“المجد” والاحساس العالي بالكلمة

 

ارسلت الأسبوع الماضي مقالا يتحدث بعمق فلسفي عن حفل اليوروفيجن بالقدس واحتفالية صوفية مموسقة بضريح نبي الله شعيب لعدة مواقع إخبارية بالأردن المبتلى بعشرات منها، لا بل وقد تصل إلى 200 موقع يصح ان يوصف جلها باي نعت كان الا صفتها الصحفية.

فالمشكلة ان كل صاحب دكان اخباري بالبلد الذي يعاني شرذمة ثقافية وغياب بوصلة اخبارية وهرطقة دينية ببعض تلك البراكيات والكلاشيات التي يتلقى كثير منها تمويلاً خارجياً ،قد فتحت الباب على مصراعيه للطبقة الجديدة من رؤساء التحرير المفلسين ذاتيا.

وللتوضيح فان الاحساس العالي بالكلمة لدى الجورنالجي رقم واحد بالوطن العربي بعيد رحيل حسنين هيكل، هو ناشر وعراب “المجد” الأخ العزيز فهد الريماوي.. الصحيفة والمبتدأ والخبر بفنها وصنعتها وذربتها، الا وهو أستاذ الجيل القديم واخر رعيل ضم محمود الكايد وفهد الفانك وطارق مصاروة وغيرهم من القامات القومية العربية بساحتنا الأردنية.

اسهبت واسترسلت مادحاً لمن يستحق المدح فقط لا غير بهذا الشأن، حيث نشر مقالي بزاوية الثقافة فهو من الرعيل الأول ممن لا يحرّفون الكلم عن موضعه.

ان مجرد نشر مقالاتي بصاحبة الجلالة “المجد”القومية العربية الغراء، وهي ذات الإنتشار الواسع من المحيط إلى الخليج، يعيد لي بارقة الأمل بتوسيد الأمر لأهله من جديد ثقافيا واخباريا، وان تكون المجد بوصلة الإرتقاء المهني والثقافي لكل موقع إخباري يروم الريادة وقصب السبق لدى معاشر القراء الأكياس الذين يميزون الغث من السمين.

نحتاج لرؤساء تحرير من طينة هذا الجورنالجي المعتق بخمر القومية والقابض، لا القبيض، على جمر العروبة حتى المقال المليون، ونريد الكاتب النحرير الذي يقود القطيع الذي كثر فيه كتاب من وزن المتردية والنطيحة وما أكثرهم.

يحتاج الوطن اليوم لغربلة ثقافية فكرية عميقة وبيرسترويكا لإعادة إنتاج جيل جديد من الكتاب الجهابذه يقود الجماهير فكريا وسايكلوجيا وايديولجيا لما فيها إعادة الاعتبار للكلمة والحرف والاحساس العالي بالكلمة، كما تفعل مجدنا الغراء ليعود جيل الشباب القومي والوطني الهادر على وقع منتصف الخمسينات والستينات، لا جيل البلادة والكلمة السريعة بمواقع تقبض الثمن من خارج الحدود لنرى كل هذا التخريب الفكري والصلف الثقافي والعواء الإخباري الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، راجياً العذر لهذا النقد الذاتي الموجع لحالنا الوطني الإخباري الهزيل، الا من رحم ربي كالمجد الغراء، جفت الأقلام ورفعت الصحف.

0785294904 واتساب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى