً” ، تبدو فيها الأدوار الموكلة إلى زبانيتهم من الخونة ” السّوريين ” ، و من عملائهم من الأتراك الأردوغانيين و الإرهابيين و الخونة “الأعراب” و غيرهم ، واضحة بصراحة الإعلان المباشر للنّوايا و الخطط و الأهداف و التّصريحات و الأفعال و الأقوال.
و تزداد هذه المواقف المباشرة عنفاً يترافق مع العمل على دفع الأصدقاء “الرّوس” إلى الدّرجة التي يجعلون منها روسيا في موقف الدّفاع عن النّفس ، و معها يُدخلون الأحرار في المنطقة و العالم في موقف المتفرّجين الذين ليس لهم من التّضامن أكثر من المواقف الكلاميّة أو ما جاوز ذلك إلى بعض التّضامنات الخائفة و المحدودة ، بحكم التّفوّق الأميركيّ في الممارسات العدائيّة الوقحة التي لا تنتهي عند العقوبات الاقتصاديّة و الماليّة واسعة النّطاق ، بل و تتجاوزها إلى حدّ التّهديد العسكريّ المباشر و غير المباشر و التّدخّلات السّياسيّة المعلنة من أجل التّأثير على تلك المجتمعات و الدّول ، و لو بالمحاولات الأميركيّة المعروفة و الصّريحة و العلنيّة من أجل قلب الأنظمة السّياسيّة بالقوّة المباشرة و تغيير أنظمة الحكم.
9▪︎ هكذا يقترب على الإنقضاء ، العقد الأوّل من عمر هذه الحرب في احتماليّات أكيدة الرّجحان في استمراريّات مختلفة و متعدّدة الأوجه ، حيث منها ما قد صار واضحاً و معروفاً على النّحو الذي سقناه ، و منها ما هو قيد التّوقّعات و التّفاقمات الأعمق و الأبعد ، إذ لا تعدم قوى الإمبرياليّة العالميّة وسائلها و أدواتها و أفكارها المدمّرة المتنوّعة و المتزايدة في جشعها و بربريّتها باطّراد.
10▪︎ لقد كان متوقّعاً جميع أجزاء و مراحل هذه الحرب ، بالقياس إلى الأهداف التي قامت لأجلها ؛ و تزداد شراستها هذه باستمرار بما يتناسب مع كلّ إخفاق أميركيّ و “إسرائيليّ” و دوليّ و إقليميّ مُرتَهَن ، كما مع كلّ طموح لها يتنوّع بتنوّع الغطرسة الأميركيّة العالميّة ، و يترافق مع تحقيق القوى الوطنيّة السّوريّة ، العسكريّة و السّياسيّة و الدّبلوماسيّة ، لأهداف تَزيد من حدّة الثّأر الإمبرياليّ – الرّجعيّ في العالم و في المنطقة الإقليميّة ، في فقدان الاتّزان و إعلان المسكوت عنه من نوايا عدوانيّة ، و المباشرة في الانتقال إليه على درجات هذه الهجمة المعاصرة للقوى الدّوليّة على الحقوق و على أصحاب الحقوق.
11▪︎ تنجح التّقنيّات العدوانيّة في تحقيق أهدافها ، أكثر ، بالقدر الذي تتمكّن فيه بسرعة من الالتفاف على “الواقع” المحلّيّ بما يحفل به من نقاط ضعف و ارتدادات سلبيّة ، تدخل في أنفاق التّكوّر و الانعزال الذّاتيّ الذي يأخذ القوى الاجتماعيّة و السّياسيّة إلى مواطن الضّعف ، التي يُصبح من السّهل معها على الولايات المتّحدة و “إسرائيل” و الرّجعيّات العربيّة و الإسلاميّة ، بحيث تبني تلك القوى أهدافها المرحليّة و الاستراتيجيّة على ضعفنا الذّاتيّ منه و الموضوعيّ.
إنّ قوى العدوان التّاريخيّة لم تحقّق أهدافها و غاياتها في الدّول و الشّعوب الضّعيفة ، بمحض قواها و أفكارها فقط ، التي لا نعتقد ، كما لا يعتقد منصف ، معنا ، بأنّها قوى خارقة مهما تمتّعت به من عناصر و تقنيّات متطوّرة و عالية و شديدة البطش ، لأنّ تاريخ عدوان الإمبرياليّات العالميّة ، القديمة منها و الحديثة و المعاصرة ، هو أيضاً تاريخ حافل بالهزائم و الانكسارات و الاندحارات التي تكبّدتها على مر التّاريخ ، و لو بعد حين.
12▪︎ لم تحقّق قوى العدوان التّاريخيّة مخطّطاتها و أهدافها في دحر الشّعوب و الأوطان الضّعيفة و السّيطرة عليها ، إلّا بقدر ما استطاعت أن تخترق البنية الدّاخليّة لتلك الأمم و المجتمعات.
و هكذا هو التّحدّي اليوم ، إذ أنّ النّفاق السّياسيّ و الثّقافيّ و الفكريّ المعاصر للإمبرياليّة الأميركيّة ، يدفعها إلى تحرّي نقاط الاختراق الضّعيفة في بنية الجسد المشكّل لهيبة الأوطان و الشّعوب.
و ما لم تُحدثْ في ذلك الجسد الاختراقات التي تمكّنها من استغلال أنواع الضّعف و الهزال و اختلاق مناسبات جديدة لذلك ، فإنّها سوف يُكتبُ لها الفشل و الاندحار و الخسران.
13▪︎ و من الضّروريّ ، إذاً ، في مناسبة اقتراب المناسبة الزّمنيّة العاشرة للحرب على سورية ، أن نذكّر ببعض ما يُمكن أن ينتظرنا ، في سورية ، و ما هو ضروريّ لمواجهته و الرّدّ عليه.
14▪︎ تقضي التّطوّرات الدّائمة في ظروف هذه المعركة التّاريخيّة أن نثق بجيشنا و سلاحنا و بشرفاء شعبنا العربيّ السّوريّ و بقائدنا ، و هو الدّرس غير الإنشائيّ ، بل الدّرس العمليّ الذي جرّبناه في تاريخ هذه الحرب حتّى الآن.
15▪︎ كما تقضي أن نثق بالحلفاء و الأصدقاء ، و قد صار كافياً الزّمن الذي يمكن أن يكون ، بالنّسبة إلى البعض من ذوي الأفق المحدود ، برهاناً حقيقيّاً و دامغاً على صوابيّة خياراتنا القياديّة السّياديّة الوطنيّة ، و هي الخيارات المعاصرة المنسجمة و المُعمّقة لخيارات تاريخيّة اجترحتها الوقائع و الحقائق و الخبرات و المواقف و التّجارب.

16▪︎ و في الوقت نفسه ، فنحن ينتظرنا ما هو أكبر و أصعب و أشرس من التّحدّيات العسكريّة و السّياسيّة و الاقتصاديّة و الاجتماعيّة ، بالتّناسب مع ما يُعدّ لنا في الأروقة الأميركيّة و الإسرائيليّة من مخطّطات جديدة و مستجدّة ، للإمعان في إنهاكنا الاقتصاديّ و الاجتماعيّ في إطالة عمر هذه الحرب العدوانيّة.
17▪︎ لذلك علينا ادّخار ” التّضحيات المجانيّة ” من أسباب و أدوات الجَلَدِ ما استطعنا ؛ و علينا أن لا نُسرفَ في تبذير هذه التّضحيات التي هي في تناهيها الوئيد و الطّويل تجعل من إمكانيّات مقاوماتنا أكبر و أبقى .
و هذه مسؤوليّة وطنيّة سياسيّة بالدّرجة الأولى ، من أجل الإبقاء على ما يتزوّد به الصّبر من قوّة و إيمان بضرورة التّحمّل لجميع الظّروف التي يبدو أنّها بالصّعوبة و السّلبيّة في اطّراد.
18▪︎ عدوّنا تاريخيّ و لئيم ، و لن يقبل – إذا استطاع – بأقلّ من “مكاسب” تاريخيّة قد تهدّد مقوّمات صبرنا الطّويل.
هنا تظهر الحاجة الوطنيّة العظيمة إلى إعادة قراءة الواقع الاجتماعيّ و السّياسيّ لتنقيته من أعداء الدّاخل الذين استمرأوا الاستهتار و لعبة العبث و “التّضييق” المعاشيّ و المعيشيّ على المواطن السّوريّ و مصّ دماء الشّهداء و الجّرحى و المقاومين الصّابرين. إنّ من المنطقيّ و الضّروريّ العمل لتوزيع العدالة المعيشيّة و المساواة بالتّحمّل و الصّبر على الجميع .. لأن الطّريق الشّاقّة التي تبدو أمامنا ، غير قصيرة أبداً..
19▪︎ إنّ تفعيل وترسيخ وتجذير مبادئ تربية و ثقافة الحرب و المقاومة و المواجهة ، أمر ضروريّ إن لم يكن شيئاً يغدو ملحّاً يوماً بعد يوم.
20▪︎ يقتضي شدّ العقول و الأرواح و الأحزمة ظروفاً موضوعيّة و ذاتيّة استثنائيّة تبدأ بالقرارات الكبيرة و تنتهي بالممارسات الشّاقّة و الصّعبة ، التي ينبغي أن تُعمّم على جميع القادرين.
ففي التّاريخ نماذج للشّعوب البطلة ، ونحن في طليعتها ، يجب أن تكون بالنّسبة إلينا قدوة تاريخيّة و خبرات واقعيّة و مجرّبة في مواجهة القوى الإمبرياليّة الغربيّة، عدوّ الإنسانيّة الأكبر و الدّائم ، على ما تقوله الأحداث الأكيدة المتكرّرة منذ مائة عام على الأقلّ.
21▪︎ من الواجب المباشر أن نعمل على تطوير سياسات التّحالفات و الصّداقات إلى مستويات مُبدعة و جديدة ، تجعل منها نموذجاً للتّعاضد الإنسانيّ في وجه أعداء الإنسانيّة الذين جعلتهم القسمة التّاريخيّة ، في المنطقة و العالم ، ثابتين و واضحين.
إنّ منطقاً تقليديّاً يكرّره السذج و المقلّدون الببغاويون منهم و الأذكياء المأخوذون بثقافات التّكرار من أنّه لا عداوات دائمة في السّياسة و لا صداقات دائمة ، هو منطق التّجربة المتكرّرة من دون أن تترك لها آثاراً حقيقيّة و فاعلة في خبرات القيم الإنسانيّة و الشّعوب.
و الأفضل في هذا الصّعيد العنيد هو العودة إلى تراث الآباء و الأجداد الذي علَّمنا درساً بليغاً في العداوات و الإخلاص يقول إنّه لا يؤتمن اليومَ من كان ، في الأمسِ ، عدوّاً للآباء و الأجداد ” عدو جدك .. ما يودك ” .
22▪︎ و على غرار ما يجري على السّماء من اختلافات و خلافات ، فإنّه كذلك يجري في الأرض ؛ و لن يكون لهذا نهاية إلّا بنهاية هذا الطّور المتقدّم من تاريخ العالم.
و من يتصوّر أنّنا نتحدّث عن أمثلة من الثّقافات الّلاهوتيّة غير المقبولة عند الجميع ، فليرجعْ إلى دروس ” التّناقضات الفضائيّة ” في العلوم المختلفة المتاحة اليوم لكلّ من يُريد.. تلك التي تؤكّد النّفورات و الاندماجات ما بين عناصر التّكوين ، بحكم فيزياء و كيمياء الأشياء .
23▪︎ تدخل اليوم الحرب السّوريّة منعطفاً خطيراً من الاعتداءات الدّوليّة و الإقليميّة على سورية ، بمحاولة منعنا من إنجاز أهدافنا في التّحرّر و الوطنيّة و التّنمية.
و فيما تتحلّق حولنا المصاعب و التّحدّيات العسكريّة المباشرة ، فإنّنا لا نلاحظ أن مواكبة حقيقيّة ، اقتصاديّة و أخلاقيّة ، تسير على إيقاعات هذه التّحدّيات.
و في المقطع المعاصر للحرب يتحتّم علينا في سورية أخذ الحاصل على الحدود الوطنيّة بمسؤوليّات مختلفة ، أهمّها هي تلك المتعلّقة مباشرة بضرورة إعادة قراءة خارطة القوى الوطنيّة الممكنة في تفعيل السّبل الأخرى في المواجهة ، بعد أن تبيّن للجميع أنّ هذه الحرب ليست نزهة في الهواء الطّلق و إنّما هي تدخل أخيراً في حرب الوجود من أجل الوجود في الحاضر و المستقبل ، حيث تبيّن فعليّاً خطر إهمال هذه الظّروف في انفصال البعض في السّلوك و الأهداف و المسؤوليّات عن واجباتهم الموضوعيّة ، التي تتجاوز في حقيقتها ما قد توفّر حتّى الآن من “قوى شاملة” تتعلّق ليس فقط بقوّة الدّولة ، بل تتعدّاها إلى تماسك المجتمع في ظروف إنهاكه المتواليّة جرّاء النّفاق الأخلاقيّ و الاقتصاديّ و السّياسيّ الممارَس ، حتّى الآن ، من قبل بعض المؤسّسات و الإدارات الرّسميّة و غير الرّسميّة التي لم تندمج في مسؤوليّاتها الحقيقيّة مع أدوات المواجهة اليوميّة ، و هي لا يبدو عليها أنّها في مشروع عمليّ و واقعيّ يهدف إلى هذا الاندماج.
24▪︎ إنّ خطورة تطوّرات الحرب السّوريّة بمنظرها المتكامل الذي يُغطّي الممكنات الأخرى من التّحدّيات ، تجعل من المسؤوليّات الاجتماعيّة و السّياسيّة و الأخلاقيّة بالقيام بالواجب التّاريخيّ ، أمراً ما يزال يطرح علينا المزيد من المراجعات النّقديّة الكلّيّة للممارسات المؤسّسيّة في سورية ، و هذا ما نسمّيه الفرصة المناسبة لتحمّل الجميع مسؤوليّاتهم الوطنيّة التي تتطلّبها الحرب ، بدخول الجميع في معسكر “المقاومة” ، بعد أن ثبت جليّاً أنّ الكثيرين في سورية يعيشون ، و ما يزالون يعيشون ، خارج ظروف و بيئة الحرب بانفصالات عنها تبعث على الأسف و الرّثاء حتّى هذه اللحظة ، و هم متمسّكون بمواقعهم الأسطوريّة في انتماءاتهم الذّات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى