قائمة الدول العربية المرشحة تباعاً لاستعادة علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا

 

فتح الرئيس السوداني، عمر البشير، يوم الأحد؛ 16 كانون الأول/ديسمبر الجاري صفحة جديدة للعلاقات العربية مع دمشق؛ عنوانها العودة للتطبيع مع النظام السوري الذي سبق ان جُمدت عضويته في جامعة الدول العربية.

تُعتبر زيارة البشير أول زيارة لرئيس عربي إلى سورية منذ اندلاع الأزمة السورية، قبل نحو 8 سنوات. وانطلاقاً من كون السودان الدولة العربية المُحتضنة لعددٍ من اللاجئين السوريين بتسهيلات ملموسة، وانطلاقاً من خلفية البشير “كإخواني”، فإن الصدمة التي أحدثها على الساحة، كانت كبيرة، وبذلك تُصبح خطوة دول عربية أخرى، كان بعضها رافض لتجميد عضوية دمشق في جامعة الدول العربية، وبعضها كان غير راغب في مُقاطعة النظام لكنها اضطرت لذلك بسبب مسار الساحة الدولية، يسيرة نحو إعادة تطبيع العلاقات مع نظام الرئيس الأسد. وفي ضوء ذلك، يُطرح تساؤل مفاده؛ ما هي الدول التي قد تزور دمشق في الأيام القليلة القادمة؟

أولاً: الدولة المُمتنعة عن التصويت على قرار “تعليق” أو “تجميد” عضوية الجمهورية العربية السورية في جامعة الدول العربية:

عندما طُرح مشروع قرار “تعليق” أو “تجميد” عضوية الجمهورية العربية السورية في جامعة الدول العربية في 12 تشرين الثاني/نوفمبر 2011، امتنع العراق عن التصويت، وبالتالي استمر في علاقاته الاقتصادية والسياسية مع النظام السوري.

وبذلك، يُتوقع أن يُبادر العراق بزيارة ذات مستوى رفيع لدمشق في القريب العاجل، ليس فقط لأن العراق امتنع عن اتخاذ أي قرار تصعيدي ضد دمشق عقب اندلاع الثورة السورية، وليس فقط لأنه من ذات المحور السياسي والأمني، بل لعدة عوامل أخرى، هي:

ـ تجاور الطرفان الفعلي بحدود طولها 605 كيلو مترات، من أصل إجمالي حدود تبلغ 3650 كيلو متر، تقع معظمها تحت السيطرة الأمريكية. وبالابتعاد عن الحدود التي تقع تحت السيطرة الأمريكية، فإن البلدين بحاجة ماسة لتعاون أمني وثيق، للحيلولة دون عودة تنظيم “داعش” أو غيره من التنظيمات الإرهابية للسيطرة على المناطق الحدودية الرابطة بين الطرفين، لا سيما وأن هذه الحدود صحروية، وبحاجة فعلية للتعاون والتنسيق.

ـ التوجه السياسي للحكومة العراقية التي تميل لدعم نظام الأسد بدافع الارتباطات المحورية الأمنية السياسية التي تجمع بينها وبين نظام الأسد.

ـ الأجواء الإقليمية الدولية التي تتجه نحو القبول بنظام الأسد بعد سيطرته على ما يقارب 60% من مساحة الأراضي السورية، والقبول به كقوة أمنية على الحدود السورية ـ “الإسرائيلية”.

ثانياً: الدول الرافضة لقرار “تعليق” أو “تجميد” عضوية الجمهورية السورية في جامعة الدول العربية:

إلى جانب امتناع العراق عن التصويت على قرار “تعليق” أو “تجميد” عضوية الجمهورية العربية السورية في الجامعة العربية، رفضت لبنان واليمن ذلك القرار. لكن بحسبان حالة الفوضى التي تمر بها اليمن، فيُتوقع أن تسبقها لبنان في خطوة الدخول لقائمة الدول المُبادرة لزيارة دمشق والتطبيع معها، وذلك لعدة عوامل:

ـ مسألة اللاجئين: لا يألو الرئيس اللبناني، ميشال عون، جهداً في التصريح دوماً بوجوب عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم. وقد أعلن في الآونة الأخيرة، على هامش مؤتمر صفحي عقده مع الرئيس السويسري، آلان بيرسي، في آب/أغسطس المُنصرم، أن بلاده تقبل بالمبادرة الروسية لإعادة اللاجئين. وفيما يُقدر لبنان عدد اللاجئين السوريين المتواجدين على أراضيه بقرابة 1.5 مليون لاجئ، تقول الأمم المُتحدة إن عددهم أقل من مليون لاجئ. وبمعزلٍ عن عددهم الحقيقي، تُعاني لبنان من أزمات اقتصادية وأمنية وسياسية وديموغرافية، تجعلها غير قادرة على استيعاب لاجئ من أي دولة مُجاورة.

ـ الطرق الدولية: تُبذل في الوقت الحالي جهود سورية محلية وأخرى دولية، وبالأخص روسية، من أجل تعجيل فتح الطرق الدولية المارة بسوريا، من أجل تطبيع النظام وضعه اقتصادياً مع الدول المُجاورة وغير المجاورة، ومنه سياسياً. وفيما تم افتتاح معبر نصيب مع الأردن، يُنتظر فتح عدة معابر مع تركيا في الآونة المُقبلة. وتأتي لبنان ضمن الدول الأكثر استفادة من فتح هذه المعابر، إذ تُشير دراسة لمركز جسور للدراسات: “معبر نصيب الحدودي؛ أثر إغلاقه وإعادة افتتاحه على سورية والمنطقة”، إلى أن خسارة لبنان من إغلاق الطرق التجارية الدولية تُقدر بـ 2.5 مليون دولار يومياً، حيث تستخدم لبنان هذه الطرق لتصدير سلعها، لا سيّما الزراعية منها، نحو الأردن ومنها إلى الخليج، حيث تضطر لبنان الآن لتصدير سعلها من طريق بحري يستغرق قرابة 40 يوماً، تعود على المُصدر والمُستورد بالتكاليف الباهظة. وبحسبان العمل التجاري على المعابر الحدودية بين البلدين، لا سيّما معبر القاع ـ جوسيه بين البلدين، والذي عاد للعمل في كانون الأول/ديسمبر 2017، فإن ذلك يعني وجود تطبيع اقتصادي وأمني فعلي بين الطرفين، وبالتالي بات الأمر يحتاج فقط لزيارات شكلية لرفع مستوى التطبيع إلى المستوى السياسي.

ـ التعاون الأمني: يبلغ طول الحدود المُشتركة بين البلدين 375 كيلو متر. وقد شهدت منذ عام 2012، عدة أحداث أمنية، نتيجة تسلل عدد من مقاتلين المعارضة السورية المُسلحة عبر الحدود من وإلى سوريا. ومع سيطرة الطرفين على كامل الحدود نهاية عام 2017، يُصبحان بحاجة ماسة لتنسيق أمني وثيق.

ـ الدعم الأمني الحيوي الذي قدمه حزب الله للنظام السوري، والروابط التاريخية بين تيار عون ونظام الأسد: منذ عام 2013 وحزب الله الذي بات يتحكم بصورةٍ كبيرةٍ في توجهات لبنان السياسية، يُقاتل بشكلٍ علني إلى جانب قوات الأسد. ولا يمكن إغفال حجم النفوذ الفعلي الذي يتمتع به حزب الله في عملية اتخاذ القرار اللبناني. أيضاً، هناك روابط أمنية وسياسية متينة بين عون وحزب الله، قد تجعله يقبل بذلك. وإن كان رئيس الحكومة، سعد الحريري، يشترط سياسة “النأي بالنفس”، إلا أن الضغوطات الداخلية، وربما الخارجية، قد تضطره للقبول بزيارات رفيعة تشمل وزراء ورئيس الجمهورية لسوريا.

الجزائر

ليس لدى الجزائر مُشكلة في التعامل المباشر مع النظام، والإفصاح عن هذا التعاون بكل وضوح. فقد زار وزير جامعة الدول العربية في الحكومة الجزائرية، عبد القادر مساهل، سوريا، مطلع آيار/مايو 2016، ملتقياً عدداً من المسؤولين رفيعي المستوى لدى النظام السوري. وترجع مسألة إبقاء الجزائر على ذات العلاقات مع دمشق إلى عدة عوامل أهمها:

ـ “جميل” تاريخي، حيث ترى الجزائر في دمشق الداعم الكبير للثورة الجزائرية.

ـ انتماء الطرفين “النظري” للمحور اليساري أو العروبي المواجه للإمبريالية الاستعمارية العالمية.

ـ اعتبار الجزائر ما تتعرض له دمشق هو ذات “المؤامرة” التي تعرضت لها الجزائر من قبل الإسلاميين في تسعينيات القرن الماضي.

ـ بناء محور مضاد للمحور الخليجي ـ المغربي، حيث ترى الجزائر ضرورة في التقارب من المحور الإيراني لموازنة تحركات المحور الخليجي ـ المغربي، لا سيما في ملف الصحراء الغربية.

 الأردن

تُشابه حالة الأردن إلى حدٍ بعيد الحالة اللبنانية، حيث أنه يرتبط عبر معبر نصيب ـ جابر بسوريا، وقد قبلت الحكومة الأردنية ببدء عمليات التبادل التجاري مع سوريا، لذا فإن التطبيع الاقتصادي بين الطرفين موجود وحيوي. كما أن الدور الوظيفي للأردن القائم على إدارة تحركات الفصائل السورية في الجنوب قد انتهى، وبدأت مرحلة جديدة قائمة على إشراك النظام في اتفاق روسي ـ “إسرائيلي” مدعوم أمريكياً، يقضي بانتشار قوات النظام على طول الحدود الجنوبية مع “إسرائيل” والأردن. كما أن الأردن يفتقر إلى المواد الريعية، ويعتمد على “اقتصاد السوق” الذي يعني التعاملات التجارية مع الأطراف الدولية الأخرى، لذا فهو في حاجة ماسة لإعادة تطبيع علاقاته الاقتصادية والسياسية مع سوريا، للنظر في اتفاقٍ قد يعود عليه بالفائدة الكبيرة، بعد فتح طريق الحرير الذي يشكل المسار البري للبضائع الأوروبية والتركية نحو الخليج.

ويبقى الأمر بحاجة إلى زيارات رفيعة المستوى بين الطرفين، لإتمام خطوة التطبيع السياسي، وقد تأتي هذه الخطوة مباشرة بعد تحسن العلاقة بين دمشق والدول الخليجية، حيث تحاول الأخيرة إصلاح علاقاتها مع النظام، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من تحرك النظام المُشترك مع إيران، وتسعى للاستفادة من الشراكة “النفطية” مع روسيا، من خلال المصالحة مع النظام، وبالتالي إغلاق الطريق، ولو نسبياً، أمام إيران.

في الختام، لا داعي للحديث عن وضع عُمان في هذه المُعادلة. فقد زار وزير الخارجية العُماني دمشق نهاية تشرين الأول/أكتوبر 2015. ومع مُغازلة النظام السوري، على لسان وزير خارجيته وليد المُعلم، للدول العربية بتصريحه بأن “السوريين سيستجيبون لأي مبادرة عربية أو دولية”، قد تُقبل عدد من الدول العربية ذات الارتباطات المنفعية مع النظام السوري، والأخرى الساعية لموازنة تحركات طهران في سوريا، عبر التصالح مع النظام، وتقريبها إليها بورقة المُساهمة في عملية إعادة الإعمار، على التطبيع مع النظام. وقد تُفضي هذه الخطوة، في نهاية المطاف، إلى عودة النظام إلى مقعده في جامعة الدول العربية، حيث أن هذه الدول تُشكل مجمع ثُلثي أعضاء الجامعة العربية، وهو النصاب اللازم لتحقيق إجماع يوفر البيئة المُناسب لاتخاذ قرارات مصيرية داخل الجامعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى