الأرض..تعيش فينا.. تيران وصنافير أرض مصرية

يوم 9 نيسان/ابريل 2016 أعلن المتحدث بأسم مجلس الوزراء المصرى عن توقيع أتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والمملكة السعودية والتى أظهرت أن جزيرتى تيران وصنافير عند مدخل خليج العقبة هما داخل الحدود السعودية.

لحظتها سرى النبأ كالصاعقة.. وسرى فى الوجدان هذا الهتاف..

الأرض لو عطشانة… نرويها بدمانا

عهد وعلينا أمانة… تفضل بالخير مليانة

يا أرض الجدود… يا سبب الوجود

راح نوفي العهود… يا رمز الخلود

قلوبنا تهون… وعمرك ما تنامي عطشانة

الأرض لو عطشانة…نرويها بدمانا

لحن حزين ينساب و يتصاعد بموسيقاه الموزعة أوركستراليا بمهارة الموسيقار على أسماعيل ليعزف دراما الأرض مع تجسيد و أبداع وكأنه الواقع للفنان “محمود المليجى “أو “محمد ابو سويلم “شخصية الكاتب الكبير عبد الرحمن الشرقاوى المحورية فى روايته – تجسد كاميرا “يوسف شاهين “.. الأرض بكل ما تعنيه من الحياة الدنيا أو الحياة الأخرة , ومع أول سوط من سياط السلطة الغاشمة قبل ثورة يوليو 1952 والعميلة للأحتلال الأنجليزى – مجسدة فى مأمور الشرطة- تنساب الدماء من وجه محمد أبو سويلم ليسقط مدرجا فيها محتضناً الأرض , وتصدر الأوامر الى العسكر أربطوه من رجليه , فشدوا وثاقه بحبال غليظة يسحبها جواد يمتطيه المأمورليُسحل , ويتشبث محمد ابوسويلم – المناضل من اجل أن يزيل عن الأرض عطشها- بالزرع الهشيم فيرويه بالدم الذى سال من زنديه وتنغرس يداه أكثر- متشبثا بالأرض – تَسحبُ معها كل حبات التراب لتختلط الدماء به, ويغوص محمد ابوسويلم فى أعماق النفس البشرية المناضلة قبل أن يواريه الثرى ليعيش فوق الأرض ويعيش تحت الأرض أو بالأحرى تعيش فيه الأرض وفينا أيضا.

كانت أرض الفيروز بكل شواطئها وسواحلها وجزرها فى البحر الأحمر( شدوان وصنافير وتيران وغيرهم) بوابة الدفاع عن مصر أرتوت أرضها بدماء المصريين عبر التاريخ منذ المعارك مع الحيثيين, حتى يومنا هذا مع الأرهاب المربى سعوديا وقطريا وصهيونيا , وقبله شهدت سيناء وجزرها (تيران وصنافير وشدوان ) معارك ضارية للدفاع عنها ضد العدوان الصهيونى وحروبه المتكررة فى 1956 و 1967 و 1973 , وبدت أرضها تعيش فينا بعد أن روتها دماء جنودنا وشهدائنا فى الزود عنها والدفاع عن أرضها وتمسكاً بذراتها وحبات رمالها التى أختلطت بدماء الجرحى والشهداء , وصارت الكيمياء العضوية لأرض سيناء وجزرها مادة جديدة تفاعلت من تحلل اجساد الشهداء من الجنود المصريين ودمائهم التى سالت وأمتزجت بحبات الرمال وذرات التراب , لتنتج أرضا فيروزية جديدة أسمها سيناء شمالا وجنوبا وجزر تكونت ليس بفعل براكين أو ظواهر جغرافية وأنما بجهاد ودماء وأجساد الجنود المصريين, خاصة فى الحروب الأخيرة مع أسرائيل , وبدت ( صنافير وتيران ) منتوج مصرى جديد , قبله كانت الأرض عطشى وفى بوار , ثم أرتوت بدماء الشهداء وهاهى الآن يانعة.

فهل نترك قطفوها للعربيد والسكير ليحيلها لبنى أسرائيل ؟!!

اليوم السابع من شهر نيسان 2016… وجوقة الأعلام الممول بالبتردولار قد زيفت كل الوقائع وأزالت عن آل سعود كل مؤامراتها على مصر ايام (جمال عبد الناصر), وطمست بمساحيقها تدميرها لليبيا واليمن وتمويلها لكل قوى الأرهاب التى عاثت فسادا فى سوريا , وبدت تلبس الملك حلة الطهارة, وزيفت وتملقت وغدت أراجوز وساحر يوهم الضيف القادم بأنه الفاتح , لكن الملك قد فهم الرسالة, وهو قد آتى الى القاهرة مسبوقا بأجتماعات بين نفر من حاشيته وصهاينة فى تل ابيب والرياض.

حطت طائرة الملك مطار القاهرة .. وعندما وطأت قدماه الأرض ابلغ أحد مستشاريه بأن الملك يحمل للمصريين مفاجأة سارة…. ومع مرور ايام الزيارة أتضح للمصريين أن المفاجأة كانت عكسية لا تحقق الفرح والفرج كما كان يبغى العامة وأنما أنعقد على أثرها اللسان , وأستبان أستغلال المعاناة والأزمات , وأتضح ان الملك جاء ليأخذ لا ليصلح الأحوال منحوه قلادة النيل التى اصدر قانونها جمال عبد الناصر بألا تمنح اِلا للعظماء, ومنحوه الدكتوراه الفخرية, ثم كان المنح الكبير حين قررت الأدارة المصرية أن (جزيرتى تيران وصنافير التابعتين لمحافظة جنوب سيناء المصرية) سعودتين , وبدى الكل يدرك المؤامرة, كيف ستكون الحكومة السعودية هى المُحلل لسيطرة أسرائيل على الجزيرتين وبالتالى مضايق تيران وصنافير ومن ثم خليج العقية ؟.

وصار السيناريو الى عالم الواقع الآن , وأنهمك الكل فى أستغراق خرائط تثبت ملكيتهما لمصر أم للمملكة وصار الأستغراق فى جدل سفسطائى لا يوقف المؤامرة وأن كان يغطى عليها – ونسى الكل الدماء الذكية التى سالت على أرض تيران وصنافير لجنود مصر البواسل والتى أختلطت بحبات رمال هاتان الجزيرتان وأجساد الشهداء التى تحللت مع رمالهما فصنعت أرضاً مصرية خالصة أسمها (تيران وصنافير ), اِلا المناضلين من الشعب المصرى الذين لاجئوا الى القضاء فنصرهم القضاء وصدرت احكام محكمة القضاء الأدارى التى اكدت على مصرية تيران وصنافير وأكدت حكمها المحكمة الأدارية العليا – فلجأت الحكومة الى برلمانها فى تحد صارخ للقانون والدستور الذى صرح رئيسة بأنه لا يعتد بأحكام القضاء فى هذا الشأن , فهل يملك أن يتنازل عنهما بعد أن ارتوى عطشهما بدماء شهداء جيشنا المغوار ليعودا بطريق غير مباشر الى عدونا اللدود أسرائيل ؟ لن يملك ذلك أى من كان ولا الرئيس, ولاحتى استفتاء ولامجلس نواب, لأن الحقائق والثوابت والأرض المروية بدماء الشهداء لا يستفتى عليها ولا يقرر مصيرها نواب فمابالك بالأذناب ! .

وهنااااا

ينساب اللحن الحزين فى نهاية فيلم الأرض مع تصاعد صوت الشعب المصرى يردد…

الأرض لو عطشانة… نرويها بدمانا

عهد وعلينا أمانة… تفضل بالخير مليانة

 يا أرض الجدود… يا سبب الوجود

 راح نوفي العهود… يا رمز الخلود

 قلوبنا تهون… وعمرك ما تنامي عطشانة

الأرض لو عطشانة…نرويها بدمانا

وتنغرس يدى محمد ابوسويلم فى الأرض تتشبث بها وهم يسحلوه والدماء تسيل تروى الأرض العطشانة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى