رهان سعودي على تغاضي تركيا تدريجياً عن حادثة خاشقجي جراء ازمتها المالية

لا يبدو أن العلاقات الدبلوماسية السعودية التركية ستكون في مهب الريح بسبب حادثة اختفاء الصحفي السعودي، جمال خاشقجي، الذي رجحت مصادر أمنية تركية لوكالات الأنباء العالمية أن يكون قد اغتيل وأخفيت جثته بعد مراجعته لقنصلية بلاده في إسطنبول بتركيا.

وبحسب مراقبين، فإن العلاقات الدبلوماسية بين البلدين ستكون أكبر من أن تؤثر عليها قضية اختفاء خاشقجي، بسبب الأوضاع الإقليمية والضغوطات العديدة التي تواجه تركيا وأبرزها الضغط الاقتصادي.

وقال مصدر تركي لوكالة رويترز، لم تسمه، إن “التقييم الأولي للشرطة التركية هو أن خاشقجي قتل في القنصلية ونعتقد أن القتل متعمد وأن الجثمان نقل إلى خارج القنصلية”.

ورفضت القنصلية الرواية التركية التي قالت إنها لم تصدر عن مسؤولين “مطلعين أو مخول لهم التصريح عن الموضوع”.

مدير مركز دراسات الشرق الأوسط، الدكتور أحمد أويصال، أشار في حديث لـموقع عربي21( المقرب من قطر) إلى أن المدخل إلى السياسة الخارجية السعودية هو أنك لا تستطيع أن تتنبأ بها أو تحللها بشكل منهجي أو موضوعي، لكن الأمر لا يتعلق بالجانب السعودي بقدر ما هو متعلق بالجانب التركي.

وأشار إلى أن الحادثة وقعت على الأراضي التركية، والكل يترقب الموقف التركي الآن أكثر من ترقب نظيره السعودي، والسيادة التركية هي المتضررة من هذا الحدث.

ولم يخف أويصال أن الموقف التركي محرج في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية، مؤكدا أن تركيا لن تكون راغبة في أي تصعيد يؤثر على العلاقات مع السعودية.

وأكد أن الأمر لن يصل إلى تصعيد تعقبه قطيعة دبلوماسية، وإن الجانب التركي قد يطالب بلجان للتحقيق، وربما يستدعي السفير لدى الرياض للتشاور، غير أن الحادثة لن تكون نقطة فارقة، أو سببا في قطع العلاقات مع المملكة العربية السعودية.

وعن ملف الأمن في تركيا، أكد أويصال أنه ملف حساس جدا في تركيا، وفكرة أن تبدو الأراضي التركية مستباحة للآخرين والأجهزة الخارجية شيء معقد.

وكرر أن الموقف التركي صعب، ولا تحسد عليه تركيا لكنها ستعمل بتوازن ولن تكون معنية بالتصعيد مع المملكة لأن ذلك يعني بالطبع تصعيدا مع عدد من الدول العربية الأخرى، وربما الإسلامية أيضا خصوصا التي تملك السعودية فيها نفوذا.

وأكد أن تركيا لن تذهب بعيدة برد الفعل، لكونها بحاجة إلى موازنة الملف الأمني، والملف الاقتصادي أيضا، وإن البلاد في وقت الأزمات لن تفتح جبهات جديدة تؤثر سلبا على وضعها الاقتصادي وإن تركيا ما زالت تبحث عن طرق للتعافي من الأزمة الأخيرة.

وأشار إلى أن الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة، كانت تستهدف في بعضها المواطن الخليجي، وإن كان هنالك تصعيد فسيكون متدرجا ولن يكون مفاجئا.

ورغم الزخم الإعلامي حول القضية، إلا أن السلطات السعودية التزمت بروايتها في نفي أن خاشقجي قتل في داخل القنصلية وتم تهريبه، وشددت على أنه غادر القنصلية بعد مراجعتها، وأن كاميرات القنصلية تصور محيط القنصلية فقط ولا تسجل المقاطع المصورة.

وتربط السعودية وتركية علاقات دبلوماسية لا ترقى لمستوى التحالفات الاستراتيجية، ولا تخلو من بعض الخلافات في عدد من الملفات كان آخرها الأزمة الخليجية التي فضلت تركيا الوقوف فيها إلى جانب قطر، لكنها لم تخسر السعودية بنفس الوقت.

وتربط البلدين بعض العلاقات الاقتصادية الجيدة، إذا يصل التبادل التجاري بين البلدين إلى 8 مليارات دولار سنويا، والسعودية هي ثاني أكبر بلد عربي في السياحة إلى تركيا بعد العراق، ويوجد مئات الشركات لكلا البلدين في كل منهما.

المحلل السياسي والخبير في العلاقات الدولية، أحمد أبو علي، وافق الدكتور أويصال بأن لا صدام دبلوماسيا سعوديا تركيا قريبا، وأن العمليات “السرية”، إن حصلت، فإنها لا تفسد العلاقات دوما بين الدول.

وأشار أبو علي لـ”عربي21” إلى واقعة سابقة، حين اغتالت روسيا ناشطين شيشان على الأراضي التركية، ورغم ذلك فإنها لم تفسد العلاقات التركية الروسية ولم تقطع العلاقات.

وأشار إلى أن هذه العمليات للدول في دول أخرى قد تفسد العلاقات مؤقتا، لكنها لا تصل إلى حد القطيفة في العلاقات الاستراتيجية والتحالفات.

وذكّر أبو علي بالضغوطات التي تعاني منها تركيا وأهمها الوضع الاقتصادي، إلى جانب الضغوطات من الطرف الروسي في سوريا، والضغط الأمريكي على الليرة التركية التي كان من شأنها كلها أن تضعف الطموح السياسي التركي على الصعيد الخارجي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى