كشفت الشرطة الأمريكية هوية الشخص الموقوف على خلفية إطلاق النار في متجر “والمارت” بمدينة إل باسو في ولاية تكساس امس السبت.
وقال روبيرت غوميز، الضابط في شرطة إل باسو في مؤتمر صحفي، إن الشرطة تحقق مع موقوف واحد، وهو رجل عمره 21 عاما، صاحب بشرة بيضاء ويدعى باتريك كروزياس.
وأضاف أن المشتبه به ينحدر من ولاية تكساس، ومسكنه يبعد عن مكان الحادث بنحو 10 ساعات.
وأكدت الشرطة مقتل شخص واحد في الهجوم، مشيرة إلى أن أعداد القتلى غير مؤكدة حتى الآن، لكنها كبيرة.
من جهتها، ذكرت قناة “سي إن إن”، نقلا عن مصادر أمنية، أن مطلق النار قدم من مدينة ألين الواقعة بضاحية دالاس، بولاية تكساس.
وبخصوص دوافع الموقوف، أفادت وسائل إعلام بأنه نشر قبل فترة من قيامه بإطلاق النار الذي أسفر عن مقتل وإصابة عشرات الأشخاص في صفوف المتسوقين، تغريدة على حسابه في “تويتر” أعرب فيها عن دعمه للهجوم المسلح على مسجدين في مدينة كرايست تشيرتش بنيوزيلندا منتصف مارس الماضي، الذي نفذه الأسترالي برانتون تارانت الحامل لفكرة “تفوق العرق الأبيض”.
ونشرت مواقع التواصل الاجتماعي صورا للمشتبه به التقطتها كامرات مراقبة.
وكان حاكم ولاية تكساس الأميركية جريج أبوت، قد اكد أن 20 شخصاً قتلوا وأصيب أكثر من 24 آخرين في إطلاق نار بمجمع تجاري بمدينة إل باسو.
وقتل مسلح عدة أشخاص عند متجر لوول مارت في مدينة إل باسو بولاية تكساس يوم أمس (السبت)، واحتجزت الشرطة مشتبهاً به بعد أحدث إطلاق نار عشوائي في الولايات المتحدة والذي دفع المتسوقين للهرب.
وكان العديد من الذين شهدوا الواقعة يشترون مستلزمات العودة للمدارس.
وقال السارجنت روبرت جوميز من شرطة إل باسو للصحافيين، إن السلطات استبعدت فكرة وجود أكثر من مطلق للنار، مضيفاً أن التقارير الأولية تشير إلى أن المسلح استخدم بندقية.
وأضاف أن المشتبه به شاب أبيض في العشرينيات من عمره، وأن الشرطة ألقت القبض عليه دون مقاومة.
ونشرت محطة(كيه.تي.إس.إم) التلفزيونية في إل باسو على موقعها الإلكتروني ما وصفته بصورتين للمشتبه به التقطتها الكاميرات الأمنية لدى دخوله وول مارت.
وظهر في الصورتين شاب أبيض يضع نظارة على عينيه ويرتدي سروالا وقميصا داكنا ويشهر بندقية. وكان يضع على أذنيه واقياً على أذنيه.
من جهته، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب على حسابه في “تويتر”، إن التقارير الواردة من إل باسو “سيئة جداً لأن كثيرين لقوا حتفهم”.
وأضاف: “تحدثت مع الحاكم للتعهد بالدعم الكامل من جانب الحكومة الاتحادية .. الله معكم”.
وأبلغت عضو مجلس النواب فيرونيكا إسكوبار، وهي ديمقراطية من إل باسو، (سي.إن.إن) بأن عدد الضحايا “صادم”.
وقال ريان ميلك المتحدث باسم مركز إل باسو الطبي الجامعي إن من بين الجرحى الذين وصولوا إلى المستشفى طفلان نقلا إلى مستشفى إل باسو للأطفال، مشيراً إلى أن بعض المرضى أجريت لهم جراحة في حين كانت حالة البعض الآخر مستقرة.
وقالت إدارة شرطة إل باسو إن الوضع ما زال متطوراً حول مركز سيلو فيستا التجاري القريب من وول مارت، إلا أنها أوضحت أن الأمر لا يشكل تهديداً مباشراً على حياة الناس.
وطُلب من الناس الذين لا يستطيعون الاتصال بذويهم التوجه لمركز للم شمل الأسر في مدرسة إعدادية بدلاً من التوجه إلى المركز التجاري.
وكان المدعي العام في تكساس كين باكستون، قد أعلن أن عدد القتلى الناتج عن حادث إطلاق النار يتراوح مابين 15 إلى 20 شخصاً.
وقال باكستون لمحطة سي بي إس: ” العدد المحتمل يتراوح بين 15 إلى 20″، مشيراً إلى أن العدد “يمكن أن يتغير في أي دقيقة”.
وفي تغريدات لاحقة قال ترمب: “إن إطلاق النار اليوم في إل باسو، بولاية تكساس ليس فقط مأساويا، إنه كان عملا جبانا. أعلم أنني أقف إلى جانب كل شخص في هذا البلد لإدانة عمل اليوم البغيض”.
وأضاف ” لا يوجد أي سبب أو عذر يبرر مطلقاً قتل الأشخاص الأبرياء. ميلانيا وأنا نرسل تعازينا القلبية وصلواتنا لشعب تكساس العظيم”.
وقبيل إقدامه على الجريمة، نشر هذا السفاح بيانا عبر فيه عن كرهه للمهاجرين، الذين يرى فيهم أكبر خطر على مستقبل بلاده.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن جارة سابقة له أن الرجل كان وحيدا منعزلا جدا، لا يتواصل مع أحد تقريبا، ويسيئ الكلام دائما عن أصحاب عمره الذين انخرطوا في فعاليات رياضية أو موسيقية بالكلية التي درس فيها.
وفي صفحة له على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، كتب كروزياس في وقت سابق أنه لا تطلعات له أبعد من التمتع بالحياة العادية، وأن العمل بشكل عام شيء مفرح، وأنه يتطلع لمهنة في تكنولوجيا الكمبيوتر، كونه يقضي 8 ساعات يوميا وراء الكمبيوتر.
وأضاف أنه لم يشارك أبدا في النشاطات خارج البرنامج الدراسي في الكلية بسبب “افتقارها للحرية”.
وأعلن كروزياس عن نيته تنفيذ الهجوم في بيان مكون من 4 صفحات مليء بالأخطاء المطبعية والنحوية نشره تحت عنوان “الحقيقة المزعجة” قبل نصف ساعة تقريبا من الهجوم، وقالت الشرطة إنه رغم علمها بصدور المنشور، لم يكن لديها متسعا من الوقت لتحديد هوية الناشر وهدف الهجوم المحتمل.
وقال سفاح تكساس: “طوال حياتي كنت استعد لمستقبل لم يعد موجودا حاليا”
ويكشف بيان كروزياس عن خيبة أمل وإحباط ممزوجين بالغضب إزاء الواقع الأمريكي لدى شخص اعتنق الفكر العنصري وعقيدة تفوق العرق الأبيض.
فقد نقلت قناة “أي بي سي” عن مصادر أمنية، أن كروزياس أكد أنه كان ينوي قتل أكبر عدد ممكن من المكسيكيين، دون المساس بالأمريكيين. وأضاف: “لو شرعت في قتل الأمريكيين، لترك ذلك صدى أكبر بكثير من استهدافي للمكسيكيين، إلا أنني لم أفكر أبدا بالإقدام على المساس بحياة أبناء جلدتي الأمريكيين”.
ومن سخرية القدر، تبين أنه لم يكن في المتجر المنكوب سوى 3 مكسيكيين بين القتلى الـ20 الذين سقطوا في الهجوم.
وفي بيانه، زعم كروزياس بأن هجومه كان ردا على الغزو “الهسباني” في إشارة إلى المنحدرين من دول أمريكا اللاتينية، الذين يعتبر تدفقهم على الولايات المتحدة سببا رئيسا لـ”تعفن” البلاد من الداخل.
ويبرئ كروزياس نفسه من أي ذنب في قتل “الهسبان”، ويقول: “هم المحرضون الحقيقيون وما أفعله أنا هو دفاع عن بلدي من الاستبدال الثقافي والعرقي الذي يحمله الغزاة”.
ويؤكد كروزياس تأييده لسفاح نيوزيلاندا برينتون تارانت والأفكار الواردة في بيانه “الاستبدال العظيم”، مشيرا إلى أن “الهسبان” لم يكونوا في دائرة استهدافه قبل أن اطلع على ذلك البيان.
وعبر كروزياس عن معارضته للزواج المختلط، معتبرا أنه “يدمر التنوع العرقي ويتسبب في أزمة الهوية” وأضاف أنه يرفض فكرة “ترحيل أو قتل جميع الأمريكيين غير البيض” كون الكثيرين منهم قد استقروا في البلاد منذ زمن طويل وأسهموا في بناء أمريكا، ويرى أن الحل الأنسب يتمثل في تحويل الولايات المتحدة إلى كونفدرالية وتقسيمها إلى كيانات إقليمية منفصلة على أن يكون لكل عرق كيان واحد على الأقل.
وتوصل كروزياس إلى استنتاج أنه ليس هناك من وسائل سلمية لوقف انهيار الدولة الأمريكية في ظل خذلان الديمقراطيين والجمهوريين لها على مدى عقود، والذين اتهمهم بالتواطؤ أو التورط في “أكبر خيانة” للجمهور الأمريكي في التاريخ.
وهاجم البيان بشكل خاص الحزب الديمقراطي باعتباره مؤيدا للهجرة والمهاجرين، لكنه لم يستثن الجمهوريين من انتقاداته، مشيرا إلى أن هناك دوائر في ذلك الحزب ترتبط بالشركات الكبرى التي لها مصلحة في استمرار الهجرة، مع أنه أقر بأنه في ظل حكم الجمهوريين يمكن تحجيم ظاهرة الهجرة الجماعية.
وفي هذا الصدد، يحاول كروزياس الفصل بين سياسات الرئيس ترامب وهجومه، ويقول إن “بعض الناس ووسائل الإعلام “الكاذبة” سيلومون ترامب وخطابه حول الهجرة بعد الهجوم، “لكن الأمر ليس كذلك”، مشددا على أن فكرته “لم تتغير منذ عدة سنوات”، وأن آراءه حول الهجرة ومواضيع أخرى تسبق ترامب وتوليه الرئاسة.
لكن أمريكيين كثيرين يلمسون صلة مباشرة بين خطاب ترامب وجرائم الكراهية ضد المهاجرين، حيث ذكّر رواد على شبكات التواصل بأن ترامب هو الذي اعتاد على الحديث عن “غزو” يزحف على الولايات المتحدة من وراء الحدود المكسيكية.
كما أعادت مجزرة إل باسو إلى الواجهة مجددا قضية أنتشار السلاح في أيدي الأمريكيين والمخاطر الناجمة عن ذلك، حيث خرجت في واشنطن فور وقوع الهجوم مظاهرات حاشدة تطالب السلطة بالتحرك العاجل من أجل وضع حد للجرائم باستخدام الأسلحة النارية في البلاد.