إستراتيجية الضم الإسرائيلي وأبعادها !!

بقلم: خليل البخاري*

أمام تزايد التصعيد الإسرائيلي بقطاع غزة و الضفة الغربية ولبنان ،يواجه المنظم الدولي إختبارا حاسما . فمع تزايد عمليات الضم الفعلي لأجزاء من الضفة الغربية بعد ضم القدس الشرقية، تبدو إسرائيل وكأنها ماضية في تكريس واقع جديد يتحدى أسس القانون الدولي ويهدد الأمن والسلام الإقليميين والدوليين.

إن الضم الإسرائيلي يتناقض بشكل مباشر مع المبادئ الأساسية التي أقرها ميثاق الأمم المتحدة واتفاقيات جنيف.، إذ يحظر بموجب القانون الدولي أي استيلاء على الأراضي بالقوة . ورغم ذلك ،تواصل إسرائيل إستراتيجيتها التوسعية عبر نقل صلاحيات إدارية وسياسية إلى شخصيات مدنية مثل الوزير الإسرائيلي المتطرف سمو تريتش الذي منحه صلاحيات شبه سياسية في الضفة الغربية. ولا شك ان هذه الخطوات تعتبر جرائم تقع ضمن اختصاصات المحكمة الجنائية والدولية . ومع ذلك، فإن غياب الارادة الدولية لمعاقبة الإنتهاكات الإسرائيلية يعزز الشعور بالإفلات من العقاب ويفتح الباب أمام مزيد من الفوضى في النظام الدولي .

وعليه، فإن العدالة الدولية تواجه حاليا مجموعة من التحديات، منها إزدواجية المعايير في تطبيق القانون الدولي. ففي الوقت الذي ووجهت روسيا بعقوبات صارمة بعد ضمها لأجزاء من أوكرانيا، يتم التعامل مع الضم الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بخطابات سياسية جوفاء وفارغة.. ومن المؤكد ان هذه الإزدواجية غير الأخلاقية ستنعكس بشكل مباشر على مصداقية المؤسسات الدولية التي أنشئت أصلا لصون وضمان العدالة . وللتذكير، فالضم الإسرائيلي للضفة الغربية له أبعاد إنسانية وسياسية أبرزها تعميق الفصل العنصري . فقي الوقت الذي يعيش فيه المستوطنون الإسرائيليون في الأراضي المحتلة ضمن نظام مدني يوفر لهم حقوقا واسعة، يُحرم الفلسطينيون من حقوقهم الأساسية تحت نظام عسكري صارم بالمنطقة، إضافة إلى تصعيد العنف ضد الفلسطينيين. وهناك بعد سياسي من وراء تبني إسرائيل لعملية ضم الضفة الغربية، وهو شطب مشروع حل الدولتين وتدمير اية إمكانية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وأمام هذه المقاربة الإسرائيلية ، على المجتمع الدولي فرض عقوبات صارمة ورادعة على إسرائيل لخرقها القانون الدولي مثلما تم في روسيا ، وتعزيز صمود الفلسطينيين ودعمه اقتصاديا وسياسيا لمواجهة المخططات الإسرائيلية التوسعية.

وصفوة القول، إن عملية الضم الإسرائيلي لقطاع غزة يشكل تهديدا حقيقيا وجوديا للنظام الدولي القائم على القانون . فالصمت المقصود او التردد في مواجهة السياسات الإسرائيلية المتطرفة لن يؤدي سوى إلى تعزيز ثقافة القوة وغياب العدالة ..اليوم ، المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية تاريخية في وقف انتهاكات إسرائيل والعمل على تحقيق سلام عادل ومستدام في منطقة الشرق الأوسط.

إن إستمرار إسرائيل في فرض السيادة على الضفة الغربية وفقا لما تخططه الإدارة الإسرائيلية المتطرفة، بات ينتظر وصول الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض وهو الذي سيفتح الطريق أمام ضم الضفة الغربية وبسط السيادة عليها . ولكن هذا الوهم لن يتحقق للإدارة الإسرائيلية مادامت المقاومة الفلسطينية ماضية في نضالها وصمودها ..

*أستاذ مادة التاريخ. المغرب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى