في الذكرى السبعين للنكبة .. فلسطين يا شعبنا العربي

يبقى الصراع العربى الأسرائيلى دائما – وحتى يزول الاستيطان الصهيونى من ارض فلسطين – صراع وجود وليس صراع حدود , وتلك ليست مقوله تطلقها الحناجر لا لتذهب أدراج الرياح , لكنها حقيقه وواقع لابد أن يترسخ فى الوجدان .

فعلى مدى التاريخ والأيام , أدرك نابليون بونابرت ,أن وحدة مصر وسوريا هى كيان وحدوى أن تحقق صار للعرب سياج ,وصارت العروبة تستعصى على كل أحتلال , وتجهض اطماع الغزاة , وهنا أدرك أنه لابد من فاصل يقطع الأوصال بين ارض الشام ومصر الحضارة وهمزه الوصل بين جناحى الأمه العربيه فى آسيا وأفريقيا .

أنها فلسطين , بلد السلام , ومهبط الأديان , ومسرى محمد عليه السلام , صارت العين عليها تخطط وتدبر , منذ أن تحطمت قوافل الحملة الفرنسية على ابواب عكا , على أثر مقاومة وَالِيها وجنودها البواسل , فحموا سوريا من براثن الأحتلال, وكانت تلك القشة التى قصمت ظهر البعير , وغدى قادة الحملة الفرنسية على يقين بأن مغادرتها الاراضى المصرية قاب قوسين او أدنى , وأزاء مقاومة المصريين سقطت الحملة فى شرك النضال المصرى وراحت تلملم بقاياها وغادرت مصر الى حيث آتت ,منذ تلك اللحظه أدرك نابليون بونابرت أن تلاحم مصر مع سوريا لابد أن ينتهى وتنفصم عراه أذا ماأراد الغرب الاستعمارى السيطرة على المنطقة العربية لينعم من معين ثرواتها .

وكانت فلسطين هى المطمع والحد الفاصل بين مصر وسوريا ,وفى أحتلالها وأخراجها من سياقها العروبى , ما سيُقطع الأوصال بين مصر وسوريا , ويسهل السيطرة على عالمنا العربى , ويمنع تقدمه على مر العصور والأجيال , وعلى ذلك كان الفعل الأستعمارى الأوروبى خاصة البريطانى ممثلا فى وعد بلفور صادرا ممن لايملك الى من لايستحق , وقد تُرجم هذا الوعد واقعا بأعطاء فلسطين وطن قومى لليهود والهدف تقسيم العالم العربى , ووضع حد فاصل يجهض أى عمل وحدوى بين مصر وسوريا فكانت النكبه فى العام 1948 , وما استتبع ذلك من حروب 1956 و 1967 و 1973 , وحروب لبنان كلها وأخرها حرب 2006.

صار تآمر الرجعية العربية ممثلة فى ملوك العرب وحكام الخليج الى اخر مداه مع المؤامرة لأندثار حق العودة ,ومتابعة تدنى المؤامرة الكونية والتماهى معها من أجل شرق أوسط جديد تقوده أسرائيل , وتمحو به فلسطين من الخريطة السياسية.

لكن وعلى مدى التاريخ القريب كانت هناك ومضات مضيئه قادها الزعيم الخالد جمال عبد الناصر للتشبث بفلسطين وحق العودة وازالة الاستيطان الصهيونى من ارضها , كهدف تكتيكى لابد من تحقيقه من اجل الهدف الاستراتيجى وهو الوحدة العربية – احتضن “ناصر “المقاومة الفلسطينية وحماها من الأبادة على يد الملك حسين , وثار ندائه “أرفعوا ايديكم عن النضال الفلسطينى”- وزلزلت المقاومة الفلسطينية أركان الوجود الصهيونى الاستيطانى فى فلسطين , وبثت العمليات الفدائية والأستشهادية الرعب فى نفوس المستوطنين اليهود , وبدت الأنتفاضة الأولى والثانية ,ثورة شعبية جعلت الأرض تميد من تحت اركان الدولة العبرية – ثم صارت المقاومة اللبنانية تقود النضال وتحتضن المقاومة الفلسطينيه , ليشكلا معا تلاحما عروبيا نضاليا قدم اروع الأمثله واجل التضحيات من اجل فلسطين وطن خالى من المستوطنين الصهاينة – وبدت مقاومة حزب الله أخيرا تثير الذعر فى كل ارجاء الكيان الصهيونى وتضج مضاجعهم ليل نهار , وشقت صواريخ حزب الله عنان السماء وهطلت كالمطر فى عمق الكيان الصهيونى ,وبدت الأرض تميد من تحتهم ,وصار حنق الرجعية العربية على كل ماهو مقاوم , وتمنت أسرة آل سعود ومبارك أن تقضى أسرائيل على حزب الله , لكن خاب أملهم وأنتصر حزب الله , وراحت أسرائيل تدرس اسباب هزيمتها.

من هنا صَعَدت المؤامرة الكونية على الأمة العربية سَعِيرها , وراحت تشعل نيرانها فى مصر وليبيا واليمن ولبنان , وأخيرا فى سوريا من اجل خنق حزب الله , مما أضطر الحزب أن يدافع عن وجوده , وصار يقاتل الارهاب فى سوريا مع الجيش العربى السورى , مما عطل المقاومة عن عملها داخل ارض المحتله.

تماهت (حماس) مع المؤامره وأنزلقت ارجلها فى وحلها , وأن بقيت كتائب القسام تخوض النضال- وبأنغماس محمود عباس وبعض من قيادات فتح فى اللهث وراء سراب السلام مع اسرائيل , وتماهى قيادات حماس, بالأضافه الى أنشغال الشعوب العربية فى أطفاء الحرائق التى اشتعلت على أراضيها , صارت المؤامرة الصهيو أمريكية والممولة من حكام الخليج خاصة آل سعود وآل ثانى (فى قطر)والبحرين والأمارات تحقق هدفها وهو الهاء قوى المقاومة والشعوب العربية وفاعلياتها القومية عن فلسطين وبدى ان ذلك محاوله للتسليم بالأمر الذى ارادوه واقع وهو الوجود الصهيونى على ارض فلسطين, وبدى التطبيع على اشده بين حكام الخليج فى تلك الدول والعدو الصهيونى , وسخروا جل تأمرهم من اجل الصداقة مع اسرائيل وخلق عدو وهمى بديلا لها (ايران), وثارت المهزلة الى أشدها , حين أحتفل الكيان الصهيونى فى قلب القاهرة بالذكرى السبعين لأحتلال فلسطين , من أجل محو حق الشعب الفلسطينى من الوجود , وتدشين أسرائيل الكبرى من النيل للفرات ,وصارت كل الأنظمة العميله فى الخليج ومصر والأردن شريكا فى صفقة القرن التى طرحها ” ترامب” رئيس أمريكا السكير من أجل انهاء الحق الفلسطينى وايجاد وطن بديل للفلسطينين ,وترك الأقصى اسير , يجابه الهدم والسقوط من المستوطنين الصهاينه , والأعتراف بالقدس عاصمة للدولة اليهودية , وعلى هذا أصدر ترامب قراره بنقل السفارة الأمريكية الى القدس ,فى أحتفال يحضره بالمدينة المقدسة فى الذكرى السبعين لأغتصاب فلسطين ,وقد وجهت الدعوات للعملاء من العرب .

والسؤال الآن هو : هل أدرك الشعب العربى حقيقة المؤامرة؟ هل وضحت الرؤية وتأكد أن هدفها من اشعال النار فى البلدان العربية هو خدمة الأمن الاسرائيلى , و من اجل الوثوب الى الهدف الأستراتيجى وهو تمدد اسرائيل من النيل الى الفرات ومحو فلسطين من الخريطه الجيوسياسيه للوطن العربى واستبدالها بشرق اوسط جديد تقوده اسرائيل ؟

علنا أن ندرك ذلك جيدا الآن وقبل أن تصل المؤامرة الى نهايتها الدراماتيكية , وأن ننهى خلافاتنا ونطفىء النار المشتعلة فى سوريا والعراق ومصر واليمن وليبيا ولبنان وكل بلدان الأمة العربية ,وأن نتجاوز انانيتنا وتعصبنا المقيت للدونية والاستغراق فى المحلية والشوفونية , منطلقين الى هدفنا القومى لشحذ الهمم وهو الوحدة العربية بين الشعوب , والتى لا يمكن ان تتحقق الا اذا سبقها الهدف التكتيكى الموصل اليها وهو تحرير فلسطين .

فى الذكرى السبعين لنكبة الشعب الفلسطينى لابد للأعلام القومى الحر بكل وسائله وادواته أن يرفع من جديد ويؤكد على أن الصراع مع العدو الصهيونى هو صراع وجود وليس صراع حدود , ولابد لأسم فلسطين وعلمها أن يعودا الى الواجهة فى نشرات الأخبار والعناوين الرئيسية للصحف , وعلى كل وسائط التواصل الأجتماعى والمواقع الاليكترونية , ولايتم ذلك الا اذا توحدت المقاومة الفلسطينية بكل أطيافها (القومية والناصرية والوطنية والشعبية والأسلامية والمسيحية ) برعاية الشعوب العربية وبعيدا عن كل الحكومات , على المستوى القتالى والسياسى والاعلامى , وصارت ضرباتها الناعمه والقتالية تصيب العدو فى الصميم, وعلى القيادات الشعبية الفلسطينية أن توحد الشعب الفلسطينى , وتشحذه من اجل أن يشعل الأرض الفلسطينية نارا وعلى الدوام حتى تنهك قوى العدو الصهيونى وتستنزف أسرائيل ماديا حتى تنهار جبهتها الداخليه نفسيا , وتبقى فى تعبئه عامه على الدوام وهو مالاتستطيعه اسرائيل بمايساهم فى انهيارها وهو يفعل ذلك ويتصاعد بفعله منذ يوم الأرض وحتى اليوم 15\5\2018 يوم النكبة.

وعلى الشعوب العربية وقواها الوطنية والتقدمية أن تزيح من على بساط نضالها كل العملاء والحكام المتماهين مع الأمبريالية والصهيونية , وان تمد يد العون المادى والمعنوى للشعب الفلسطينى , وأن ترفع فى كل ميادين البلدان العربيه أعلام فلسطين وخريطتها وقبل كل ذلك أن تزيل السفارات الصهيونية فى القاهرة وعمان والمكاتب التجاريه الصهيونية فى دول الخليج و وأن تجعل من الدار البيضاء راية نضال ضد المظاهر الصهيونية فيها .

من هنا نكون قد بدأنا طريق طويل , سوف يمتد مخضبا بدماء الشهداء من بيروت الى القدس ومن دمشق الى القدس , ومن بغداد الى القدس , ومن القاهره الى القدس ومن كل مكان فى أمتنا العربية حيث يقف الرجال فى طابور طويل يمتد نحو تحرير كل التراب الفلسطينى من دنس الاستيطان الصهيونى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى