على هامش رحيل الرئيس السابق محمد مرسي

 

آثرت الانتظار حتى تهدأ النفوس لكي أكتب مقالي هذا حول رحيل الرئيس المعزول محمد مرسي .
ولا أجد ضرورة أن أبدأ مقالي بالاختلاف مع الإخوان المسلمين ونهجهم قبل وبعد وصولهم للسلطة بشكل خاص ، ولكن انطلاقا من ثوابتنا المستمدة من القيم والمبادئ القومية ، وما أرساه فينا الزعيم جمال عبد الناصر من أسس ومبادئ، وبأن مصلحة الوطن والأمة فوق كل الأشخاص وكل القوى والأحزاب..
وانطلاقا من ذلك نبدأ مقالنا الذي هو لأجل مصر وليس لأجل الإخوان والرئيس المعزول محمد مرسي رحمه الله الذي كنا من أكثر الناس حماسا لعزله لأجل مصر، كما قلت، وحتى لا تدخل في حرب أهلية لا يعلم مداها إلا الله والى أين ستقود البلاد .
وأذكر جيدا يوم خلعه أنني وزعت أفضل ما وجدت في السوق من أنواع الشوكولاته، ولكن هذا شيء وهو خلاف سياسي والظلم والقهر وأخيرا الموت داخل السجن شيء آخر لأن الظلم غير مقبول لأي إنسان .. وعليه فقد أثار استغرابي لدرجة اللامعقول تعاطي الإعلام المصري المؤيد منه والمعارض مع حادثة الوفاة ونقل الخبر المعارض وصفه كأنه قديس لا يخطئ وهذا غير صحيح من الرجل والجماعة التي ينتمي إليها ، والإعلام الرسمي نقل الخبر بعد تجريد صاحبه من كل لقب، وكأن محمد مرسي مات وهو على قارعة الطريق وليس أكاديميا وأستاذا جامعيا ورئيسا لمصر تم عزله وصوت له ما يقارب الــ14 مليون إنسان ، وتم عزله لفشله السياسي بثورة لا يشك أحد بقوتها وعفويتها ولا بأس بذلك .
ولكن أن يتم نقل الخبر وكأنه موت إنسان بائع خضار على قارعة الطريق فان هذا أمرا غير مقبول لاسم وسمعة مصر، ولا يضير الرئيس عبد الفتاح السيسي أن ينقل الإعلام وفاة الرئيس المصري المعزول محمد مرسي .
ولكن الرجل في ذمة الله ويقال أنه تعرض لإهمال طبي مقصود والهجوم الإعلامي على الرجل وتنظيمه يسيء لمصر ولنظام الحكم القائم عليها ، فماذا يخسر السيسي لو تم نقل الخبر بطريقة عادية جدا عن رحيل رئيس مصر المعزول ( وأنا ضد سجنه واعتقاله هو وغيره مهما كان الاختلاف ) .

عندما رحل الملك فاروق أمر الزعيم جمال عبد الناصر بدفنه بمصر ونشرت وسائل الإعلام المصرية في ذلك الوقت وفاة ملك مصر السابق، وكذلك وفاة مصطفى النحاس، رئيس وزراء مصر في العهد الملكي، وزعيم حزب الوفد الذي خرج مع جنازته عشرات الآلاف، ولم يؤثر ذلك على شعبية الزعيم جمال عبد الناصر الواثق من نفسه ومن شعبه وبالعكس جعلت حتى المختلفين معه يحترمونه .

ولكن اليوم في عصر السماوات المفتوحة وفي مصر رائدة الأمة نرى للأسف هذا الردح والمبالغة في الخصومة مع رجل أصبح في ذمة الله ، أليس لأهله وذويه مشاعر عندما يسمعوا كلمة الخائن والعميل وووووالخ .
والتهمة التخابر مع حماس وليس مع العدو الصهيوني مثلا .
نعم رفضنا الرئيس المعزول محمد مرسي ونرفض نهج الإخوان انطلاقا من ثوابتنا القومية وأن الوطن للجميع ، ولا ننسى خطابه الأول عن”الستينات وما أدراك ما الستينات” مشيرا لنقد المرحلة الناصرية وآخر خطاب له من مصنع الألمنيوم قال رحمه الله أنه سيبدأ ما انتهى به الزعيم جمال عبد الناصر وهذا تناقض ، وثم إعلانه أحادي الجانب بدعم الإرهاب في سوريا وضحى بمصالح مصر وعلاقتها التاريخية بسوريا لمصلحة حزبية ضيقة، أي التنافس الداخلي مع خصمه خيرت الشاطر وتحريضه الطائفي وهو رئيس دولة حيث أدى لقتل 5 مواطنين مصريين جريمتهم أنهم من المسلمين الشيعة، وهذا لا يصح لرئيس دولة منتخب ولكن قد يقبل من رئيس حزب في المزايدات السياسية .
وإذا كنا لا نقبل ما حدث له من سجن حتى الرحيل المؤسف ، فهذا من واجبنا واحترامنا لمصر وإنكار الحقائق التاريخية بأنه لا يمثل شيئا لا يخدم الوطن .
فهل ستنكر الأجيال القادمة في مصر ذاتها أن هناك رئيسا حكمها لمدة عام واحد اسمه محمد مرسي، وجاء بالانتخاب ورحل بإرادة الشعب ، ولماذا كل هذه الحملة والاستنفار على الرجل قبل دفنه إذا كان لا يمثل شيئا وأن الشعب مع خلعه وأنا متأكد من ذلك، ولكن ما أنا متأكد منه أيضا أن تغير نظام وإبقاء نفس النهج لا يقبل ومعنى ذلك إجهاض ثورتي الشعب في 25 يناير و 30يونيو حزيران، وما الفرق بين السادات واللا مبارك ومرسي والسيسي إذا كانت مرجعيتهم جميعا صفقة كامب ديفيد، ومحمد مرسي من منح اسم بطل تلك الجريمة قلادة النيل الأمر الذي لم يفعله حتى المنحط حسني مبارك .
ومع كل ذلك نقول، لأجل مصر وشعب مصر وتاريخه، نحن مع محاربة الإرهاب المتاسلم وفرض سيطرة الدولة المصرية وإعادة بناء مؤسساتها الوطنية، ولكن دعونا نكتب التاريخ بلا أهواء لأجل الأجيال القادمة.
حمى الله مصر شعبا وجيشا، ولا نامت أعين الجبناء .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى