تونس.. حكومة المشيشي أمام تحديات الأزمة الاقتصادية ووباء كورونا

منح مجلس نواب الشعب في تونس يوم الثلاثاء 1سبتمبر/أيلول 2020،الثقة لحكومة هشام المشيشي،إذ حصلت هذه الحكومة على 134 صوتا من مجموع 217 نائبا، فيما صوت 67 نائبا ضد منحها الثقة، ولم يتحفظ أحد على التصويت.
وحكومة هشام المشيشي هي الثالثة بعد الانتخابات التشريعية 2019، حيث سقطت حكومة الحبيب الجملي الذي كلفته حركة النهضة الحزب الأول الفائز في الاستحقاق الانتخابي، ليكلف بعد ذلك رئيس الجمهورية، إلياس الفخفاخ، بتشكيل حكومة ليقدم بعد مرور أربعة أشهر تقريبا استقالته على خلفية شبهات فساد وتضارب مصالح .
فبعد أن قدّمت حكومة إلياس الفخفاخ استقالتها، اختار رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيّد الشخصية الأقدر لتشكيل الحكومة، كما ينص الدستور، وكان واضحًا رغبة الرئاسة في تجاوز الأحزاب والكتل البرلمانية، ومنح مسؤولية تشكيل الحكومة الجديدة لشخصية من المحيط القريب لرئيس الجمهورية، شخصية لا ماضي سياسيا لها، ولا تجربة سابقة سوى علاقتها الوثيقة بالمحيط الضيق لرئيس الجمهورية.وقد شكل السيد هشام المشيشي حكومة كفاءات من التكنوقراط ،المتخصصين في الاقتصاد و الصناعة و التجارة، وهي حكومة غير حزبية،و لا تهتم كثيرًا بالفكر السياسي الحزبي، والحوار السياسي،و لم يخضع تشكيلها لمنطق سياسي معيّن، باعتبار استبعاد الأحزاب من مشاورات التشكيل، وفقًا لرغبة رئيس الجمهورية.
لكنَّ حكومة الكفاءات هذه،انتهت أمام البرلمان التونسي يوم مداولات منح الثقة حكومة سياسيّة بحزام سياسي هو الكتل البرلمانية التي صوتت لفائدتها، وهي كتل حركة النهضة، وقلب تونس، و الإصلاح، وتحيا تونس، والكتلة الوطنية، والمستقبل وعدد من النواب المستقلين وعدد من كتلة ائتلاف الكرامة أصواتهم للحكومة، فيما رفضتها كل من الكتلة الديمقراطية (حركة الشعب والتيار الديمقراطي)،والدستوري الحر.
هناك إجماع في تونس،أنَّ حكومة هشام المشيشي بوصفها حكومة الرئيس الثانية ،جاءت في سياق مستويين من الصراع يعرفهما المشهد السياسي التونسي :
المستوى الأول :هو صراع ديمقراطي تحت سقف الدستور وفي ظل النظام السياسي شبه البرلماني،الذي أفرز برلمانًا مشتتا بين كتل برلمانية ضعيفة وهشة ومتناقضة في منطلقاتها الفكرية و السياسية، وعاجزة عن تشكيل حكومة متجانسة. كما كرّس هذا النظام السياسي ديكتاتورية هذه الأحزاب التي أسهمت في تشكيل الحكومات المتعاقبة منذ عام 2011، ولغاية 2020(وهي حكومات محاصصة حزبية) عاجزة عن مواجهة الأزمات الاقتصادية و المالية والاجتماعية التي تعاني منها تونس .
المستوى الثاني :هو صراع مع الديمقراطيّة يخرج بالمشهد السياسي عن صريح الدستور، ويهدد الانتقال إلى الديمقراطيّة، ويهدف إلى تغيير النظام السياسي إلى نظام رئاسي، حيث شبَّه العديد من الخبراء هذا الوضع الهجين للنظام التونسي بوضع نهاية الجمهورية الرابعة في فرنسا (1958) في عهد الجنرال ديغول، الموروث بدوره عن النظام السياسي الإنكليزي الذي يكرّس نظاما برلمانيا يتسم بسيادة مطلقة للأحزاب، من دون رؤية واقعية حقيقية.
والحال هذه، فإنَّ خيار تشكيل حكومة كفاءات مستقلة عن الأحزاب لا يُعَدُّ انقلابًا على الديمقراطية والانتخابات، طالما أنَّ الدستور التونسي ضبط المسألة، وأنَّ رئيس الجمهورية طبّق الفقرة الثانية من الفصل 89 بعد فشل “النهضة” في تمرير حكومة الحبيب الجملي، وهو (الرئيس) المؤهّل لتأويل الدستور في غياب المحكمة الدستورية التي غيّبتها الأحزاب الوازنة في البرلمان، فكانت أول المتضرّرين من غيابها.
الوضع الاقتصادي الكارثي في تونس
‬إذا كانت حكومة ‬هشام ‬المشيشي،‬استجابت ‬لعدة ‬مواصفات، ‬كالتقليص ‬في ‬العدد ‬وتمثيلية ‬النساء ‬والابتعاد ‬عن ‬المحاصصة ‬الحزبية ‬والاعتماد ‬على ‬الكفاءة ‬والتخلي ‬عن ‬رموز ‬الفشل ‬الذين ‬طبعوا ‬الحكومات ‬السابقة، فإنَّ نجاحها ‬يبقى ‬رهين ‬نجاعة ‬برنامجها ‬ومنهجية ‬العمل ‬التي ‬ستتوخاها.‬
قبل أن يقدم المشيشي رؤيته للتصدي للأزمات التي عرفتهاالبلاد ،تعيش تونس وضعًا اقتصاديًا وماليًا مرعباً، يمكن تلخيصه وفق المؤشرات التالية ، التي ذكرها رئيس الحكومة أمام مجلس النواب، على النحو التالي:
أولا:تفاقم المديونية، إذ أصبحت تونس تقترض في حدود 15مليار دينار سنويًا(5مليار دولار تقريبًا)، وهي مطالبة بتسديد قرابة 7.5مليار دينار (أي 2.5مليار دولار)عام 2020.وفي نهاية هذه السنة ستصل مجمل قيمة التداين في حدود 80مليار دينار،أي (26مليار دولار)، كما أنَّ خدمة الدين العمومي المتوقعة لسنة 2021، ستكون في حدود 14مليار دينار(3مليار دولار) أي ضعف نفقات التنمية، مما يفسر أنّ الدولة التونسية اصبحت عاجزة عن تحقيق مشاريع تنموية للنهوض بالاقتصاد الوطني، وحل مشكلة البطالة،وباتت غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها تجاه المؤسسات الدولية الدائنة في الخارج، و البنوك التونسية في الداخل.
ثانيا :زيادة معدل البطالة ، بعد تسجيل انكماش اقتصادي غير مسبوق لتونس، تجاوز نسبة 21%، وارتفعت نسبة العاطلين عن العمل بمائة ألف عاطل، لتصل نسبة البطالة إلى 18% من مجموع أهل العمل، علاوة على تداعيات جائحة كورونا وعلامات عودتها بقوة مع توقف إنتاج الفوسفات منذ ستة أشهر، وهزال الموسم السياحي.
ثالثًا:تراجع القدرة الشرائية للمواطن،إذ تراجعت نسبة إقبال المواطن التونسي على المواد الاستهلاكية بنسبة 21.5% ، والمواد الغذائية بنسبة 7.5%، مع تراجع كبير للإدخار، وهذا يعني أنَّ المواطن التونسي وصل إلى درجة مراجعة نمط استهلاكه حتى في المواد الغذائية الضرورية، في ظل انهيار مقدرته الشرائية.
رابعًا: تراجع الاستثمار، كانت نسبة الاستثمارفي حدود 24% قبل عام 2010، غير أنَّها أصبحت في عام 2020، لا تتجاوز 13%، وهي نسبة ضئيلة عاجزة عن تحقيق التنمية و توفير فرص العمل، وهذا يعود إلى أنَ تونس أصبحت دولة فاشلة، حتى لوتغاضت النخب الحاكمة عن الاعتراف بذلك.
خامسًا:تراجع مداخيل الدولة، بسبب تراجع إنتاج الفوسفاط، وعدم فضّ إشكاليات تعطّل الإنتاج المباشر و العميق على التوازنات المالية و على تراجع موارد الدولة وتدهور الميزان التجاري، وهو ما انعكس على قدرة الدولة على الإيفاء بالتزاماتها التنموية و الاجتماعية، وازدادت حدّة الأزمة الاقتصادية وتعطل محركات النمو، مع انتشار جائحة كورونا، وما أفرزته من ضغوطات إضافية على الاقتصاد الوطني.
ماهي أولويات حكومة المشيشي؟
وفيما يتعلق بالخروج من الأزمة المالية و الاقتصادية ومواجهة الإسقاطات المدمرة لجائحة كورونا،حدّد رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي، خمس متطلبات نجاح أساسية لتمكين الدولة من استرجاع دورها وسيادتها وهيبتها كاملة، لتكون قادرة على الإنجاز والفعل ،وتتمثل فيما يلي:
أولاً:تطبيق القانون والضرب على أيادي العابثين و المخالفين، في مختلف المجالات، نظرًا للدور الذي لحق المجموعة الوطنية ، و لا سيما منهم الملتزمين بالإيفاء بواجباتهم تجاه الدولة،من خلال توفير مقومات مجتمع القانون زتحديد ضوابط تكريس تلالتزام الآلي به وتحسين درجة الوعي مع تحديد أدوار مختلف المتدخلين وتسريع رقمنة مرفق الدالة.
ثانيًا:استرجاع نجاعة الإدارة و القطاع العمومي والجهاز التنفيذي بصورة عامة بعد تراكم السنوات الأخيرة .
ثالثًا:إعادة الاعتبار لدور القطاع الخاص في الاقتصاد المنظم، بوصفه محركًا للتنمية وخلق فرص العمل.
رابعًا:اعتماد برنامج إصلاح مؤسسات القطاع العام أو المؤسسات العمومية، مع أخذ بعين الاعتبار خصوصية كل مؤسسة حسب نوعية النشاط و الخدمات ووضعيتها المالية و ذلك عبر التزام الدولة بتنفيذ تعهداتها المالية السابقة تجاه المؤسساتى العمومية خلال عام 2021.
وكشف المشيشي أنَّ حكومته ستتخذ حزمة من الإجراءات في ميزانية 2021 لإضافة الموارد لميزانية الدولة من خلال الحدّ من التهرب الضريبي، وتوسيع قاعدة الأداء ومراجعة بعض مكونات المنظومة الجبائية على غرار النظام التقديري.
خامسًا:استعادة الثقة في المعاملات المالية للدولة،ودعم الاستثمارفي الجهات ذات الأولوية، وإعطاء الأولوية القصوى في الاستثمارات العمومية مركزيًا وجهويًا خلال عام 2021 لصيانة و إعادة تهيئة البنية التحتية الوطنية من طرقاتى و منشئات مختلفة، وتفعيل الشَرَاكَةِ بين القطاعين العام والخاص عبر تدعيم المشاريع الكبرى وذات المردودية العالية.
تونس بحاجة لمشروع اقتصادي و سياسي جديد
في تقويم موضوعي لرؤية رئيس الحكومة المشيشي حول كيفية مواجهته للأزمات التي تعاني منها تونس، وكيفية الخروج منها،يمكن القول أنَّ الدولة التونسية بحاجة لإعادة رسم وبلورة نمط مشروع اقتصادي و سياسي بديل ،يستجيب لانتظارات الشعب ،ولأهداف ثورة الحرية و الكرامة ، وينقذ تونس من أزماتها.
فالإيمان بالليبرالية الاقتصادية ،والاندماج في نظام العولمة الليبرالية عبر الإعتماد على المؤسسات الدولية المانحة والدول الأوروبية و الولايات المتحدة الأمريكية ،من أجل الحصول على القروض، وجلب الإستثمارات ،واتباع نهج التنمية الذي كان سائدًا خلال العقود الخمسة الماضية،الذي وصل إلى مأزقه مع بداية الألفية الجديدة، واندلاع الثورة مع بداية 2011، كان له تداعيات خطيرة على الاقتصاد التونسي ،لجهة أنه كشف بصورة جلية مأزق نمط التنمية المتبع في تونس.
ومن خصائص هذه الرأسمالية الطفيلية التونسية، أنَّها لم تبن اقتصادًا وطنيًا منتجًا ،بل إنَّ كل أنشطتها الاقتصادية تركزت، في مجالات معينة تقع على هامش العملية الإنتاجية، مثل قطاع السياحة، وعمليات الوساطة والسمسرة، والمقاولات والمضاربات العقارية، إضافة إلى الحصول على التوكيلات التجارية، واحتكار منافذ توزيع السلع المستوردة، وتكريس التبعية الاقتصادية والمالية و التجارية الوثيقة تجاه الشركات الرأسمالية الكبرى ، والاندماج في نطاق اقتصاد العولمة الليبرالية الأميركية المتوحشة ، التي تقود إلى تنمية رأسمالية الصفقات، وتفكيك أواصر عمليات التصنيع المحلي واتجاه النشاط الرأسمالي في مجالات الاستيراد والتصدير والنقل والمواصلات وغيرها من الخدمات المعاونة.
إذا أرادت حكومة المشيشي أن تنجح في مسعاها لإنقاذ البلاد التونسية من الكوارث،فعليها أن تفكر جديًا في فتح حوار وطني من أجل بلورة منوال تنمية جديد ،والتعهد بالقول والعمل من أجل محاربة الفساد ،إذ يُعَدُّملف محاربة الفساد ملفاً مفصلياً في نجاح أي حكومة ما بعد الثورة. فالمراقب للوضع السياسي التونسي يلمس بوضوح أنَّ الحكومات المتعاقبة منذ عام 2011 ولغاية عام 2020، لم تبلورخطة حقيقية لمقاومة الفساد، وإقرارالحوكمة الرشيدة ، بل إنَّ جميعها همشت ملف الفساد. فالأحزاب المكونة لتلك الحكومات السابقة ،لم تطرح في برامجها السياسية  مسألة محاربة الفساد كمسألة محورية ، وإن كانت تدرج هذا الملف ضمن شعاراتها الانتخابية.
خاتمة:
في تونس اليوم، هناك دولة فاشلة،وهيمنة من قبل طبقة سياسية فاسدة بأحزابها المختلفة(تجمعية في ثوب جديد، و إسلامية، وشعبوية يمينية )، ونوابها الذين يمارسون السمسرة الرخيصة في مجلس البرلمان مع بارونات المافيات للدولة العميقة ،وهي طبقة فاقدة لكل إرادة سياسية لمحاربة الفساد ، لأنَّ هذه الأحزاب السياسية الكبيرة الموجودة تتجنب الإحراج في طرح هذا الملف نظرا لعلاقتها  بالمال السياسي ، وأيضا لعلاقتها برجال الأعمال المتورطين في قضايا فساد.وكان ملف رجال الأعمال النقطة السوداء في سجل الحكومات المتعاقبة ما بعد الثورة . والدولة التونسية الفاشلة ليست نبتة شيطانية نمت في البلاد،بل الذي غرسها ورعاها منظومة فساد سياسي نشأ وتربى ويتربى في أروقة الدولة الغنائمية القائمة، ورعاتها الإقليميين، والدوليين، الذين يحتضنون هذا الفشل و الفساد السائدين ..
وتعاني تونس اليوم من هذه المشكلة البنيوية، ألا وهي دولة الفساد الغنائمية التي تحميها طبقة سياسية فاسدة، تعيش من المال الحرام، وتتغذّى منه وتدوّره لمصالحها الخاصة الشخصية والعائلية، جرّاء آليات التحاصص التي تتقاسمها لوبيات ومافيات أهل سلطة تتحاصص، هي الأخرى، بين أبنائها وأبناء أبنائها، لتتقاسم السياسة والمال والفشل، منتجةً دولة فاشلة هشّة بلا قيم ولا أخلاقيات أو مبادئ، يستحيل إصلاحها أو إصلاح بناها التحتية، القائمة على الأخطاء والخطايا، وتتدخل على الدوام في خدمة الأطراف الإقليمية و الدولية، وذلك جرّاء متلازمات نقص لديها أكثر إزمانا، تريد اللحاق بنماذج تعتبرها متفوقة، وتلجأ إلى تحالفاتٍ أمنية واقتصادية وتجارية معها، كما فعلت مع دول الاتحاد الأوروبي،لا سيما فرنسا وأمريكا، وتركيا،وهذا ما يعيق كل الحكومات المتعاقبة من مواجهة الأزمات المتراكمة، وتطبيق القانون على مافيات الفساد في البلاد ،وإعادة بناء الدولة الوطنية وفق رؤية فلسفة الحق والقانون.
والآن بعد أنْ سلَّم رئيس الحكومة التونسي المستقيل، إلياس الفخفاخ، مقاليد السلطة إلى رئيس الحكومة الجديدة، هشام المشيشي، يوم الخميس3 سبتمبر الجاري،فهل ستشكل حكومة المشيشي، وهي الحكومة التاسعة في تونس منذ ثورة 2011 استثناءًا عن الحكومات السابقة؟
إنَّ هذا الأمر مقترنٌ بقدرتها على بلورة برنامج حكومي لخوض صراع الإصلاح الديمقراطي حول الاقتصاد والمجتمع والثروة إنتاجاً وتوزيعًا، وهو صراع لم يعد يرسم خطوط الفصل على أساس أيديولوجي علماني – محافظ بل على أساس ليبرالي – يساري (اجتماعي).إنَّه الصراع من أجل بناء الاقتصاد الاجتماعي، الذي لا يجوز أن يكون خاضعًا بصورة تبعية للفضاء الاقتصادي المتوسطي كفضاء انفتاح على الاقتصاد المعولم يدور حول الليبرالية الاقتصادية، والتقدم في الخوصصة، واستمرار سياسات التقشف، ومراجعة سياسات الدّعم وتفكيك مرتكزات دولة الرعاية الاجتماعية ،وغض الطرف عن الصحة والتعليم بسرعتين واحدة للميسورين وأخرى للفقراء والمحدودي الدّخل ،كما جسدته الحكومات التونسية المتعاقبة التي طرحت نفسها بالحكومات بالإصلاحية (المواكبة للعصر والمنفتحة والذكية والناجحة)، لكن واقع ممارساتها أثبتت أنها مصنفة قياساً إلى حججها ومصالحها وممارساتها وشبكاتها العلائقية بأنَّها تتقاسم نفس الرؤية ونفس خطاب الإصلاحات الذي تحمله المنظمات المالية المموّلة.
حكومة المشيشي مطالبة بتجسيد القطيعة مع هذا التحالف حول خطاب الإصلاحات في تونس والتي كانت تعني تطبيق شروط هذه “العقيدة” النيوليبرالية التي جسدتها الحكومات المتعاقبة ، باعتبارها أنتجت الفشل الاقتصادي ، وعجزت عن حل المسألة الاجتماعية، بالعودة إلى عاملين :الأول عالمي يتمثل في صعود الأصوات داخل الحقل الاقتصادي والسياسي لوقف جنون العولمة الرأسمالية المتوحشة، إذ إنَّ الليبراليين المساواتيين والكينيزين الجدد واليساريين يعودون للدفاع عن ضرورة مراجعة فكرة الانسحاب الكامل للدولة من العملية الاقتصادية.أما العامل الثاني فهو محلي، باعتباره فرصة لبناء الاقتصاد الاجتماعي المتحرر من التبعية للدوائر الرأسمالية الغربية، والمرتبط بالديمقراطية الحقيقية أي الديمقراطية المرتبطة بالعدالة الاجتماعية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى