حول اجتماع رام الله تحت مسمى المجلس الوطني

النظام الأساسي للمجلس الوطني ينص على انعقاده سنوياً وتجديد عضويته كل ثلاث سنوات، لكنه لم ينعقد ولم يجدد لأعضائه منذ أكثر من 20 عاماً.

آخر دورة عادية رسمية عقدها المجلس المذكور كانت الدورة العشرين في 23-28 سبتمبر/أيلول 1991.

آخر اجتماع غير رسمي للمجس المذكور كان مهرجاناً اشبه بالسيرك، جمع فيع عرفات من يوالوه حصراً، ليرفعوا أياديهم بحضور الرئيس الأمريكي بيل كلينتون لإلغاء أو تعديل معظم بنود الميثاق الوطني (28 من اصل 33) وذلك 14 ديسمبر/كانون الأول .1996

في ذلك المهرجان “السيركي” أضاف عرفات 350 عضواً جديداً للمجلس المذكور دون معايير أو إجراءات من أي نوع، ليصل الحضور في ذلك الاجتماع إلى نحو 850 شخصاً

بحسب مزاعم الصحفي الراحل، عرفات حجازي، عضو المجلس الوطني الفلسطيني، التي يشير لها بحث للباحث، محسن صالح، فإنّه سمع من الرئيس ياسر عرفات قوله “إنّ هذا المجلس الوطني (1996) هو آخر المجالس الفلسطينية، وإنّه لن ينعقد بعد اليوم في أي مكان”.

لا يُعرف عدد أعضائه الذين تضخموا إبان حقبة عرفات بسبب منح عضويته بشكل فردي مزاجي دون سند قانوني أو وطني، حسب الولاءات والانتماءات .

في غياب أي بيانات رسمية وفي بداية تأسيس المجلس الوطني كان عدد أعضائه 422 عضو فقط، ووصل عدد أعضائه عام 2015 إلى 765 عضوا موزعين – نظرياً – على الفصائل والاتحادات والمستقلين ونواب المجلس التشريعي الفلسطيني، مع ملاحظة أن الزيادة تمت دون أي انعقاد للمجلس!

عدد كبير من أعضاء المجلس مصنفون على أنهم “مستقلون” رغم كونهم قياديون في حركة فتح – على سبيل المثال: نبيل عمرو، انتصار الوزير، عبد الزراق اليحيى، صائب عريقات، مروان البرغوثي، وأحمد حلس، وهو ما ينفي التمثيل الحقيقي للقوى الفلسطينية.

يُعتقد – حيث لا بيانات رسمية من أي نوع – أن عضوية المجلس الحالي ممن بقوا على قيد الحياة حتى الآن تشمل 691 عضواً: 374 في الضفة الغربية، 130 في قطاع غزة، 60 في الردن، 83 في باقي الدول العربية، و44 في باقي دول العالم

المعدل العمري – متوسط عمر الأعضاء الأحياء – هو 72 عاماً، علماً بأن 80% من أبناء الشعب الفلسطيني هم دون سن الأربعين.

المجلس لا يتحكّم حتى في عضويته، وكثير من أعضائه إما أنهم قضوا نحبهم، أو أنهم مصابون بالشيخوخة، أو أمراض أخرى، ولا يعرف أحد على وجه الدقة معايير تسمية الأعضاء وشطبهم. إنه قرار “الزعيم” لا المجلس.

المجلس المذكور ليس سيد نفسه مع أنه يفترض أن يكون مرجعية عليا لكل المؤسسات الفلسطينية، وهو لا ينعقد إلا بطلب من “الزعيم” ليمرر قراراته فقط!

لا ينعقد المجلس – وبطلب من الزعيم – إلا في سياق التساوق مع مشاريع وحلول تصفوية تطرح، هذا كان الحال في في كل الدورات الأخيرة، وهذا هو الحال اليوم مع الحديث عن صفقة القرن، وبغرض تمرير وتطويع المؤسسات الفلسطينية – التي تدعي تمثيلها للشعب الفلسطيني .

منذ سبعينيات القرن الماضي لم يُمارس المجلس المذكور أي دور رقابي، حتى عند خرق نظامه الأساسي والميثاق الوطني، وتعامل معه عرفات كمجلس “بصم” يُعلمه فقط بما يريد بعد أن ينتهي هو شخصياً منه، كما حدث في خرق الميثاق من قبل عرفات في تفاهمات فيليب حبيب 1982، بيان نبذ الإرهاب 1985، الإعتراف بقراري 242 و338 عام 1988، اتفاق أوسلو 1993 .

منذ سيطرة حركة فتح على منظمة التحرير الفلسطينية عام 1968، تحول المجلس الوطني الفلسطيني من المرجعية التشريعية العليا للمنظمة إلى أداة لترسيخ نفوذ “فتح”، حيث وظف زعيم الحركة ياسر عرفات، المجلس الوطني لتوفير غطاء “وطني” مزعوم لمغامراته السياسية، كلما تطلب الأمر ذلك.

سقف المجلس الوطني من القضية كان يهبط مع كل جلسة أو دورة يعقدها: من الميثاق القومي للميثاق الوطني في الدورة الرابعة بالقاهرة عام 1968، ومن التحرير للدولة الديمقراطية العلمانية في الدورة الثامنة عام 1972، ومن التحرير الكامل لسلطة مقاتلة ضمن برنامج النقاط العشر عام 194، ومن الوحدة والاتحاد العربي إى تعزيز التضامن العربي عام 1977، والموافقة على قرارات قمة فاس عام 1983، ومبدأ الأرض مقابل السلام عام 1985، ومن ثم الاعتراف بقراري 2424 و338 في الدورة التاسعة عشر عام 1988، واتفاق أوسلو والاعتراف ب”إسرائيل” عام 1993، وصولاً لإلغاء الميثاق الوطني عام 1996.

لم تجر أي انتخابات ولا في أي مرحلة لأعضاء المجلس ولا تشمل عضويته فئات كبيرة جداً من الشعب الفلسطيني

يغيب عن تشكيلة المجلس القوى الرئيسية على الساحة الفلسطينية كحركتي حماس والجهاد الإسلامي، كما يغيب عن تشكيلته أي تمثيل من أي نوع لأكثر من مليون فلسطيني يعيشون في أوروبا والأميركتين .

جمع محمود عبّاس 325 عضواً من أعضاء المجلس المذكور بتاريخ 26 أغسطس/آب 2009 في جلسة “أخوية” لا علاقة لها بنصاب أو إجراءات لاستكمال الشواغر في اللجنة التنفيذية بشكل فردي مزاجي في محاولة لإسباغ شرعية مفقودة – وما زالت – لمنظمة قام هو بتهميشها سابقاً .

انعقاد أي اجتماع من أي نوع في رام الله وتحت حراب المحتل لا يمثل باي شكل من الأشكال الشعب الفلسطيني ويخالف ما عُقد من اتفاقات كان آخرها اجتماع اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني الفلسطيني والتي عقدت اجتماعاً لها في السفارة الفلسطينية ببيروت يوميْ 10 و11 يناير/كانون الثاني 2017، برئاسة رئيس المجلس سليم الزعنون؛ حيث اتفقت على عقد مجلس وطني يضم كافة القوى الفلسطينية، وأكدت ضرورة “تجسيد الوحدة الوطنية” في إطار منظمة التحرير الفلسطينية

تقاطع كافة القوى الفلسطينية الاجتماع الذي يعقده محمود عبّاس في رام الله يوم 30/04/2018 باستثناء الجبهة الديمقراطية.

طُلب من سفارات السلطة الفلسطينية في الخارج ترشيح أسماء لضمها لاجتماع رام الله في محاولة لفرض تشكيلة تحت مسمى المجلس الوطني الجديد، وقامت السفارات بدورها بترشيح أسماء رفضتها الجاليات والتجمعات الفلسطينية في أماكن تواجدها، أولاً رفضاً لمبدأ انعقاد المجلس بهذه الطريقة والأسلوب، وثانياً لعدم أهلية أو وطنية من رشحوا من أقارب ومعارف العاملين في سفارات السلطة.

الاجتماع الذي يقترحه عباس تحت حراب المحتل هو محاولة لصنع مجلس وطني معين بأكمله وبشكل غير ديمقراطي وبشكل تم قياسه مسبقا، ضمن سياسة الولاءات والاقصاء

طالب 114 عضواً من أعضاء المجلس الحاليين في رسالة وجهت لمحمود عبّاس بتأجيل عقد الاجتماع المذكور لإدراكهم خطورة هذا الاجتماع على الوحدة الفلسطينية، لكن طلبهم تم تجاهله تماماً.

ما يحاول عبّاس القيام به هو تغيير الوجوه لا السياسات، وتمرير ما يريد من قرارات، وتطويع المؤسسات التابعة لمنظمة التحرير لرغباته، وإقصاء معارضيه داخل فتح وخارجها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى