في ذكرى قيام الجمهورية العربية المتحدة.. المنتدى العربي: لا خلاص لامتنا الا بالعودة الى تبني المشروع الوحدوي النهضوي

في الذكرى الخامسة والستين لقيام الجمهورية العربية المتحدة، اصدر المنتدى العربي في الاردن البيان التالي..

** في الثاني والعشرين من شهر شباط /فبراير 1958 أُعلن عن قيام الجمهورية العربية المتحدة بين قطرين عربيين اساسيين احدهما في اسيا العربية هو سوريا ، والثاني في افريقيا العربية هو مصر، وذلك لمواجهة التحديات والمخططات الاستعمارية الغربية الرامية انذاك لجذب الجمهورية العربية السورية للانضواء في خانة الاحلاف الاستعمارية، التي كانت تدعو لها الولايات المتحدة ، قبل وبعد فشل العدوان الثلاثي على مصر، وتسعى لاستلام قيادة المعسكر الغربي، بعد فشل ذلك العدوان والالتفاف الشعبي العربي الكبيرالذي كان شعاره (من مراكش للبحرين شعب واحد لا شعبين) ،حول القيادة الشابة للرئيس جمال عبد الناصر، ولم تجد القيادتان العسكرية والسياسية في سورية العربية في ذلك الوقت سبيلا لمواجهة تلك المخططات التي تجسدت بالاعتداءات الاسرائيلية على منطقة الجولان، والتحرشات التركية الاطلسية بالشمال السوري ، سوى الاستعانة بالقيادة العربية الثورية في مصر العروبة، التي بدأت تتبنى وترعى مشروعا عربيا نهضويا يجسد الهدف القومي العربي الكبير بقيام دولة عربية واحدة تجمع اقطار الوطن العربي في اسيا الى شقيقاتها اقطار الوطن العربي في افريقيا، تحديا للمخطط الاستعماري الرئيس الذي زرع الكيان الصهيوني الغاصب في قلب وطننا العربي في فلسطين المحتلة، ليفصل اسيا العربية عن افريقيا العربية، بعد ان امعنت الدول الغربية الاستعمارية في تمزيق اجزاء هذا الوطن في القارتين الى دول ودويلات ومحميات، لتضمن استمرار تبعيتها للأجنبي ،و استمرار استغلالها ونهبها لثرواتها ،منعا لتقدمها وتهديدا دائما لامنها .
وشكلت هذه الوحدة نموذجا تقدميا لبناء دولة عربية حديثة على اسس تقدمية وشعبية جذبت اهتمام والتفاف الجماهير العربية من مشرق الوطن العربي الى مغربه، وخلال ثلاث سنوات ونيف من عمر هذه الوحدة كان الكيان الصهيوني يعيش حالة رعب من امكانية تمدد هذه الدولة لتضم اقطارا عربية اخرى اليها، على طريق خنق هذا الكيان ، الذي صرّح قادته ، بأنه اصبح بين فكي كماشة تكاد تطبق عليه ،كما جرى في معركة التوافيق عام 1959 ، ولذا فقد قامت القوى المتضررة من قيام الوحدة بالتعاون مع الكيان الصهيوني، وبتخطيط ودعم استعماري واضح بالعمل على فك عرى هذه الوحدة، باستغلال بعض نقاط الضعف التي ترافقت مع القيام السريع لدولة الوحدة ،ونجحت للاسف في ذلك.
ورغم مرارة الانفصال فقد ابقى الرئيس عبد الناصر، رائد المشروع العربي النهضوي الحديث ، على تبنيه ودعمه لهذا المشروع المتكامل، وكانت ابرز نجاحاته كنس الاستعمار الفرنسي من الجزائر والنجاح في دعم ثورة اليمن التي نقلت هذا القطر من اجواء العصور الوسطى الى اجواء العصر الحديث، كما استمر في ملاحقة سلطات الاستعمار البريطاني في جنوب اليمن والخليج العربي حتى خرجت مهزومة امام مقاومة شعبية مدعومة من الجمهورية العربية المتحدة بقيادة الرئيس عبد الناصر.
هذه السياسات الناجحة للرئيس عبد الناصر قادت التحالف الاستعماري الصهيوني الرجعي الى محاولة التحرش مجددا بالجمهورية العربية السورية، استدراجا للرئيس عبد الناصر في وقت تنشغل فيه قواته بالدفاع عن الجمهورية الوليدة في اليمن، مما ادى لعدوان 1967 ، الذي واجه الرئيس عبد الناصر نتائجه المريرة في مؤتمر الخرطوم باللاءات الثلاث (لاصلح ، لا تفاوض، ولا اعتراف بالكيان الصهيوني) ، والاعداد لاعادة بناء الجيش عددا وعدة على احدث قواعد العلم العسكري المعاصر ، ولكن القدر لم يمهله ليقطف ثمار ما بنى خلال ثلاث سنوات من هزيمة عام 1967 ، بعد ان كان قد وضع الاسس الكفيلة بمواجهة جديدة ناجحة مع العدو الصهيوني، ظهرت نتائجها واضحة في عام 1973 ، لولا الخيانة والانحراف الساداتي عن اهداف المشروع العربي النهضوي وخروجه على لاءات الخرطوم باتفاقية كامب ديفيد، التي فتحت الباب واسعا للقيادات العربية المتخاذلة للسير على ذات الطريق وفي مقدمتها للاسف قيادة منظمة التحرير الفلسطينية.
واليوم ، وفي هذا الواقع العربي المؤلم، وبعد ضرب مصادر القوة العربية التاريخية في القاهرة وبغداد ودمشق ومحاولة اخراجها من ساحة الفعل العربي المؤثر، وبالرغم من كل عوامل الاحباط التي قد تدفع الى تثبيط العزائم والهمم، نجد ان لا خلاص لامتنا الا بالعودة الى تبني مبادئ المشروع العربي النهضوي الذي جسّده الرئيس عبد الناصر ، ولنا في الموقف الشعبي والرسمي العربي السوري ، وموقف بعض الدول العربية وفي مقدمتها الجزائر، والدول الحليفة والصديقة ، مثلا يحتذى في تبني قوى المقاومة العربية والاسلامية ، على امتداد الوطن العربي، المتصدية للكيان الصهيوني عامة، ولقوى المقاومة في فلسطين و لبنان، ودعمها من الدول العربية القادرة والدول الحليفة والصديقة، مدخلا لابد منه لاستمرار مواجهة الكيان الصهيوني الغاصب وحلفائه من الدول الاستعمارية الغربية وقائدتها الولايات المتحدة الامريكية، ونرى ان دولا كالجزائر والعراق وتونس يمكن ان تقوم بدور اكبر في دعم هذا الاتجاه والعمل على ابقاء التواصل البري بين سورية والعراق ، والعمل على كسر الحصار الدولي الجائر وغير الشرعي على الشعب العربي في سوريا وقيادته، مع التأكيد مجددا على اهمية دور مصر العربي، الذي غيًّبه الرئيس السادات والقيادات المصرية التي خلفته ، حيث لا بديل عن دور عربي فاعل لمصر في محيطها العربي والافريقي والاسلامي ، مجددين الدعوة للقوى العربية التقدمية في مصر، وفي مقدمتها القوى الناصرية، ان تكون معركتها الرئيسية القادمة، هي استعادة مصر لدورها القائد في الدوائر العربية والافريقية والاسلامية، التي تحدث عنها الرئيس عبد الناصر في كتابه ” فلسفة الثورة” ، وان ما اخذ بالقوة لا يسترد الا بها ، وان اول عناصر القوة هو وحدة العمل العربي المشترك لتحقيق اهداف امتنا العربية في الحرية والوحدة والاشتراكية واسترداد اجزاء الوطن السليبة، وفي مقدمتها فلسطين الحبيبة، عاشت وحدة امتنا العربية وعاشت وحدة وطننا العربي من المحيط الى الخليج، والمجد والخلود لشهداء امتنا الابرار.

عمّان في 22/2/2023

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى