محاربة الفساد في الأردن.. هل هي مجرد ظاهرة صوتية ؟؟

يكرر رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز في كل مرة إصرار حكومته على محاربة الفساد، بيد أن الأردنيين لم يلمسوا أية تقدم حقيقي في هذا الملف الحساس، الأمر الذي يدفع كثيرين إلى التشكيك في جدية التصدي لهذه الظاهرة التي أضرت كثيرا بالاقتصاد الأردني.

ومنذ فتح تحقيق في قضية مصنع “الدخان” المزور لصاحبه رجل الأعمال عوني مطيع في يوليو/تموز الماضي، لم يتم الكشف عن أي من الملفات التي تنبعث منها شبهات فساد، وحتى تلك المتعلقة بأسهم “الخطوط الملكية” فإن هناك شعورا عاما بتوجه لإغلاق هذا الملف.

وصرح رئيس لجنة الخدمات والنقل في مجلس النواب الأردني خالد أبوحسان لوسائل إعلام محلية الأحد بأن هيئة النزاهة ومكافحة الفساد هي الفيصل في ملف “الملكية”. وأكد أبوحسان على ثقة مجلس النواب بهيئة النزاهة ومكافحة الفساد والعاملين فيها، مشددا على الكفاءة العالية التي تمتلكها الهيئة في التحقيق بالمسألة.

ويقول محللون إن الفساد تحول إلى ظاهرة يصعب اقتلاعها في الأردن حيث يختلط فيها السياسي بالاقتصادي، وأنه حتى وإن وجدت إرادة لدى حكومة الرزاز لمواجهتها، إلا أن المسألة تحتاج إلى ما هو أكثر من ذلك، حيث أن الأخيرة لا تمتلك الولاية العامة بالشكل الذي يسمح لها فيها بفتح كل الملفات.

ويلفت المحللون إلى أن وجود هيئة لمكافحة الفساد لا يعني بالضرورة أن الأردن في الطريق الصحيح في مواجهة هذا الأخطبوط، الذي كلف الأردن الكثير وحوله إلى بيئة نافرة للمستثمرين المحليين والأجانب على حد السواء.

وقال رئيس الوزراء الأردني امس الأحد إن الحكومة عملت منذ بداية تشكليها بكل جدية والتزام لمحاربة كافة أشكال الفساد المالي والإداري وتوفير الدعم للأجهزة الرقابية المعنية بالمحافظة على المال العام.

وأضاف الرزاز خلال زيارته إلى هيئة النزاهة ومكافحة الفساد أن العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني وجه الحكومة مرارا وتكرارا بأن لا حصانة لفاسد،”وهذه مهمة مشتركة للحكومة والهيئة للعمل على إنفاذ التوجيهات الملكية السامية في هذا المجال ودون أي تساهل”.

واعتبر أن مؤشرات منظومة محاربة الفساد تسير في الاتجاه الصحيح، لافتا إلى أن عدد القضايا التي حولتها الهيئة للقضاء منذ بداية العام الحالي وحتى 20 مارس/اذار 2019 بلغ 81 قضية.

ويقول منتقدو الحكومة إن تصريحات الرزاز المتكررة بشأن تحقيق تقدم في مواجهة هذه الظاهرة ليست سوى مسكنات لاحتواء احتقان الشارع، وأن الحكومة أعجز من أن تفتح هكذا حربا، وخاصة في هذا التوقيت بالذات حيث يواجه الأردن تحديات داخلية وخارجية.

وشهد الأردن في الأشهر الماضية تحركات احتجاجية كان أبرزها تلك التي جرت في مايو الماضي ومن المطالب الرئيسية التي حملتها الاحتجاجات التصدي للفساد.

ويعاني الأردن أزمة اقتصادية معقدة تعود أسبابها إلى عوامل هيكلية، وتفشي مظاهر الفساد، وعجز الحكومات المتعاقبة عن اجتراح حلول جذرية من خلال رهانها على معالجات ترقيعية زادت من تدهور المقدرة الشرائية، وعجز ميزانية الدولة.

وساهم الوضع الإقليمي المتأزم في استفحالها، مع تراجع الأردن في سلم أولويات الدول الحليفة.  وقد شدد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني مرارا على ضرورة التعويل على الذات للخروج من الأزمة، بيد أن الاعتماد على ذات النهج السابق، يجعل من المستحيل الوصول إلى نتيجة مختلفة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى