الأنظمة الديموقراطية تحاكم قادتها الفاسدين والدكتاتوريات العربية تحمي الطغاة” المعصومين”

أصدر القضاء الفرنسي حكمه يوم الإثنين 1/ 3 / 2021 على الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي بالسجن ثلاث سنوات على خلفية اتهامه بالفساد والرشوة واستغلال النفوذ. وشمل الحكم سجنه لمدة عامين مع وقف التنفيذ، وسجنه لمدة عام، ومع ذلك فمن المرجح ألا يسجن، وسيقضي فترة العام قيد الإقامة الجبرية في منزله مرتديا سوارا الكترونيا لمراقبة تحركاته.
الحكم على ساركوزي ليس غريبا أو مستهجنا. فالقضاء في فرنسا وفي الدول الديموقراطية مستقل، والقوانين لها قدسيتها وتطبق على الجميع، ولا تفرق بين الحاكم والمحكوم، والقضاة يحكمون بين الناس بالعدل والإنصاف. فقد حوكم عشرات الرؤساء، ورؤساء الوزارات، والوزراء في عدد من هذه الدول بتهم فساد متنوعة، وتم عزل وسجن من أثبتت التهم ضدهم، وشوهت سمعتهم، وقضي على مستقبلهم السياسي، ودخلوا تاريخ بلادهم بوصمات عار لن تمحى أبدا.
وعلى النقيض من ذلك فإن اتهام ومحاكمة المسؤولين الفاسدين الذين يحكمون الدول الديكتاتورية .. وفي مقدمتها الدول العربية .. يعد من الأمور شبه المستحيلة، ولم يحدث إلا في حالات نادرة، وكان صوريا، وتم بعد عزلهم كما حدث للرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، وزين العابدين بن علي، وعمر البشير وغيرهم من الدكتاتوريين العرب.
الدكتاتوريون العرب ” معصومون ” من جميع الأخطاء صغيرها وكبيرها! ودهاة في الكذب وشراء الضمائر والتضليل والإنفاق بسخاء على وسائل إعلامهم الرسمية، وفي توزيع المناصب ” والمكارم الملكية والأميرية والسلطانية والرئاسية” على من والاهم “، ويطبل ويزمر ” لهم من رجال الاعلام وأبناء العوائل والقبائل والمثقفين ورجال الدين المتنفذين المرتزقة الذين باعوا ضمائرهم بثمن بخس، ويشاركونهم في ارتكاب جرائهم ضد أبناء شعبهم وأمتهم.
هذا الوضع العربي الذي يزداد ترديا يوما بعد يوم يتطلب بذل المزيد من جهود المثقفين، وقادة الأحزاب، والنقابات، ومؤسسات المجتمع المدني لتعبئة واستنهاض الشعوب العربية، ومساعدتها في التصدي لهذا الظلم والاستهتار بمقدرات ومستقبل أمتنا، والتخلص من ” أولياء الأمر” الطغاة، ومحاكمتهم على الجرائم التي ارتكبوها بحق وطننا وشعوبنا، وايداعهم في .. زنزانات .. السجون التي سجنوا وعذبوا وقتلوا فيها عشرات الآلاف من شرفاء أمتنا!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى