فوز قيس سعيد برئاسة تونس يشكل ضربة لدعاة التطبيع مع إسرائيل

فيما تهرول قيادات  دول عربية نحو التطبيع مع إسرائيل، اختارت تونس رئيسا أعلن مرارا أنه ضد التطبيع مع الكيان الإسرائيلي ومؤيد للقضية الفلسطينية.

وأعلنت تونس  امس الاثنين قيس سعيد، الأستاذ الجامعي المتخصص في القانون الدستوري، رئيسا لها بعد حصوله على نسبة 72.71 بالمئة من أصوات الناخبين، ما مثل قبولا كبيرا في الشارع العربي المعارض بمعظم أطيافه وتوجهاته.

وعلى غير المطروح في الشارع السياسي العربي وبعيدا عن توجه كثير من الساسة والقادة العرب، أعلن سعيد خلال مناظرة تلفزيونية قبل أسبوع أن “التطبيع خيانة عظمى، ويجب أن يحاكم من يطبع مع كيان شرد ونكل شعبا كاملا”.

وأكد أن “كلمة تطبيع هي كلمة خاطئة أصلا، وأن الكلمة الصحيحة هي (الخيانة العظمى)، ونحن في حالة حرب مع كيان غاصب”.

وإثر فوزه توجه آلاف التونسيين إلى الشوارع للاحتفال رافعين أعلام فلسطين ومنادين بتحريرها، فيما أكد سعيد، في حديث له الاثنين، أنه سيعمل على دعم القضايا العادلة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وأن تكون القدس عاصمة فلسطين.

ومثلت زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو لسلطنة عمان في 25 تشرين الأول/ أكتوبر 2018، تحولا في ملف التطبيع العربي مع إسرائيل من السر إلى العلانية.

وانطلقت الشهور السابقة الوفود الرياضية والثقافية والدبلوماسية الإسرائيلية رسميا إلى معظم العواصم العربية والخليجية، كما انتشرت دعوات التطبيع عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي العربية وخاصة الخليجية منها لأول مرة بشكل علني.

والسؤال: هل مثل فوز قيس سعيد ضربة للتطبيع العربي والخليجي مع إسرائيل؟ وهل يتمكن قيس سعيد، من إعادة ملف فلسطين لأولويات الحكومات العربية؟ وهل تقلق تلك الحالة التي صنعها قيس سعيد بالشارع العربي، إسرائيل؟

“لن يتركوه”

وفي تعليقه على تلك التساؤلات قال القيادي بحزب التحالف الشعبي، فؤاد سراج الدين، إن “نجاح قيس سعيد. مؤكد هو مقلق ومزعج لإسرائيل وجميع الأنظمة الدكتاتورية سواء المطبعة أو غيرها”.

السياسي المصري أشار إلى أن دلالات ذلك الخوف الإسرائيلي المحتمل من قيس سعيد، تعني “وجود وعي وثقافة لدى الشعب التونسي الذي أثبت أنه أكثر تحضرا وثقافة من باقي الشعوب العربية والإسلامية قاطبة”.

وفي الوقت الذي وصف فيه سراج الدين، فوز سعيد بأنه “نصر لتونس وشعبها”، فهو يعتقد أن “التجربة التونسية هي بداية للعملية الديمقراطية التي ستتبعها فيها كثير من الشعوب العربية”.

ولكن السياسي المصري استدرك بقوله إن إسرائيل والمطبعين العرب لن يتركوا الرئيس التونسي الجديد يجمع حوله القوميين والعروبيين وأيضا الإسلاميين، متوقعا أن “تكون هناك مقاومة لسعيد ومحاولات لإفشال التجربة التونسية”.

ويرى سراج الدين، أنها “ستكون محاولات يائسة لن تمر، لأنه كما قال الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي: (إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر)”.

وشدد على أن “ثورة التقدم العلمي وفيض المعلومات من الإنترنت تبشر بتقدم مستمر لن يعود للخلف”، مشيرا إلى أن “عملية الوعي في تقدم مستمر وهذا هو العصر المستقبلي”.

وحول ما يحتاجه قيس سعيد، كي يعيد ملف فلسطين للواجهة ويجمع الشارع العربي ضد الكيان الإسرائيلي، جزم القيادي اليساري، أن “القضية الفلسطينية محاصرة بمخالب الدكتاتورية ومن الصعب أن يعمل الرجل بمفرده؛ فهو يحتاج إلى قوى ديمقراطية مخلصة بجواره”.

وختم بالقول: “وهذا حاليا صعب ولكن سوف يكون له تأثير إيجابي في المستقبل”.

ويرى السياسي المصري أسامة فتحي حمودة، أن “فوز قيس سعيد بالفعل ضربة قاصمة لعملية التطبيع العربي مع إسرائيل”، متوقعا أنهم “وبالتالي سيخلقون له مشاكل عديدة”.

وقال حمودة ،حول قدرة قيس سعيد على إعادة ملف فلسطين لأولويات الشارع العربي والحكومات العربية: “أظن أن قدرته لن تكون كبيرة في إعادة ملف فلسطين إلى الأولويات”.

وحول رد فعل إسرائيل من احتمالات اجتماع الشارع العربي عليه يظن حمودة، أن “قلق إسرائيل في الوقت الحالي لن يكون كبيرا من قيس سعيد”، مضيفا: “ولكنني وبمحاولة فهمي لعقلية هؤلاء الصهاينة على مدى عشرات السنين، أظن أن قلقهم على المستوى الاستراتيجي والمستقبلي سيكون كبيرا جدا”.

وأوضح حمودة، أنه “بعد كل ما فعلوه بين العرب، وبعد كل ما حاولوا فعله من غسيل لأدمغة الشعوب العربية، يأتي رجل لم يسمع عنه أحد قبل ذلك، ويكون هذا موقفه منهم”.

وعبر صفحته بـ”فيسبوك”، قال مساعد وزير الخارجية الأسبق الدكتور عبدالله الأشعل، إن “نجاح الرئيس المعادي لإسرائيل والحاضن للعروبة؛ درس لكل من ينتظر اختيارات أمريكا وإسرائيل، إذا كان الشعب حيا وواعيا”.

في حين قال الكاتب الفلسطيني ساري عرابي، إن فوز قيس سعيد يشكل نقطة أخرى تسجل في مرمى الثورة المضادة، وقوى التطبيع مع إسرائيل والعمالة لها، وتعبير عن عمق الأمّة المتجاوز لكل التيارات التقليدية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى