المدن المغربية تشهد سلسلة تظاهرات إحتجاجية على موجة الغلاء المهول وتدهور القدرة الشرائية للطبقة العاملة/ فيديو

تسبب الغلاء وارتفاع أسعار المواد الغذائية بالمغرب، في موجة من “التظاهرات المتزامنة”، بعد اتهامات للحكومة بعدم اتخاذ إجراءات كافية لدعم المواطنين من الطبقتين الفقيرة والمتوسطة، بينما ينقسم خبراء حول تداعيات هذه التحركات وإمكانية توسعها.

فقد شهدت مدن مغربية عدة، احتجاجات ضد “موجة الغلاء المهول وارتفاع أسعار المواد الأساسية والمحروقات، وتدهور القدرة الشرائية للطبقة العاملة”، وفقا لـ”وسائل إعلام مغربية”.

وخرجت التظاهرات التي دعت إليها الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، في العاصمة الرباط، والدار البيضاء ومراكش وتطوان، والجديدة ووجدة والداخلة، وطنجة والعيون وأكادير، حسب موقع “هسبريس” المغربي.

غليان في الشارع المغربي
ويشير الكاتب الصحفي المغربي، محمد عادل التاطو، إلى أن تلك الاحتجاجات “جاءت بتنظيم هيئات يسارية وحقوقية بالشراكة مع الكونفدرالية الديمقراطية للشغل” في ظل احتجاجات مستمرة ضد ارتفاع الأسعار في المغرب منذ بداية العام الجاري.

وفي تصريحات صحفية، يتحدث عن “ارتفاع أسعار غير مسبوق لمعظم السلع الأساسية والمواد الاستهلاكية الأساسية والمحروقات والمواد الفلاحية” بالإضافة لنقص في توفر “الحليب”.

وتسبب ذلك في حالة “غضب وغليان وسخط بالشارع المغربي”، وهو ما بات واضحا من خلال التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي والنقاشات بين المواطنين، وفقا لحديث التاطو.

ويتابع: “الحكومة المغربية ترجع ذلك إلى تأثر البلاد بتداعيات خارجية وعلى رأسها الحرب الروسية الأوكرانية، بينما تتهمها المعارضة بعدم اتخاذ إجراءات كافية لدعم الطبقة الفقيرة والمتوسطة”.

وهو ما يؤكده الباحث السياسي المغربي، عبدالسلام المساتي، الذي يشير إلى “غلاء أسعار جميع المواد الأساسية ما آثار غضب الشارع”.

وفي حديث صحفي، يرجع أسباب ذلك الغلاء إلى ارتفاع أسعار النفط وحركة نقل جميع السلع”، وهو ما يؤثر على الطبقتين الفقيرة والمتوسطة.

وقد شهد المغرب ارتفاعات كبيرة خلال الأشهر الماضية في أسعار الوقود والمواد الغذائية والخدمات بسبب تداعيات جائحة كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا، فضلا عن جفاف استثنائي ضرب المملكة هذا العام، وأدى إلى تراجع توقعات النمو لهذه السنة إلى 0,8 بالمئة فقط، وفق المصرف المركزي.

وتسارع معدل التضخم في المغرب منذ بداية العام ليبلغ 8 بالمئة في أغسطس، على أن يصل 6,3 بالمئة كمعدل إجمالي لهذا العام مقابل 1,7 بالمئة فقط العام الماضي، بينما يعول على تراجعه إلى 2,5 بالمئة العام المقبل، وفقا لما نقلته “فرانس برس” عن المصرف المركزي.

وارتفع مؤشر الأسعار بالنسبة للمواد الغذائية، خلال عام، بمعدل بلغ +14,7 بالمئة في سبتمبر، وفق معطيات رسمية.

وتسبب غلاء أسعار الوقود أيضا في انتقادات حادة لرئيس الحكومة، عزيز أخنوش، الذي يملك إحدى أهم شركات توزيع المحروقات في المغرب، وفقا لـ”فرانس برس”.

ماذا فعلت الحكومة؟
في 19 أكتوبر، أقرت الحكومة المغربية, إطلاق صندوق سيادي بقيمة 4.1 مليار يورو “لإضفاء دينامية جديدة على الاستثمار العمومي” في مواجهة الأزمة الاقتصادية في البلاد، بحسب ما أعلن الديوان الملكي.

وقال الديوان في بيان إنه خلال جلسة لمجلس الوزراء برئاسة الملك، محمد السادس، تقرر “تفعيل صندوق محمد السادس للاستثمار” الذي أنشئ في 2020.

وسيُرفد الصندوق بـ45 مليار درهم (4.1 مليار يورو)، ثلثها مصدره ميزانية الدولة والثلثان الباقيان من كيانات استثمارية وطنية ودولية.

لكن عضو المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل بالرباط، عثمان باقة، قال إن “الحكومة لم تتخذ أي مبادرات لمحاربة الغلاء، وتركت المغاربة يواجهون ارتفاع الأسعار بمفردهم”، وفقا لموقع “هسبريس”.

ومن جانبه يؤكد التاطو أن الحكومة المغربية باشرت باتخاذ عدة إجراءات لمواجهة الأزمة، متحدثا عن “شروعها في تقديمها دعم مالي مباشر للأسر الفقيرة والمعوزة”.

وانطلقت الحكومة المغربية في “عملية إحصائية كبرى” لتحديد من “يستحق الدعم”، فضلا عن “تعميم التغطية الصحية على جميع المواطنين سواء العاملين بالقطاع العام أو الخاص أو العاطلين عن العمل”، وفقا لحديث التاطو.

لكن المساتي يشكك في “جدوى تلك الحلول” بعد لجوء الحكومة لـ”تقديم الدعم النقدي المباشر للأسر المحتاجة”، لكنها في مقابل هذا “سترفع الدعم عن مواد استهلاكية”.

ولا يمكن أن يكون ذلك “حلا جذريا” ولا يمكن أن يشمل الدعم “جميع الأسر المغربية”، وفقا لحديث المساتي.

حراك فبراير 2011
ولم تشهد المغرب “حركة احتجاجية موسعة” منذ حراك فبراير 2011، ولا توجد “حاضنة شعبية للاحتجاجات التي تمر بها البلاد حاليا ولم يشارك بها عدد كبير من المواطنين رغم غضبهم على مواقع التواصل الاجتماعي”، .

ففي عام 2011، خرج آلاف المتظاهرين بالعديد من المدن المغربية في مظاهرات دعت إليها حركة شباب 20 فبراير التي تطالب بتغييرات سياسية “عميقة” والحد من نفوذ الملك محمد السادس، وفقا لـ”فرانس برس”.

وعلى إثر ذلك، أعلن الملك محمد السادس إصلاحات دستورية ترمي إلى تخليه عن بعض صلاحياته الواسعة والحفاظ على استقلال القضاء.

لكن على جانب آخر، يتوقع المساتي، توسع نطاق حركة الاحتجاجات في الأيام القادمة لتشمل عموم المدن المغربية بعدما اقتصرت في السابق على المدن الكبرى.

وقد يرفع المحتجون مطالب بـ”تدخل الملك محمد السادس” لحل الأزمة، وإجراءات تعديلات في “الحكومة” لكن الأمر لن يتطور أو يتجاوز ذلك، وفقا لحديث المساتي.

وحسب حديثه فأن “المجتمع المغربي يؤمن أن المحيط السياسي هو السبب الرئيسي في الأزمات التي تمر بها البلاد وما وصلت إليه المغرب”، ولذلك سيكون “هناك سقف لتلك الاحتجاجات”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى