السلطات السعودية تلتزم الصمت ولكن المعارضة مضاوي الرشيد ترجح  التحضير لإعدام 3 دعاة

 الخبر الذي نشره موقع “ميدل إيست آي” إزاء تكهنات بشأن احتمال تنفيذ السلطات السعودية عقوبة الإعدام بحق ثلاثة دعاة بارزين معتقلين منذ أكثر من سنة بعد شهر رمضان مباشرة، أثار مخاوف كبيرة لدى معارضين وحقوقيين داخل وخارج المملكة، رغم أنه لم يتم التأكد من صحته لحد الساعة من جهة موثوقة رسمية أو غير رسمية.

وكان موقع “ميدل ايست آي” البريطاني قد أشار في تقرير وصفه “بالحصري” إلى أن السلطات السعودية تتجه إلى إصدار أحكام بالإعدام على ثلاثة دعاة بارزين، وتنفيذ الحكم فيهم بعد انقضاء شهر رمضان مباشرة. واستند الموقع في تقريره إلى ما وصفهما بـ “مصدرين حكوميين” دون كشف هويتهما. كما أشار الموقع إلى مصدر ثالث من بين أقارب أحد المعتقلين الثلاثة و أيضا دون كشف هويته.

أسماء بارزة عربياً واسلامياً

والأسماء الثلاثة، التي ذكرها الموقع في تقريره، ليست معروفة في السعودية وحدها، بل تجاوزت شهرتها إلى خارج حدودها، إلى العالمين العربي والإسلامي. والأمر يتعلق، حسب الموقع البريطاني، بثلاثة من أبرز الدعاة وهم: الشيخ سلمان العودة والشيخ عوض القرني والشيخ علي العمري.

وتم اعتقال الشيوخ الثلاثة في إطار حملة على علماء دين ودعاة وقادة رأي في أيلول/سبتمبر 2017. كما تم عرضهم على القضاء السعودي لكن في جلسات سرية حيث طالبت النيابة العامة بفرض عقوبة الإعدام بحقهم بعد أن وجهت إليهم تهما تتعلق بالإرهاب.

وكان الموعد المقرر لأحدث جلسة من جلسات محاكمتهم، أمام المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض، هو الأول من مايو/أيار الجاري، لكنها أرجئت إلى موعد لم يحدد بعد. وهو ما يعني أن جلسات المرافعة ضد الدعاة الثلاثة لم تنته ولم تصدر بعد أي أحكام بحقهم، ما يثير تساؤلات حول صحة الخبر الذي انفرد به الموقع البريطاني.

أخبار كاذبة؟

عضو مجلس الشورى السعودي السابق محمد بن عبدالله آل زلفة قال في اتصال هاتفي مع DW إن “الخبر لا أساس له من الصحة وأنه لا يتعدى كونه محاولة للإساءة إلى سمعة السعودية وإلحاق الضرر بها”. ونفى آل زلفة لـ DW ما جاء به الموقع البريطاني حول نية السعودية إعدام الدعاة الثلاثة بعد شهر رمضان قائلا: “لا توجد أحكام بالإعدام، لأن القضاة لم يقرروا بعد. وعندما تنتهي المحاكمة سيتم إعلان أحكام القضاة علنا”.

كما توجهت DW إلى منظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الإنسان، التي تتخذ من نيويورك مقرا لها للتعليق على الخبر، لكن جوابها مقتضبا وهو “أنها  لا ترد على تكهنات”.

بالإضافة إلى ذلك ثمة من يضع ظلالا من الشك على الخبر بسبب طبيعة الإجراءات المتبعة في القضاء السعودي. ويرى هؤلاء أنه حتى في حال صدور الأحكام ستكون هناك فترة زمنية لا تقل عن الشهر يتمكن خلالها المحكوم عليهم من تقديم استئناف. وبعد ذلك يتم تحديد موعد جلسات الاستئناف لتأكيد أو تغيير الحكم، تأتي بعدها فترة زمنية قد تطول أو تقصر لحين تأكيد الملك السعودي للحكم من خلال إعلان موافقته على تنفيذه وبعد ذلك يمكن توقع التنفيذ في وقت لاحق.

الخبر لا يخلو من الخطر

بيد أن الخبر، ورغم الشكوك في مصداقيته لا يخلو من خطر على حياة الدعاة الثلاثة، حسب رأي الأكاديمية والمعارضة السعودية الدكتورة مضاوي الرشيد. الرشيد أكدت في حديث مع DW عربية أن “أحكاما بالإعدام لم تصدر بحق الدعاة الثلاثة لحد الآن”. بيد أنها أشارت في المقابل إلى أن المدعي العام “لوح بعقوبة الإعدام عندما وجه 37 تهمة، بينها تهمة الإرهاب والتجسس لحساب الخارج إلى الداعية الشيخ سلمان العودة.”

وتشير الرشيد إلى أن سبب ظهور مثل هذه التكهنات والتخمينات يعود إلى “أن أحكام الإعدام أصبحت جاهزة في المملكة”. وتضيف أنه ربما “يستغل النظام السعودي الوضع الإقليمي المتشنج” لمثل هذه الخطوة، خصوصا “أن سلمان العودة وعوض القرني والشيخ علي العمري قد وجهت إليهم تهمة الإرهاب”.  كما وجهت إليهم تهم تتعلق بالتعاون مع الخارج، وهي تهم خطيرة تصب في فحوى عقوبة الإعدام، حسب رأي المعارضة السعودية.

إلى ذلك هناك تهمة الانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين موجهة خصوصا للداعية سلمان العودة مع العلم أن السعودية ومصر والإمارات تعتبر الجماعة منظمة إرهابية.

ويضع بعض الحقوقيين والمعارضين الخبر في عداد الحرب الإعلامية بين المملكة وحلفائها من جانب وبين خصومها في المنطقة من جهة أخرى، حيث يساعد الوضع المتشنج في المنطقة على رواج مثل هذه الأنباء حسب رأيهم. كما أن سجل المملكة في مجال حقوق الإنسان يسمح أيضا بظهور مثل هذه التكهنات، حسب رأي المعارضة مضاوي الرشيد، التي أشارت إلى أنّ الأشهر الأخيرة شهدت تنفيذ عقوبة الإعدام في 100 حالة على الأقل.

صمت دولي

ورغم عدم التأكد من صحة الخبر من قبل جهات مستقلة، إلا أن بعض الحقائق تثير تساؤلات بشأن التعامل الدولي مع ملف حقوق الإنسان في السعودية بعد فتور الضجة التي أثيرت بعد مقتل الصحافي جمال خاشقجي في سفارة بلاده في إسطنبول. كما أنه من الملفت أن جلسات المرافعة في محاكمة الدعاة تجري بشكل سري وسط صمت دولي. ليس هذا فحسب، بل إن المنظمات الدولية لم تقم بحملات واسعة وكبيرة لتسليط الضوء عليها (المحاكمات السرية).

وتفسر الأكاديمية والمعارضة السعودية مضاوي الرشيد ذلك بالقول “إن النظام السعودي كان قد جس نبض المجتمع الدولي واستنتج بعد قتل خاشقجي، أن الرأي العام العالمي غير مهتم” وأن الحكومات الغربية “غير مستعدة لفرض عقوبات على السعودية” بسبب طبيعة العلاقة الاقتصادية معها وخصوصا الولايات المتحدة ورئيسها ترامب.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى