وحدة الصف الفلسطيني هي مفتاح الحل والنصر

بقلم: د. زيد احمد المحيسن

لقد علمتنا الأيام والأحداث، وخاصة ما شهده قطاع غزة من صمود واستبسال في مواجهة العدوان الصهيوني الغربي الاستعماري ، أن الاعتماد على الذات هو السبيل الوحيد لتحقيق الحرية والكرامة. في ظل التحديات الكبرى التي تعيشها القضية الفلسطينية، لا بد أن ندرك أن العيش في انتظار المساعدات الخارجية أو الدعم الإقليمي لن يؤدي إلا إلى خذلان جديد وتآكل مستمر لحقوقنا. “ما حك جلدك مثل ظفرك” ليست مجرد حكمة تقليدية، بل هي رسالة حية للشعب الفلسطيني، مفادها أن الطريق إلى التحرر يبدأ من الداخل.

لقد أثبت الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وفي الضفة الغربية أنه رغم الانقسامات والصعوبات الاقتصادية، يمكنه الصمود والمقاومة. الحرب الأخيرة في غزة كانت بمثابة اختبار حقيقي لهذا الصمود، حيث أظهرت للعالم أن الفلسطينيين قادرون على مجابهة أكبر القوى العسكرية في العالم، ليس فقط من خلال القوة العسكرية بل من خلال الإرادة والشجاعة.

لكن، في هذه اللحظات الحاسمة، لا بد لنا من مواجهة الحقيقة المرة؛ وحدة الصف الفلسطيني هي الأساس. لقد أضعف الانقسام الداخلي القدرة على مواجهة الاحتلال بشكل فعال وأدى إلى تفريق الجهود. لم يعد من الممكن القبول بالفرقة بين الفصائل أو بين أبناء الشعب الفلسطيني في مختلف الأماكن. فالحل الوحيد هو الوحدة؛ وحدة الشعب الفلسطيني بكل أطيافه السياسية والاجتماعية، وهذا ما سيمكننا من مواجهة التحديات الكبرى التي تطرأ، سواء كانت عسكرية أو اقتصادية.

وإذا كانت الأنظمة العربية( الا من رحم ربي ) قد خذلت القضية الفلسطينية في معظم المواقف العسكرية والدبلوماسية والسياسية والإعلامية ، فإن الشعب الفلسطيني يجب أن يستعيد زمام المبادرة في يده. التحديات الاقتصادية التي يعيشها القطاع، والتي تفاقمت نتيجة الحصار والدمار، تتطلب منه استراتيجيات جديدة تعتمد على الذات. لا يمكن أن يبقى الشعب الفلسطيني رهينة للمساعدات الخارجية، بل يجب العمل على بناء اقتصاد مقاوم داخليا وخارجيا ومن الرأسمال الفلسطيني المغترب يعزز من قدرات الشعب ويضمن استدامة صموده- الداخل بدمة وتضحياته ومقاومته البطلة والخارج فلسطين- بمالة ودعمة السياسي والإعلامي والمالي -.

إن الاستقلالية الاقتصادية، مثلها مثل العسكرية، هي ركيزة أساسية لتحقيق الأهداف الوطنية الفلسطينية. ومن هنا يجب أن يتوجه التفكير الفلسطيني نحو مشاريع صغيرة ومتوسطة تساعد على إحياء الاقتصاد المحلي، وتقلل من الاعتماد على الخارج.

إن حرب غزة العدوانية الصهيونية الغربية الاستعمارية لم تكن مجرد معركة عسكرية، بل كانت درسًا عميقًا في ضرورة التكاتف الداخلي واعتماد القوة الذاتية. وحدة الصف الفلسطيني، الانفتاح على بناء اقتصاد مقاوم، والتمسك بالحقوق المشروعة، هي المفاتيح الحقيقية للحرية. فالفلسطينيون، كما أظهروا للعالم مرارًا، قادرون على الصمود والمقاومة حتى في أصعب الظروف. وتذكروا دائما مقولة “ما حك جلدك مثل ظفرك” ليست فقط حكمة، بل هي طريق الأمل والتحرر والنصر بعون الله .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى