من أجل (قواعد اشتباك) جديدة للحرب و السّلم

1▪︎ نخطئ كثيراً عندما نُسقط طريقة تفكيرنا الواقعيّة المباشرة منها أو العاطفيّة على المخطّطات الأميركيّة – الصّهيونيّة المعدّة و المطوَّرة لمنطقتنا السّاخنة منذ بدايات هذا ” القرن ” ، بداية في ( العراق ) ( 2003م ) و ( لبنان ) ( 2006م ) ، ثم في ( سورية ) اعتباراً من ( 2011م ) ، مع ما يتخلّل ذلك كلّه من المواجهة الأميركيّة – ” الإسرائيليّة ” لإيران ، مع مختلف ما تشهده هذه المنطقة من إعادة ترتيبات استراتيجيّة بوسائل متعدّدة أيديولوجيّة دينيّة ، في إطار تفاقم نزعة ” الإسلام السّياسيّ ” و الدّور التّركيّ و الرّجعيّ العربيّ فيها ، أو بوسائل اقتصاديّة في ظلّ تطبيق الحصارات الاقتصاديّة العميقة التي تتناول سورية و إيران و العراق و لبنان ، مع المشكلات التي تُفتعل لمصرَ ، و الدّمار الذي يَحيق بليبيا و اليمن ، أيضاً.
2▪︎ و تتجلّى الأخطاء الإعلاميّة – السّياسيّة ، بخاصّة ، عندما لا يتّسع منبر واحد في دولنا المُستهدفة هذه ، من أجل إفساح مساحة دوريّة للإعداد النّفسيّ الجماهيريّ الواقعيّ ، ليس لحرب جديدة “إسرائيليّة – أميركيّة” ضدّنا ، و هي قائمة بالكثير من الأدوات و الأشكال ، و لكن من أجل تعميق مفهوم واقع ” الحرب ” التي تصاعدت على المنطقة منذ عقدين ، و هي مستمرّة إلى اليوم ، و لكنّها على الأخصّ يجري العمل كيلا تنتهي كما تتوجّه الحاجات و الرّغبات الاجتماعيّة و السّياسيّة و البشريّة لشعوب المنطقة ؛ بل هي في طور من تحوّلات واسعة جغرافيّاً و اقتصاديّاً و عسكريّاً و نوعيّاً ، يُضاف إليها ما تشهده المنطقة منذ سنوات لاختبارات نفسيّة و عسكريّة صهيونيّة معادية ، أميركيّة و “إسرائيليّة” ، تُمارَسُ على سيكولوجيا المقاومة.
إنّ المردود السّلبيّ للتّجاهل المطلق لهذا الواقع القائم ، هو أكبر من فقدان الثّقة و زعزعة التّماسك الوطنيّ و الإيمان بالحقّ ، ممّا لو جرى العكس من تبصير بالاحتمالات و ذلك مهما كان الخطاب السّياسيّ و الإعلاميّ على درجته الأخيرة من الواقعيّة ، ذلك لأنّ مواجهة ” الهواجس ” أو ” القلق ” ، مواجهة جِدّيّة و واقعيّة و حقيقيّة ، أفضل بمرّات من واقع تجاهل مفرداته التي أصبح لها من “الفعل السّائب و الحرّ” ما لم يُدركْ بعدُ ، و ما لم تُدركْ نتائجه اليوميّة.. على مستوى السّياسات.
3▪︎ تواترتْ على نحو تصاعديّ ، مؤخّراً ، الاعتداءات الاختباريّة ” الإسرائيليّة ” و ” الأميركيّة ” ، في تجارب تمهيديّة لمعرفة و قياس ردّ الفعل الموازي ، لهذه الاعتداءات ، الصّادر عن دول ” الشّركاء ” و ” الأصدقاء “، في ظلّ تصعيد سياسيّ أميركيّ داخليّ يُمارَسُ على ” البيت الأبيض” لدفعه إلى مقامرة نهائيّة مع اقتراب مواعيد انتخابات الرّئاسة الأميركيّة ، فيما تعمل هذه الضّغوطات الأميركيّة الدّاخليّة و “الإسرائيليّة” على دفع “البيت الأبيض” إلى خيارات حدّيّة و مباشرة لا تشكّل فرقاً كبيراً بالنّسبة إلى من وراءها على مستوى نتائج الانتخابات الرّئاسيّة الأميركيّة المقبلة في نجاح هذه الخيارات أو في إخفاقها ، طالما أنّها تؤدّي و ستؤدّي إلى نتائجها الضّمنيّة المطلوبة و المتمثّلة بالمزيد من إنهاك ” المنطقة ” ( منطقتنا ) عسكريّاً و اقتصاديّاً و اجتماعيّاً و نفسيّاً ، في ظروف يعرفها ” الجميع ” من جهة انتفاء أيّة ” إمكانيّة ” لحرب فظائعيّة أو كارثيّة ( عالميّة – نوويّة.. إلخ ) و هو ما يُطمئن ( “إسرائيل” ) و امتداداتها في الإدارات الأميركيّة ، و بدفع هؤلاء للتمادي في العبث بأصول هذا المكان ، طالما بعتقدون أنّ ما يجري ، يُمثّل في ذاته تكديس انتصارات إضافيّة للصّهيونيّة العالميّة و (“إسرائيل”).
4▪︎ ومع ذلك فجميع المعطيات المعاصرة لظروف حرب إقليمية واسعة ، تقليديّة و حديثة ، متوفّرة. هذا الواقع هو ما يجعل الكيان الصّهيونيّ في استعداد عالٍ للحرب. التّعبئة الإعلاميّة و السّياسيّة و الدّوليّة باستراتيجيّات نجهل بعضها و نتجاهل بعضها الآخر.. على صعيد التّحالفات “الشّرق أوسطيّة” بين الكيان الصّهيونيّ و دول كبرى و صغرى.. و الصّمتُ “غير العمليّ” ، و لكنْ الضّروريّ الآن ، على التّحديد ، على العربدات العسكريّة الإسرائيليّة المتزايدة ؛ و واقع استراتيجيّات الدّول الكبرى في العالم ، و وكلائها الذين أُطلقوا بحرّيّات واسعة في المنطقة و في ما يتجاوز ” المنطقة ” ، أيضاً ؛ كلّ هذا و غيره يأتي في خلفيّة الدّور التّركيّ و المطامح العثمانيّة الإسلاميّة السّياسيّة الاستعماريّة الجديدة ، و الدّور الإثيوبيّ في حضور مفاجئ و جديد و لافت و خطير ، و الاصطفافات العربيّة الحقيقيّة الأخيرة في الموقف من ( ليبيا ) و ( مصر ).. و ( العراق ).. هو ممّا يجعل (“إسرائيل”) تدخل في قلق سياسيّ يدفعها للتفكير ب ” مغامرة ” عسكريّة ، و ربّما المقامرة ، أيضاً ، جرّاء احتقان آفاق و احتمالات السّياسات و التّطوّرات في “المكان”.
ذلك أن ترتعد (“إسرائيل”) من حصارات وجوديّة ، تختنق فيها. . تفعها لأن تفكر أحيانا بتفضيل ” الانتحار ” – عفدة ماسادا – عليها . هذه قاعدة عسكريّة و استراتيجيّة “إسرائيليّة” و صهيونيّة ، يجب أن يجري الانتباه لها في إعداد السّياسات و المواجهات في الاحتمالات!
5▪︎ ويبدو أنّ ( روسيا ) ليست ” مقتنعة ” ، بعد ، بخطورة ما يجري في منطقتنا ، عليها ، و على وجودها هنا ، و على مصالحها الحاليّة و المستقبليّة!
يُفسّر ذلك الموقف الرّوسيّ في تجاهل المخطّط ” الإسرائيليّ” الذي لم يعد خافياً على روسيا أو غيرها ، نهائيّاً.
فالكيان الصّهيونيّ مدعوماً بأميركا و الصّهيونيّة العالميّة ، هو ليس فقط مجرّد قيمة و نتائج الحسابات السّياسيّة و العسكريّة التّقليديّة التي تعارفت عليها تقديرات حسابات وسائط “القوّة الشّاملة”.
هذا مع العلم أن ( روسيا ) مستفيدة ومرتاحة حاليّاً لما يحصل من ” إضعاف ” أميركيّ تتسبّبه مواجهة أميركا لإيران و الصّين ، على مستوى ما يُدعى بالحرب السّيبرانيّة ( السّيبرنيتيكيّة : الذّاتيّة الذّكيّة ). و لعلّ روسيا تجد في ذلك وقتاً لها غيرَ ضائع في مواجهة أيّة احتمالات أخرى لظروف استراتيجيّة عسكريّة تنجم أو قد تنجم عن المغامرات ” الإسرائيليّة ” – الأميركيّة في المنطقة. هذه حسابات بعيدة بالنّسبة إلى روسيا ، و لكنّها بالنّسبة ” إلينا ” ظروف وشيكة!
6▪︎ من الطّبيعيّ أنّنا في المنطقة ، لسنا شواغل أو شاغلي هموم ” العالم ” ، الوحيدين. و من الطّبيعيّ أنّ رغباتنا لا تفصّل قياسات حاجات و هموم و مشاكل الدّول العالميّة. و على الرغم من إهمية المنطقة ، فإن هذه الأهمّيّة تزداد بسبب وجود (“إسرائيل”) فيها ، و مصالحها . و على رغم ذلك ، أو بالأحرى بسبب ذلك ، بالضّبط ، فإنّ علينا أن ننظر إلى ” الواقع ” من زاوية مختلفة لا نضع فيها أنفسنا ، كمكان ، في مركز “محرق” العالم.
ذلك إنّه حتّى (” إسرائيل” ) ، كان يمكن التّضحية بها في لعبة و مصالح الكبار.. لو لا أنّها (“إسرائيل”) قد عرفت كيف تجعل من مصالحها متعضيّة و مشروطة بظروف مصالح الكبار و ” الصّغار ” ! و سواء أجادت ( ” إسرائيل” ) هذا ” الإيهام ” ، إيهام الدّول الكبرى و الصّغرى بأهمّيّتها لها ، أو سواءٌ عرفت كيف تجعل من مصالحها جزءاً من مصالح هؤلاء الآخرين.. فإنّه ليس لنا أن نتجاهل فاعليّة هذه ” الدّولة الّلقيطة “.. في سياسات عالم هو بمعظمه ، في السّياسة ، لقيط و غير أخلاقيّ و غير عاقل..!
7▪︎ تبدو امتحاناتنا عسيرة في ” المنطقة ” ما لم نتعلّم كيفيّة الخروج من “ردود الأفعال” إلى حيّز “الفعل”. ففي الظروف القاسية لبناء الدّولة الوطنيّة ، لأسباب كثيرة و معروفة ، فإنّ فائض “المقاومة” في المنطقة يتعاظم يوماً بعد يوم ، و لكنه يتبدد أحيانا في الشّعارات غير الموهوبة وفي عدم اجتراح الخيارات الكفيلة بتقديم الفعل على ردود الفعل ، في مواجهة هذا التحدي الوجودي ، مهما اختلفنا مع البعض في هذه الجزئيّة.
و إذا أضفنا إلى ذلك أنّ كلّ ضعف لنا ينضافُ كقوّة للأعداء ، فإنّ تراكمات هذه المتوالية محدودة الأفق بالنّسبة إلينا و مفتوحة للآخرين.
جميع من عدانا لا يبذل ما نبذله من طاقات و لا يخسر ما نخسره نحن من خسارات صارت تمسّ شروط الوجود و التّواجد اليوميين. و إذا كان لكلِّ محدوديّةٍ أجل فإنّه من الخطير نهائيّاً اللعب على حبال “المُحدَّدات”. فالمُحدَّد محدود بطبيعته ( نظريّاً ، على الأقلّ ) ، و لو أنّ قراءته غالباً ما تكون من خلال المحدوديّات!
8▪︎ تأتي الاعتداءات الصّهيونيّة المتمادية و المتكرّرة في إطار صورة كلّ ما تقدّم. يُساعد (“إسرائيل”) في ذلك عقيدة دينيّة “مؤمنة” بأنّ “نهايتها” – هرمجدون – إنّما هي بداية لعهد “سلام” جديد ! هذا ليس من باب الكهانة الصّهيونيّة ؛ و لكنّها عقيدة تلموديّة في الصّميم.
و إذا كان لنا مواجهة نتائج هذه العقيدة التي تمتزج عند الصّهيونيّ بالاعتماد على تفكك و “فكاهيّة” الواقع العربيّ و غير العربيّ المحيط.. فإنّ ذلك غير ملائم على النّحو الذي نعيشه حتّى اليوم بواقع انتظار “الفعل الإسرائيليّ” للقيام بردّ الفعل المناسب و المشروط.
9▪︎ بعض الأفعال لا يُقابلها ، في السّياسة ، بالفعل ، أيٌّ من ردود الأفعال. هذه قاعدة أيضاً. و من الطّبيعيّ أنّنا ، هنا ، لا ندعو إلى “حرب” استباقيّة ، نقوم نحن بها ، فهذا أيضاً ، في ظلّ الظّروف الدّوليّة ، انتحار ؛ ولا ندعو مطلقا إلى الوقوف مكتوفي الأيدي بمواجهة تصاعد الاعتداءات الصهيونية علينا.. غير أنّه يُمكننا ، و فقط ، في هذا الإطار ، و علينا ، أيضاً ، العمل على وضع حدود جديدة و قواعد اشتباك مغايرة لما تريد ” إسرائيل ” فرضه ، و سوف يرى الجميع أنّ (” إسرائيل”) لن تجرؤ ، عندها ، على تجاوز الخطوط الجديدة في إطار الاحتمال .
و على أنّ كلّ ما في الغدِ إنّما هو من باب “الاحتمال” ، فإنّ بإمكاننا ملامسة حدود المغامرة الخطيرة ، هذه ، و هذا حتّى و لو انزلق المكان إلى حرب لا نريدها ، و لكنّها عندها تبدو من ضروب الأقدار الضّروريّة للخروج من واقع بات مهترئاً من شدّة الاستعمال المتشابه و التّكرار.
يجب ألّا ننسى أنّ لنا من القواعد الشّعبيّة و الجماهيريّة ما سوف يدفعها لرؤية ما يجري ، معطوفا على معاناتها المعيشية القاهرة ، بأنه بات عبئاً على مواصلة البوصلة في اتّجاه واحد و معروف ، و هو قيد التّوقّع و الاجترار و مغادرته المقدّس من الإيمان!
و كقاعدة فإنّه لم تترسخ وتتجذر دولة يوماً بواسطة الإمعان و الإنعام المديدين بتجاهل الحقائق على الأرض ، هذا مع أنّ ما يظهر من وقائع على الأرض ، غير كافٍ لتحديد طبيعة الظّاهرة أو الظّاهرات.
10▪︎ عندما ندعو إلى صناعة أو اعتماد قواعد اشتباك جديدة ، فإنّنا لا نخترع جديداً علينا أو فينا كدولة و شعب و إنسان ، سواء في سورية أو في لبنان أو على طول خطّ دول المقاومة الجريحة ، نفسيّاً ، اليوم . إنّ استحضار التّجارب النّضاليّة التّحرّريّة و التّحريريّة التي اختبرنا بها يوماً جاهزيّتنا الرّوحيّة و التّاريخيّة ، و معها قدراتنا على الثّبات و الانتصارات ، استحضاراً معاصراً بكلّ دفق تيار الحقّ الذي يدفعنا إلى الإيمان بالحقوق.. سوف يُقابله ، و لا بدّ ، تراجع و هزيمة تاريخيّة أخرى للكيان الصّهيونيّ في (“إسرائيل”)، لا سيّما مع استحضار سلسلة من الهزائم التي ألحقناها يوماً بعدوّنا التّاريخيّ الوجوديّ ، الذي لن يُثنيه عن عربداته و مغامراته المُبتذلة سوى الكشف عن وجه الحقّ الذي غيَّبتْهُ فينا ظروف المؤامرات و الخيانات و الاحتكارات و الاعتداءات الخارجيّة و الدّاخليّة.. التي أصبحت في مجتمعاتنا عادات !
هذا جزء من أسباب التّنمّر “الإسرائيليّ” المتمادي و الوقح و الذي يبدو أنّه قد تجاوز كثيراً من الخطوط الحمر و المُحرّمات.
11▪︎ لا تعني ، بالطبيعة ، التّغييرات الضّروريّة على “قواعد الاشتباك” مع العدوّ ، حرباً شاملة ، بالضّرورة . غيرَ أنّ الحربَ عندما تكون هي الخيار الوحيد الأخير مع عدوّ متغطرس و وقحٍ.. إنّما قد تكون أيضاً الحلّ المناسب للردّ على تهديدات شاملة نعانيها و قد تجاوزت القدرة “فينا” على التآلف التّكتيكيّ الذي تحوّل إلى “مشروع قلق وطنيّ”.. يكاد يطال الّلحظة و المستقبل مع ما يطاله من أجيالٍ ولدت و عمّرت في ظلّ ظروف خطأ ، علينا تصحيحها لتصحيح جسد الأمّة و الوطن و الشّعب و الدّولة و الوجود.
لقد تجاوز الأمر الحاجة إلى “خطاب” سياسيّ و عسكريّ تعبويّ.. و إلى “خطاب” مواز إعلاميّ هو حتّى الآن – للأسف – متواضع الحضور ؛ و صار لا بدّ من إعادة إنتاج “خطاب” جديد و معاصر للحرب كما للسّلم ، من أجل مستقبل يسمح لتيّار الحياة بالجريان من جديد ..
هذا مع العلم أنّ إنتاج خطاب الحرب ، هو ليسَ حرباً على الإطلاق! بل يأتي في إطار المقولة المعروفة ( إذا أردت السلم .. فاستعد للحرب ) .
12▪︎ و في كلّ حال، فنحن يجب ألّا ننتظر “الآخرين”، أيّاً كان هؤلاء الآخرون ، ليقدّموا لنا وصفات الحرب و السّلم ، إذ أنّه ما من دولة أو قوّة في هذا العالم إلّا و هي تبحث أوّلاً و أخيراً على مصالحها الخاصّة – وهذا حقها – و تعمل على تبنّي أفكارها الخاصّة و جعلها حقائق على الأرض ؛ و ذلك باستثناء المشورة و التّنسيق في “المنظومة الواحدة” الدّوليّة ..
و لكنْ علينا ، أيضاً ، قبل ذلك إعادة اختبار قيمة ” مفهوم ” المنظومة نفسها و واقعيّتها و جدّيّتها و حجم المصالح المشتركة التي تجمعنا بها ، و استعدادها ، كمنظومة ، لتقديم ” الأثمان ” و ” الكلفة ” مقابل فوائد المنظومة المجتمعة الواحدة.
في هذا الإطار لا يكون الإيمان لمرّة واحدة بجدّيّة ” المنظومة ” المشتركة من الدّول و المصالح و الأفكار كافياً ليكون أبديّاً ، إذ لطالما تتبدّل جدّيّة البعض من ضمن أطراف ” المنظومة الواحدة ” ، نتيجة احتمال تبدّل الأولويّات و الاستراتيجيّات.
هذا بالطّبيعة من أصعب و أعقد الأمور في ملاحظات التّطوّرات في “المنظومات” ، و ذلك سواءٌ أكانت تلك المنظومات من دول الشّراكات أو التّحالفات أو كذلك الأفراد و القوى و الجماعات.
13▪︎ نحن ، في سورية الأسد ، و في ” محور المقاومة “.. لم نكن يوماً دعاة حرب شاملة . الحرب نفسها ليست خياراً في عقل السّياسة أو سياسة العقل . غير أنّ الحرب عندما تُصبح خياراً للأفق الإمبرياليّ الأميركيّ و الصّهيونيّة العالميّة و ( ” إسرائيل” ).. و هي كذلك ؛ فإنّ علينا عدمَ الانتظار لتلقّيها كصفعة مجابهة صارعة ، أو احتوائها كصدمةٍ مميتة و قاتلة.. و قد صارت كلّ حرب عدوانيّة علينا ، اليومَ ، هي شيء من هذا الفعل الشّائن الذي ينبغي التّصدّي له بوسائله نفسها قبل أن يُجرّدنا من بقيّة ما في أيدينا من أدوات و وسائل و عزيمة و همة .
14▪︎ غير أنّ جميع ما تقدّم ، و تنظيماً و اقتصاداً في الجهد العسكريّ ، إنّما هو مشروط أيضاً بحسم الملفّات العالقة في الدّاخل السّوريّ نتيجة الحرب الكونية على الدّاخل السوريّ ، المستمرّة منذ عشر سنوات ، و بخاصّة في ملفّات ( إدلب ) و الشّمال الشّرقيّ السّوريّ ، و بقيّة المناطق السّوريّة المعلّقة و الخاضعة لتفاهمات إقليميّة و دوليّة ، و في ذلك إعادة رسم ، أيضاً، لعلاقات سورية مع الشّركاء و الحلفاء و الأصدقاء.. و هو ما يجري بالفعل مؤخّراً بخاصّة بعد إعادة رسم جديد لخريطة الطّريق في ملفّ ( إدلب ) على الخصوص ، مع الحلفاء و الأصدقاء ، و هو ما ينبغي أن ينطلق منه كلّ استعداد آخر للمواجهة المصيريّة القادمة مع ( ” إسرائيل” )..
وأخيرا نقول : إن ما حدث البارحة ( 27 تموز 2020 ) من حالة هلع إسرائيلي ، اشتبكت فيها وحدات العدو مع بعضها ، بينما كانت تنتظر عملية من ” حزب الله ” ضدها ، فتراءى لها أنه يقوم بعمليته !!
يؤكد أن ” إسرائيل ” تعيش على صفيح ساخن جدا ، سوف يشتعل تحتها ويحرقها في أي حرب كبيرة قادمة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى