ثورة التاسع والعاشر من حزيران/ يونيو 1967م  

لا زلنا في شهر حزيران/ يونيو، وهذا الشهر هو تاريخ لا ينسى من الأسى والحزن، وفي نفس الوقت من الصمود والتحدي والنقد الذاتي  البناء  ، وإعادة البناء من جديد للجيش والدولة معا .

أتحدث هنا عن مصر الناصرية التي كانت قائدة المشروع القومي الوحدوي التحرري الذي أراد أعداء الأمة العربية وعملاؤها  ضربه بقوة لفتح حملات التأويل والتشكيك بصحة ذلك المشروع العظيم.

وهذا ما يحدث اليوم بعد 52 عاما من النكسة الأليمة، وما يقارب  النصف قرن من الرحيل المفجع لصاحب المشروع .

وهنا لا بد لنا من العودة لثورة التاسع والعاشر من حزيران /يونيو 1967م ، التي فرضت نفسها وأكدت على خيار الشعب المقاوم وثقته بمشروعه القومي  وقائده العظيم  جمال عبد الناصر ، ليس في مصر وحدها ولكن في كل أقطار الوطن العربي،حيث كان الخروج لنصرة تلك الثورة  وكأنه متفق عليه بعد انتهاء خطاب التنحي للزعيم جمال عبد الناصر .

وهذا دليل على قوة  الشعب وثقته بنفسه وبمشروعه ، فقد كان خطاب التنحي للزعيم جمال عبد الناصر صرخة قوية واضحة، واعترافا بالفشل والخسارة  لمعركة فرضت على الأمة ، وطالب بفسح الطريق ليختار الشعب بديلا  ووضعه أمام الأمر الواقع  من تلك الأحداث .

وهنا تجلى وعي الشعب بالمؤامرة التي كان يراد منها ضرب الرأس، وشل إرادة الأمة  لفرض ما يريدون ، ولم تقف المؤامرة عند هذا الحد، أي خسارة المعركة، ولكن بقيام العدو بضرب الباخرة الأمريكية لبيرتي  والإيحاء  بأن مصر هي التي فعلت ذلك  لتكمل أمريكا ما قام به الكيان الصهيوني المجرم .

وبالفعل تحركت الطائرات الأمريكية بأمر من الرئيس ألأمريكي الأكثر صهيونية ليدن جونسون تحمل قنابل نووية  لضرب القاهرة، إلا أنها تراجعت قبل الوصول بقليل  بناءا على طلب وزير الدفاع الأمريكي بعد تأكده، وحسب ما جاءه من الباخرة ذاتها أن المعتدي هو كيانهم المدلل  وليس مصر  وهنا ابتلعت أمريكا الاهانة  ، وهذا ما يطرح علامات استفهام وتعجب كبير خاصة على ضوء ما يحدث اليوم  بين الدولة الأعظم في العالم وبين كيان مصطنع لا يتجاوز الــ71 عاما من صناعته ومن يحكم الآخر الدولة الأعظم أم هذا الكيان اللقيط .

وعند الحديث عن ثورة التاسع والعاشر من حزيران سأقف عند صنف من البشر والتمس  العذر لبعضهم ولكل من سوف يتعجب أو يقلب شفتيه مستغربا  وصف أحداث التاسع والعاشر بالثورة  وهي ثورة حقيقية  ، وهذا الصنف من البشر المستغرب  3 أنواع: الأول  خائن وعميل ولا يؤمن بالشعب  وإرادته الحرة ، والثاني من تجار الإسلام السياسي وبقايا الإقطاع البائد ما قبل 23 يوليو المجيدة  ، أما النوع الثالث للأسف فهو من الفئة التي استفادت من الثورة  وانجازاتها، ولكنها اليوم بعد الثورة المضادة انقلبت على ذاتها وأصبحت أكثر عداءً لثورة يوليو وقائدها  من باقي لفئات .

هذه الفئة لولا الثورة وانجازاتها ما كان لها اليوم صوت يسمع،  هذا إذا اعتبرنا أن لها وجود من الأصل، ويقف على رأس هؤلاء أنور السادات الذي يعتبر يهوذا الاسخريوطي  لثورة 23 يوليو .

لذلك ثورة الشعب  في التاسع والعاشر من حزيران/ يونيو هي ثورة الوعي القومي التقدمي، ودليل أن الشعب وإرادته أقوى من المتآمرين  ومن ورائهم ومن دعمهم من خونة الأمة التي أدت لخسارتنا في تلك المعركة  .

ثورة التاسع والعاشر من حزيران يونيو هي ثورة التصحيح الحقيقي لمسار ثورة  23 يوليو، وليس انقلاب  السادات الذي أسماه ثورة .

بقي أن نقول أن الامبريالية والصهيونية نجحتا في حرف مسار الثورة عن أهدافها بعد رحيل قائد الثورة وذلك من خلال عميل المخابرات الأمريكية وتلميذ كمال أدهم أنور السادات، وهو ما أوصلنا إلى من نحن فيه  حيث رأينا نتنياهو يتحدث من سفارة القاهرة في تل الربيع المحتلة  بذكرى  ثورة 23يوليو،  ويشيد بالسادات ومبارك  والسيسي  ، وهذا موضوع آخر يطول الحديث فيه ويحتاج لدراسات وأبحاث كثيرة.. كيف ولماذا وصلنا إلى هنا؟ .

ولكن ما زرعته ثورة التاسع والعاشر من حزيران لن يموت وستبقى إرادة الشعب التي هي إرادة الأمة فوق كل الإرادات، وهي الرافضة للعدو الصهيوني  وكل معاهدات العار معه التي أبرمت من خلف ظهر الشعب .

ولا عزاء للصامتين .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى