هذه المنطقة محل أطماع تاريخية.. فلتكن إمبراطوريتنا هي الموجودة على أرضنا

لم تغادر الإمبريالية العالمية ولا الإستعمار مواقعهما وممارساتهما العدوانية التوسعية العسكرية الحربية العنصرية الاحتلالية الفتنوية والإرهابية.. رغم مرور عقود على إخفاقاتهما العديدة في ساحات كثيرة من العدوانات .
لقد أغرى إنهيار الكتلة الإشتراكية إعتباراً من أواخر الثمانينانت وبدايات التسعينات ؛ القوى الإمبريالية والإستعمارية بإستعادة أيامهما المظلمة وتكثيف العودة في الحرب على الأمم والشعوب.. واستعبادها وتدبير الإنقلابات العسكرية والملونة، ومد النينتو شرقاً، وتوجيه المبررات الكاذبة لشن الحروب على البند ألـ 7 ،وإن إقتضى الأمر بدونه ، في المنطقة العربية وأمريكا اللاتينية وأفريقيا وفي الجمهوريات السوفييتية الآسيوية السابقة وشرق أوروباً .
لم يرعو الغرب من دروس الحروب التي شنها .. والانكسارات التي مني بها ، في غير منطقة ، ولا بحجم الضحايا الهائل ، وما حل بالطبيعة من خراب بات يهدد الحياة البشرية بالعدم أو شبيهه ، وكل ما كان يخطر في بال الغرب، حجم الدمار الذي أحدثه في البيئة البشرية والطبيعية للمجتمعات الأخرى ، وما حقق من سرقات لثرواتها ومقدراتها وتراثها الثقافي .
لقد بنى الغرب تقدمه وتطوره منذ قرون على ما يسرق من الآخرين ، وكرس رفاه مجتمعاته من دمائهم ونبضاتهم وما قدموا للبشرية كثيراً أو قليلا .. فيما الغدر والسفه والكذب والنفاق والمراوغة والمماطلة والتفريق المبرمج ديدنه في التعامل مع الآخرين .
وهم يمارسون الآن الأشياء ذاتها التي كانوا يمارسونها سابقاً ، مع رافق الزمن من تطور في التكنولوجيا والتقنيات والأساليب والوسائل والأدوات في تخريب إستقرار الدول ، وتكريس أزماتها ، وخلق الشروخ والفتن بين مكوناتها ، وزرع الفساد وشراء الذمم ، بذرائع محاربة ما سبق ، فيما هم أسّ البلاء والعناء والداء .
ولتحقيق ما سبق ، يقوموا بتكوين شرائح عميلة من الشعوب ذاتها ؛ غالباً ما تكون ضعيفة الإنتماء لبلدانها وشعوبها ، وأحيانا مستوردة ، يتم ربط مصالحها وتكوين ثقافتها بما يتوافق مع مصالح المعتدي والمستعمر ، ولهذه الشرائح امتدادات ديمغرافية تعتاش على الفتات ، بحيث يصبح الخلاص منها ومن إمتداداتها ، صعباً للغاية كمكونات أصبح لها جذور، وأشبه ما يكون بالحروب الأهلية ، ويتيح إنتصار الأجنبي المستعمر لهذه الشرائح الحاكمة العميلة المغتصبة لإرادة البلد والأمة أو الشعب .
مثل هذا يحدث الآن في لبنان وليبيا والعراق واليمن وفي فنزويلا وكرواتيا وأفعانستان .. وأماكن أخرى من العالم .. ويحدث أحياناً أن يصبح الخلاص من الأزمات المزروعة الراسخة ؛ أشبه بالمستحيل .
ويعمل الغرب على توليد أزمات وتحولات غير ملائمة لقوى كبرى صاعدة كـ روسيا والصين والهند وجنوب إفريقيا أو تغيير المسار كـ البرازيل.. وقوى واعدة كـ الجزائر.
إن تكريس ثقافة المواطنة والمقاومة المرافقة لها ، لدى أبناء الأمم منذ وقت مبكر من العمر ، هو سلاح كفيل بتحصين الأمة من أن تباع وتشترى ، أوتُزرع في صفوفها الخلافات والشقاقات المذهبية أو الطائفية أو الدينية أو الإثنية أو العرقية أو الطبقية الإستغلالية أو الجنس .. بل أن زرع ثقافة المواطنة والإنتماء للوطن وروح المقاومة للمستعمر والمحتل والمعتدي ، ومشاعر المحبة والتعاون والأثرة للأشقاء في الثقافة والقومية واللغة والأرض ، تحول دون نفاذ الأجنبي لشراء العملاء والشرائح المرتبطة مصالحها به .
نحن كأمة عربية ، محل أطماع تاريخية كبيرة ، ربما أكثر من سوانا من الأمم والشعوب ، بما حبيت منطقتنا من توسط عالمي ، وممرات مائية وبرية وجوية ، وثروات إحفورية ، ومناخ معتدل ، ومقدسات ، وحضارات وآثار .. وبالتالي فنحن أكثر استهدافا ، ما يستوجب علينا جهوداً أكبر لتحصيننا ، من أطماع الأخرين ، الذين تتالوا على مدى التاريخ ، فلا أمبراطورية عالمية ، لا وجود لها على أراضينا ، ولذا فلتكن أمبراطوريتنا هي الموجودة على أرضنا .

إيميل : [email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى