قراءة سياسية.. اتصال ابن زايد بالاسد يفتح صفحة خليجية جديدة مع سوريا

اثار الاتصال الذي أجراه ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مع الرئيس السوري بشار الأسد، والذي عرض فيه دعم الإمارات لسوريا لمواجهة فايروس كورونا، عدة تكهنات حول الاسباب والدوافع الاخرى التي تتجاوز ما اعلنت الامارات وقالت أن الخلافات السياسية يجب أن توضع جانبا في حال أزمة مثل هذه.

وكانت وكالة الأنباء السورية “سانا” قد نقلت عن الرئاسة السورية أن اتصالا هاتفيا جرى بين الأسد والشيخ محمد بن زايد بحثا فيه تداعيات انتشار فايروس كورونا.

وأضافت الوكالة أن ولي عهد أبوظبي أكد للأسد “دعم الإمارات ومساعدتها للشعب السوري في هذه الظروف الاستثنائية”.

وقال ابن زايد في تغريدة على تويتر: “بحثت هاتفيا مع الرئيس السوري بشار الأسد تداعيات انتشار فايروس كورونا، وأكدت له دعم دولة الإمارات ومساعدتها للشعب السوري الشقيق في هذه الظروف الاستثنائية”.

وأضاف: “التضامن الإنساني في أوقات المحن يسمو فوق كل اعتبار، وسوريا العربية الشقيقة لن تبقى وحدها في هذه الظروف الحرجة”.

 

 

وقد اعتبر وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، امس السبت، أن في اتصال الشيخ محمد بن زايد بالرئيس السوري تجاوزا للحسابات السياسية الضيقة، قائلا “الظروف الاستثنائية المرتبطة بفايروس كورونا تتطلب خطوات غير مسبوقة، وتواصل الشيخ محمد بن زايد بالرئيس السوري هذا سياقه”.

كما أكد الوزير الإماراتي في تغريدة على توتير أن “البعد الإنساني له الأولوية وتعزيز الدور العربي يعبّر عن توجّه الإمارات، خطوة شجاعة تجاه الشعب السوري الشقيق تتجاوز الحسابات السياسية الضيقة”.

 

كما علّق وزير الخارجية اللبناني السابق جبران باسيل على الخطوة الإماراتية بتغريدة على تويتر قائلا “سوريا العربية الشقيقة لن تبقى وحدها في هذه الظروف الحرجة جملة واحدة تختصر كل صفات العربيّ الأصيل، فألف تحية لكل مبادرة إنسانية يقوم بها قائد عربي تجاه شعب عربي عزيز؛ والتحية غداً لكل خطوة مصالحة بين العرب”.

بعض المراقبين اعتبر مبادرة الإمارات نحو سوريا استكمالا لانفتاحها الطبي على ايران حيث تجاوزت بشكل مبكّر الدعم المعنوي للإيرانيين في مواجهة انتشار فايروس كورونا، إلى الانخراط العملي في جهود احتواء الوباء في بلدهم، وذلك من خلال مساعدتها منظمة الصحّة العالمية على إيصال إمدادات طبيّة إلى إيران.

وأشار ريتشارد برينان، مدير الطوارئ الإقليمي بالإنابة في المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في شرق البحر المتوسط، إلى أن المنظمة لم تكن تستطيع القيام بمهمة إيصال الدعم الطبي لإيران دون دعم دولة الإمارات. وقال “أبلغت إيران عن أكبر عدد إصابات بفايروس كورونا في الشرق الأوسط، وسوف تساعدها الإمدادات الطبية على احتواء الفايروس”، مضيفا “هذه الشراكة في منتهى الأهمية لمعالجة تلك الأزمة ونقدّر دعم دولة الإمارات لنا في هذه المهمة”.

اغلب المراقبين يجزمون أن كورونا ليست السبب الوحيد لاتصال محمد بن زايد آل نهيان مساء امس الاول الجمعة مع بشار الأسد، اذ ان الامارات كانت قد مهدت لعودة العلاقات مع سوريا منذ نهاية العام 2018، حيث كانت الامارات السباقة بين الدول الخليجية لاعادة العلاقات مع سوريا وبادرت إلى إعاد فتح سفارتها في دمشق في خطوة كان من شأنها أن تبرز عمق الانتصار الذي حققته سوريا خلال أزمتها وكيف تمكنت بفضل صمود جيشها وشعبها من فك عزلتها تمهيدا لأخذ دورها الطبيعي ومساحتها ومكانتها التي كانت تشغلها قبل الأزمة.

ومما يجدر ذكره هنا أن ابن زايد هو أول زعيم خليجي يجري اتصالا مباشرا مع الرئيس السوری بشار الاسد منذ اندلاع الحرب السورية، وهذه تعتبر خطوة هامة في سبيل كسر عزلة سوريا، وحتى لو كانت “حجة” الاتصال هي فيروس كورونا، وان ولي عهد أبو ظبي تحدث من مبدأ انساني لدعم سوريا، كما جاء في تغريدة وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، امس السبت، على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي، تويتر، حيث قال: “الظروف الاستثنائية المرتبطة بفيروس كورونا تتطلب خطوات غير مسبوقة، وتواصل الشيخ محمد بن زايد بالرئيس السوري هذا سياقه، البعد الإنساني له الأولوية وتعزيز الدور العربي يعبر عن توجه الإمارات، خطوة شجاعة تجاه الشعب السوري الشقيق تتجاوز الحسابات السياسية الضيقة”.

غير ان المراقبين يذهبون الى ان الاتصال له ابعاد أخرى سياسية يمكن تلخيصها بالتالي:

أولاً: المعادلات السياسية والعسكرية في المنطقة، بدأت تأخذ شكلا جديدا خاصة بعد انتشار فيروس كورونا، الذي سيمهد الطريق لحدوث تحولات كبرى على المستوى السياسي والاقتصادي، والامارات ما بعد كورونا ليست كما كانت قبله، خاصة وان اقتصادها سريع التأثر بمجريات الاحداث الاخيرة، ناهيك عن انها أجلت مشاريعها الاقتصادية الجديدة التي كان من المفترض أن تطرحها وتعمل عليها خلال معرض “اكسبو 2020” والذي تم تأجيله مؤخرا بسبب الاحداث التي حصلت التي رافقت انتشار فيروس كورونا، وبالتالي فإن مقاطعة سوريا ضمن هذه الاحداث لن تكون في صالحها.

ثانياً: سوريا خرجت من حربها منتصرة من دون ادنى شك، وهذا الأمر أعطى حجما كبيرا لسوريا لايمكن تجاهله وبالتالي لايمكن تجاوز سوريا في معادلة سياسية قادمة، خاصة بعد أن ضيقت الخناق على الارهابيين في ادلب وغيرها.

ثالثاً: لمصلحة ابن زايد التعاون مع سوريا، خاصة وان سوريا على عداء مباشر حاليا مع تركيا التي تهاجمها على حدودها الشمالية والشمالية الغربية، وتدعم المسلحين هناك وتعيق تقدم الجيش السوري، وبما ان العلاقات الاماراتية_التركية في أسوأ احوالها فإن من صالح الامارات دعم الاسد في هكذا مواجهة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الزيارة التي قام بها وفد حكومة المشير خليفة حفتر الليبية إلى دمشق، ولقاء الأسد، وتأكيد مواجهة الجماعات الإرهابية المرتبطة بالنظام التركي، في إدلب وفي طرابلس الغرب.

رابعاً: الولايات المتحدة الامريكية التي لديها انتخابات مقبلة تلوح في الافق، تعاني حاليا من تفشي فيروس كورونا بشكل مخيف في ولاياتها، وهذا الامر سيؤثر على مستقبل بقائها في الشرق الاوسط، وهي تمهد حاليا للانسحاب من سوريا والعراق نظرا لضخامة الفاتورة التي يجب ان تدفعها جراء بقائها في هذه الدول وبالتالي فإن الدول الخليجية لايمكنها الكثير التعويل على واشنطن في الفترة المقبلة.

خامساً: ممّا لا شكّ فيه، أن اتصال بن زايد بمثابة إعلان خليجي عن عودة العلاقات مع سوريا، كانت السعودية لا تزال تتهيّب التصريح عنه، وخصوصاً مع الجهود الروسية التي بُذلت في الأشهر الماضية، خلال زيارات وزير الخارجية سيرغي لافروف ونائبه بوغدانوف إلى الرياض. ويفتح إعلان بن زايد، الطريق أمام ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، لاتخاذ خطوات جريئة تجاه العلاقة مع سوريا، مع الإيجابية التي يبديها أمام المبادرات الروسية، مستفيداً أيضاً من خطر كورونا لتجاوز أي ضغط أميركي كانت تتلطّى السعودية خلفه سابقاً، لعدم اتخاذ خطوات عادلة تجاه سوريا بعد سنوات من التآمر عليها ودعم الجماعات الإرهابية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى