مجلس التعاون الخليجي .. 38 عاماً من الفشل

تأسس مجلس التعاون الخليجي المكوّن من المملكة العربية السعودية، وسلطنة عمان، ودولة الإمارات العربية المتحدة، ودولة الكويت، ومملكة البحرين، وقطر في 25 مايو 1981 لتحقيق أهداف من أهمها التعاون والتكامل بين دوله في جميع المجالات وتعزيز الروابط والتعاون بين شعوبها وصولا إلى وحدتها، وبناء منظومة دفاعيّة قادرة على حماية الدول الأعضاء، ووضع أنظمة مماثلة في مختلف الميادين الاقتصادية والتجارية والجمارك وغيرها من الأنظمة الاقتصادية لدعم تطوّر دوله واستقرارها وازدهارها.

لقد قوبل تأسيسه بترحاب رسمي وشعبي، واعتبر خطوة جيّدة تبشّر بمزيد من التعاون والتقارب الوحدوي بين الأقطار العربية على الرغم من شكوك الكثيرين في ذلك الوقت، وكانوا محقّين في شكهم، أن حكام الخليج اتّفقوا على تأسيسه ليس حبّا بلمّ شمل الأمة ودعم الوحدة الخليجية والعربية، بل خوفا من انتقال عدوى الثورة الإيرانية إلى دولهم، ودفاعا عن عروشهم.

فما الذي حقّقه مجلس التعاون الخليجي خلال ال 38 عاما الماضية؟ هل نجح في تحقيق أهدافه المعلنة؟ وهل دول الخليج الآن أكثر تقاربا وأمنا وتماسكا ممّا كانت عليه عندما أعلن عن قيام المجلس؟ الحقائق والتطورات تثبت أن المجلس فشل فشلا ذريعا؛ وإنه مجلس علاقات عامه ولم يقدّم الكثير لا لأبناء الخليج ولا لإخوانهم العرب؛ فما زالت الخلافات قائمة بين دوله التي لم تتفق على انتهاج سياسة خليجيّة وعربية ودولية موحّدة؛ فالسعودية والامارات والبحرين تعمل وتنسق سياساتها معا، بينما عمان والكويت لهما تحفظاتهما وسياساتهما المختلفة في تعاملها مع الدول العربية والأزمة الإيرانية والحرب اليمنية ودول العالم، والخلافات بين قطر ودول المجلس ما زالت قائمة بعد ان قطعت السعودية والإمارات والبحرين علاقاتها الدبلوماسية معها وحاصرتها برا وبحرا وجوا.

ولم يفعل المجلس شيئا لحل الخلافات الحدودية بين السعودية وقطر، والسعودية والإمارات، والسعودية والكويت، وقطر والبحرين، والإمارات وسلطنة عمان؛ وفشل في تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين دوله، وفي العمل العسكري المشترك لبناء منظومة دفاعية وأمنية فاعلة تحمي دوله وتحقّق لها لأمن والاستقرار، وفشل في استكمال مقومات الوحدة الاقتصادية وإقامة سوق خليجية مشتركة وتعزيز الشراكة الاقتصادية بين دوله.

وأخفق المجلس في التحوّل إلى نموذج وحدوي عربي لأن دوله وضعت قيودا صارمة على دخول العرب اليها والإقامة والعمل والاستثمار فيها، ومارست نوعا من التمييز العنصري بين العرب العاملين فيها وبين المواطنين الخليجيين في الرواتب والخدمات التعليمية والطبية، وعزّزت بذلك الشعور الإقليمي والتفرقة بين أبناء الشعب العربي الواحد، وساهمت في تدمير العراق وسوريا واليمن وليبيا وتأزيم الوضع في لبنان، وطبّعت مع إسرائيل، وجلبت القواعد الأمريكية والبريطانية إلى المنطقة، وصرفت مليارات الدولارات لإفشال الربيع العربي، والآن تتآمر على الجزائر والسودان لإفشال ثوراتهما الجماهيرية، وتعرّض المنطقة للدمار نتيجة لتحالفها مع الولايات المتحدة الأمريكية في هجمتها للهيمنة على المنطقة بحجة مواجهة الخطر الإيراني!!

مجلس التعاون الخليجي أخفق في تحقيق أهدافه المعلنة، ويعاني من خلافات وانشقاقات تهدّد استمراره على الرغم من ادعاءات الاعلام الرسمي الخليجي بأنه متماسك وحقق ” الكثير من الإنجازات “؛ الشعب العربي في الخليج وفي كل قطر من أقطار وطننا العربي يتوق إلى تحقيق اتحاد خليجيّ ديموقراطيّ فاعل، ويدعم أي محاولة وحدويّة عربيّة لقناعته ان الوحدة العربية هي الحلّ الأمثل للمشاكل السياسية والاقتصادية المزرية التي يعيش في ظلها؛ لكنه، أي الشعب العربي، لا يرى أملا في تكتّلات واتحادات الملوك والأمراء والمشايخ الذين يحاربون حركات التغيير الديموقراطي العربية التي قد تقود إلى توحيد الأمة، ويراهنون على القوى الأجنبية لحماية ” دويلاتهم ” وعروشهم كما يفعل قادة مجلس التعاون الخليجي وغيرهم من القادة العرب!

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى