نتائج مشجعة لتجارب فرنسية حول التعليم واكتساب المعارف أثناء النوم

مؤخراً، اكتشف باحثون فرنسيون بأنه يمكن للأشخاص أن يتلقوا معلومات جديدة خلال مراحل معينة من النوم وهذا النمط التعليمي الذي يمكن أن يتعلمه الناس وهم نائمون، يثير الكثير من الآمال بين أطفال المدارس الثانوية، خاصة أولئك الذين لم يقرؤوا ما يكفي لتقديم امتحاناتهم الفصلية ولكن هذا البحث لم يوفر الكثير من المعلومات والأدلة الحاسمة على حقيقة أنه من الممكن الحصول على الكثير من المعلومات أثناء النوم ولم تؤكد هذه الدراسات والأبحاث أيضاً على وجود أي آثار إيجابية لهذا النمط على المجال التعليمي.

وحول هذا السياق، أظهرت دراسة أجريت في فرنسا بالفعل أن الأشخاص النائمين يمكنهم تلقي المعلومات والحفاظ عليها أثناء النوم في ظل ظروف معينة وأظهرت هذه الدراسة أيضاً أن هؤلاء الأفراد يمكنهم تحسين وظائف الذاكرة ويمكنهم تذّكر أشياء كثيرة أثناء مراحل معينة من النوم، خاصة في مراحل النوم التي تدعى مرحلة “نوم حركة العين السريعة” ومرحلة “نوم حركة العين غير السريعة” الخفيفة وأظهرت تلك الدراسة أيضاً أن هؤلاء الأشخاص لم يحصلوا على أي معلومات جديدة عندما انتقلوا إلى مرحلة أخرى من النوم تسمى مرحلة “نوم حركة العين غير السريعة” العميقة.

وفي سياق متصل قال الباحث “توماس آندريلون”: “هناك لقاء متكرر مع أصوات جديدة أثناء مراحل النوم “نوم حركة العين السريعة” و”نوم حركة العين غير السريعة” الخفيفة وهذا الأمر يؤدي إلى حدوث تحسن في كفاءة الاستيقاظ” ولفت هذا الباحث أيضاً إلى “إن النهج المماثل لهذه العملية والتي تحدث خلال مرحلة النوم “نوم حركة العين غير السريعة” العميق، يؤدي إلى تحسين الأداء عند الشخص”، وبعبارة أخرى، تُظهر هذه الدراسة أن التعلم يحدث أثناء مراحل النوم “نوم حركة العين السريعة” و”نوم حركة العين غير السريعة” الخفيفة، ولكنه في مرحلة “نوم حركة العين غير السريعة” العميق، لا تتم عملية التعلم.

الجدير بالذكر هنا، أن الباحث “توماس أندريلون” هو عضو في مجموعة بحوث الدماغ والذكاء في جامعة باريس، وهو القائد والمسؤول عن إدارة هذه الدراسة حيث قاد العديد من المشاريع التي كانت تدور حول التعلم أثناء النوم، كما أن هذا الباحث له العديد من الإسهامات والمشاركات العلمية في جامعة “ماري كوري” الفرنسية وفيما يخص التعلم أثناء النوم يقول هذا الباحث: “إن الاعتقاد السائد عن الكثير من الناس بأن الدماغ أثناء النوم، يكون معزولاً عن العالم الذي يحيط به ولكننا في السنوات الأخيرة، أثبتنا نحن وباحثون آخرون بأن الدماغ لا يكون معزولاً عن محيطه أثناء فترة النوم”.

وفي سياق متصل يقول “بول راب”، المتخصص في علم الأعصاب وعلوم الدماغ، والذي يعمل في جامعة شمال شرق “النينيو”: “إن الأمر المثير للإعجاب في أبحاثهم هو كشفهم لعمل الدماغ أثناء مرحلة نوم حركة العين السريعة” وقال أيضاً: “لكنني لم أرَ هذا الشيء حتى الآن”.

وفي هذه الدراسة التي أجريت في فرنسا، تم وضع 20 شخصاً على جهاز EEG  ليناموا ليلاً، بينما قام فريق “أندريلون” بتوزيع مجموعة متنوعة من الأصوات عليهم خلال مراحل مختلفة من النوم وهنا يقول “أندريلون”: “إن أنماط الذاكرة التي طورتها مع زميلي “دانيال برازنيتزر”، تسمح لك بمراقبة عملية التعلم من خلال استجابات الدماغ أثناء النوم” وقال أيضاً: “كان لدينا مجموعتان من الضوضاء البيضاء، ضوضاء عشوائية نقية من دون أي تكرار، وأخرى عبارة عن سلسلة من الأرقام العشوائية داخل الضوضاء البيضاء متكررة لعدة مرات”.

مضيفاً، بأن النمط التكراري كان جديداً بالنسبة لأولئك الذين كانوا نائمين وبعد استيقاظ الأشخاص النائمين، قام الباحثون بفحصهم من حيث القدرة على تحديد الأنماط المتكررة ولقد أظهرت نتائج هذه الدراسات، أن هؤلاء الناس عرفوا الأصوات واستمعوا إليها أثناء مرحلة “نوم حركة العين السريعة” و”نوم حركة العين غير السريعة” الخفيفة، ولكن هذا لم ينطبق على الأصوات التي يتم سماعها أثناء مرحلة “نوم حركة العين غير السريعة” العميقة.

وهنا قال “أندريليون”: “لقد قمنا باعتبار النتائج على أنها علامات خلقت نظامهم السمعي، يمكن في المستقبل اكتشافها، ومع بعض التكرار، يستطيع دماغك أن يتذكر أنماط الضوضاء ويخزنها ببطء”. مضيفاً بأن السمع ليس مجرد إحساس يمكن أن يوجه التعلم أثناء النوم وعلى سبيل المثال، في أواخر عام 2014، قام مجموعة من الباحثين بدراسة هذه الظاهرة على المدخنين.

لقد فتحت النتائج التي توصل إليها الفريق الفرنسي بالفعل الطريق لدراسة أشكال أكثر رسمية من التعلم مثل قائمة الكلمات وهنا يقول “أندريليون”: ​​”هناك العديد من الأشياء التي تحتاج إلى التحقق قبل تطبيق هذه النتائج على الحياة اليومية”، مضيفاً بأن هذه الأشياء تشمل دراسة المعرفة البيولوجية الجزئية المرتبطة بإنشاء الذاكرة أثناء النوم وهنا يجب التذكير بأنه يجب على أطباء الأعصاب أيضاً أن يدركوا المخاطر المحتملة التي ينطوي عليها التعلم أثناء النوم وهنا يشير “أندريلون” بالقول: “ربما سيؤدي ذلك إلى تحسين معرفتنا بلغة جديدة، ولكنه على الأرجح سيؤدي أيضاً إلى فقدان فوائد النوم” وفي النهاية يدعم “أندريلون” فكرة متابعة البحث لفهم المزايا والعيوب المترتبة على التحكم في الذكريات مع مراعاة الاعتبارات الأخلاقية، كأن يتم التدخل بموافقة المتطوعين بالمشاركة ولمصلحتهم وعن الآفاق المستقبلية للبحث، يشرح “أندريلون” أن التحدي الأول سيكون إمكانية تعميم مبدأ التعلم في أثناء النوم لأنواع مختلفة من التعلم. أما التحدي الثاني فهو استهداف آليات التعلم وعدم التعلم في أثناء النوم بشكل أكثر تحديداً، انطلاقًا من نتائج هذه الدراسة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى