هل يلاقي ترامب مصير نيكسون بالطرد من البيت الابيض ؟

تتصاعد وتتعقد مشكلة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع القضاء الأمريكي يوما بعد يوم، حيث يؤكد المراقبون أنّه في حال رفض ترامب لقاء محقق الـ “اف بي آي” روبرت مولر فسوف يواجه احد سيناريوهين اثنين.. السيناريو الأول وحسب محامي ترامب يتلخص بعدم دعوة ترامب إلى الإدلاء بشهادته أمام القضاء الأمريكي وبهذا تكون الدعوة قد انتهت وأغلقت ملفاتها، والسيناريو الثاني يتعلق بتقديم المستندات إلى المحكمة وهنا ينبغي على ترامب الحضور إلى قاعة المحكمة والإدلاء بشهادته، وهنا من المحتمل أن يُحوّل قرار ذهاب ترامب إلى المحكمة إلى الكونغرس الأمريكي ليقرر بدوره إمكانية ذهاب الرئيس إلى المحكمة أم لا، ومن المحتمل أيضاً أن تُرفع القضيّة إلى المحكمة الأمريكية العليا.

وكان عدد من المُحامين قد اوصوا ترامب خلال الأيام القليلة الماضية بأن لا يقبل إجراء أي مقابلة مع المُحقق مولر، وهو المُكلّف بالتحقيق بالتدخل الروسي بالانتخابات الأمريكية 2016، وكانت حجتهم في ذلك أنّ الرئيس من الممكن أن يقول أشياء قد تُحسب عليه وتُؤخذ ضدّه في المستقبل، حيث أشار المُحامي “جون داد” ومساعده “جي سكولوف” إلى أنّهم طلبوا من الرئيس ترامب رفض إجراء أي مقابلة، هو أو أي أحد من موظفي البيت الأبيض.

وبعد الكشف عن المراسلات السريّة لـ” هيلاري كلينتون” من قِبل جيمس كومي رئيس الـ “اف بي آي” إبان الانتخابات الأمريكية 2016، أُثير موضوع التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية على نحوٍ واسع ومستمر، وبعد وقت قصير من الانتخابات، اتهمت وكالة المخابرات المركزية (سي آي ايه) رسميا الحكومة الروسية بالتدخل في الانتخابات الأمريكية، وذلك من خلال بعض الإجراءات التي تُرجح انتصار ترامب على منافسته هيلاري كلينتون.

وفي وقت لاحق من العام 2017، وافق ممثلو الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونغرس على تعيين الرئيس السابق لمكتب التحقيقات الفدرالي كمدعي عامي ومستشار خاص للتحقيق في تهم تورط روسيا في الانتخابات الأمريكية وعلاقتها بحملة ترامب الرئاسية.

والمسألة المهمة لخوف مُحامي ترامب من هذه المقابلة هو أن يتحدث ترامب بكلام في غير مصلحته، الأمر الذي سيؤثر على رئاسته بشكلٍ كبير، وأكدت صحيفة “نيويورك تايمز” نقلا عن مصادر على اطلاع بتفاصيل القضيّة أن مُحامي ترامب يخشى من حديثه أمام مولر، حيث من الممكن أن يتحدث الرئيس الامريكي “بحكم العادة” بكلام متناقض ومخالف للواقع، وفي هذه الحالة من الممكن أن يُتهم ترامب بالكذب وأن يُستجوب بناءا على هذه الأكاذيب، وفي الشهر الماضي كان ترامب قد أعلن استعداده للمثول أمام القضاء وحلفان اليمين.

وفيما يخص ملف تدخل روسيا في الانتخابات الأمريكية، يمكن تقسيم المناخ السياسي العام في أمريكا إلى ثلاثة مجموعات، المجموعة الأولى تضم ترامب والأشخاص المُقربين منه، حيث أكدوا خلال مقابلة مع شبكة فوكس نيوز أن مسألة التدخل الروسي في الانتخابات مثيرة للضحك، متهمين في الوقت ذاته وسائل الإعلام والجو الديموقراطي في أمريكا بتلفيق هذه الأكاذيب، وتعتقد هذه المجموعة أنّ الـ “اف بي آي” ووزارة العدل الأمريكية على خصومة مع الرئيس، ويعملون على تنحيته من منصبه، ويعمل البيت الأبيض حالياً على سحب الوثائق الخاصة بعملية التنصت غير القانونيّة الخاصة بأحد المُقربين من ترامب.

أما المجموعة الثانية فتضم معارضي دونالد ترامب المتشددين، وتؤكد هذه المجموعة أن انتصار ترامب ناتج عن دعم روسيا وتدخلها في الانتخابات، بالإضافة لما أعلنه جيمس كومي -رئيس الـ “اف بي أي” إبان الانتخابات الأمريكية 2016- في الأسبوع الأخير من الانتخابات بخصوص المراسلات المسربة للمرشحة الرئاسية هيلاري كلينتون.

وتضم هذه المجموعة عدداً من أعضاء الحزب الديموقراطي في الكونغرس الأمريكي، ومنهم “آل غرين” النائب عن ولاية تكساس، وهو أحد الذين طالبوا باستجواب ترامب أمام الكونغرس، غير أنّ طلبه هذا لم يحظَ بأغلبية أصوات الكونغرس.

وعلى الرغم من أن طلب “آل غرين” جوبه بالرفض؛ غير أنّ 58 من أعضاء الكونغرس كانوا من الموافقين على ذلك الاستجواب، مؤكدين في الوقت ذاته على أنّ الأعمال التي قام بها ترامب خلال السنة الأولى من ولايته أدت إلى انتهاكات كبيرة ويمكن أن تُعتبر هذه الانتهاكات بمثابة جريمة قام بها ترامب، وتؤيد المجموعة وبقوة التحقيقات التي يقوم بها مكتب التحقيقات الفدرالي ووزارة العدل، وخاصة روبرت مولر، وذلك لتأييد أقوالهم بعجز ترامب عن القيام بالمهام الرئاسية.

أما المجموعة الثالثة فتتضمن خبراء الكونغرس (مجلس النواب ومجلس الشيوخ) ويطالب هؤلاء بإنجاز التحقيق في التدخل الروسي بعيداً عن التدخلات السياسية، وعلى الرغم من أنّ أعضاء هذه المجموعة ربما كانوا من معارضي ترشح ترامب للرئاسة؛ وترى هذه المجموعة أيضاً إنّه وخلال هذه الأحداث والجو المشحون والشك الكبير؛ خلق حالة من عدم الثقة في المؤسسات الأمنية والشرطة والقضاء، وهذا الأمر برأيهم يصب بمصلحة أعداء الولايات المتحدة والسياسات الروسية.

وفي النهاية، إذا لم يقابل ترامب المحقق مولر وفقا لنصيحة محاميه، فإنّه سيواجه سيناريوهين، الأول وفقاً لمحامين ترامب؛ ألا يريد مولر أن يقدم ترامب شهادته أمام المحكمة، وهنا سيتم التعامل مع القضية على أنها مغلقة، أما السيناريو الثاني فهو أن يُصرّ مولر على أن يُدلي ترامب بشهادته أمام المحكمة، وهنا من المحتمل أن يُحوّل قرار ذهاب ترامب إلى المحكمة إلى الكونغرس الأمريكي ليقرر بدوره إمكانية ذهاب الرئيس إلى المحكمة أم لا، ومن المحتمل أيضاً أن تُرفع القضيّة إلى المحكمة الأمريكية العليا.

ولا ننسى أنّه وفي عام 1974، وخلال فضيحة “ووترغيت”؛ حكمت المحكمة العليا بأن يوافق الرئيس ريتشارد نيكسون على طلب المجلس المثول أمام المحكمة، وفي الحالة الثانية؛ وعلى الرغم من وجود تجارب سابقة في الانتخابات الرئاسية الأمريكية السابقة “بيل كلينتون”، فإنه وفي مثل هذا الموقف المعقد من الممكن والمرجح أيضاً أن يقدم الرئيس الأمريكي استيضاحاً حول الاتهامات الموجهة له، وسيكون معرضاً أيضاً لتوجيه التهمة له بشكلٍ مباشر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى