دولة الكيان الصهيوني.. كذبة كبرى صنعها الغرب المتصهين وعرّتها المقاومة البطلة
بقلم: د. زيد احمد المحيسن
منذ عام 1948، كان الكيان الصهيوني بمثابة نقطة تحول في تاريخ المنطقة العربية، ولكنه لم يكن سوى “أداة استعمارية” جديدة زرعها الغرب في قلب الشرق الأوسط لتحقيق مصالحه الاستراتيجية والسياسية. هذا الكيان الذي قام على أكذوبة تاريخية، مدعومًا من قوى استعمارية، أصبح يُمثل حلمًا غربيًا قديمًا، ليس فقط لتلبية احتياجات معينة لشعبٍ ما، بل لبسط نفوذ القوى الغربية في المنطقة العربية وضمان هيمنتها على مقدراتها.
ما حدث في عام 1948 كان بداية لمرحلة جديدة من الاستعمار تحت مسمى “الدولة الوطنية”. قدّم الغرب “الكيان الصهيوني ” كحل لمشاكل اليهود في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، وادعى أنها ستجلب السلام والاستقرار للمنطقة. لكن الحقيقة كانت أعمق وأبشع من ذلك بكثير. فقد أصبحت قاعدة غربية متقدمة، تهدف إلى تمكين القوى الاستعمارية من السيطرة على المنطقة، عبر سياسة استعمارية جديدة لا تعتمد فقط على القوة العسكرية، بل على بناء علاقات اقتصادية ودبلوماسية مع الأنظمة التابعة في العالم العربي.
ومع مرور الزمن، تكشفت هشاشة هذا الكيان الذي طالما تظاهر بالقوة والصلابة، وسرعان ما ظهر ضعفه الداخلي مما استلزم تغطيته بمزيد من الدعم الغربي. ما يراه العالم اليوم من تطورات في الحروب والنزاعات، وخاصة العدوان المستمر على غزة، يفضح الوجه الحقيقي لهذا الكيان. فهو لم يكن يومًا نابعًا من إرادة شعبية حقيقية أو وحدة وطنية، بل هو “كيان مفروض” يدعمه الغرب بالمال والقوة العسكرية والتكنولوجيا المتطورة ويستمر في ديمومة البقاء نتيجة للخذلان العربي تجاه فلسطين وشعبها وحاليا خذلان المقاومة في العلن .
العالم الغربي، الذي يرفع شعار حقوق الإنسان والديمقراطية، ويحتج على العنف في أماكن أخرى من العالم، يظل صامتًا أو حتى داعمًا للجرائم التي ترتكبها “دولة الكيان الصهيوني ” في فلسطين. نحن نشهد كيف تتصاعد مسيرات في أوروبا ضد العنف في غزة وضد قتل الأطفال والنساء، بينما تواصل الأنظمة الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة وأوروبا، تقديم الدعم العسكري والاقتصادي للكيان الصهيوني في وقت يستمر فيه القتل والتدمير في الأراضي الفلسطينية. هذه المفارقة الكبيرة تكشف عن ازدواجية المعايير التي تعتمدها القوى الغربية: فهي تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان في أماكن معينة، بينما تقف صامتة تجاه المجازر التي تُرتكب ضد الشعب الفلسطيني، بل وتعمل على دعم المعتدي بأحدث أسلحة الدمار الشامل.
هذا التناقض في المواقف الدولية ليس مجرد اختلاف في الآراء، بل هو حقيقة واضحة للعيان. كيف يمكن أن تتغنى الدول الغربية بحقوق الإنسان بينما توفر الدعم العسكري والسياسي لدولة تمارس التمييز العنصري، وتخالف جميع المواثيق الدولية؟ بل كيف يمكن أن تُعطي ” دولة الصهاينة ” الضوء الأخضر للقيام بما يحلو لها، في الوقت الذي تُحارب فيه القوى الغربية أي نوع من العنف في أي مكان آخر من العالم؟
سؤال مشروع: الى متى ستستمر هذه اللعبة الدولية برعاية الغرب المتصهين !؟
الواقع اليوم يشير إلى أن الكذبة الكبرى التي تم الترويج لها منذ عام 1948 لم تعد قادرة على الصمود. امام ضربات المقاومة الباسلة في غزة وفلسطين التاريخية ولبنان العروبة كما انه منذ فترة ليست قصيرة ، بدأ الشعب العربي، بل والشعوب الحرة في أنحاء مختلفة من العالم، في كشف هذا التلاعب بالألفاظ والمواقف. أصبح واضحًا أن “الكيان الصهيوني ” لم تكن يومًا دولة مستقلة، بل هي مجرد أداة استعمارية وظيفية تخدم مصالح الغرب في المنطقة. لكن السؤال يبقى: هل ستستمر هذه اللعبة إلى الأبد؟ وهل ستظل القوى الغربية قادرة على فرض هذا الواقع على المنطقة؟
الزمن وتضحيات المقاومة البطلة وحده الكفيل بالإجابة. فنحن اليوم في مرحلة تاريخية متقدمة ، حيث بدأ الوعي الشعبي العربي يتصاعد، والشعوب تتجاوز الخوف والصمت، وتدرك الحقيقة خلف الأكاذيب التي رُوّجت لها طويلاً. المجتمعات العربية والجماهير الشعبية العربية بدأت تتوحد في رفض هذه السياسات الاستعمارية الجديدة، ومع الوقت قد يأتي اليوم الذي تنهار فيه هذه الهيمنة الغربية، ويستعيد العرب استقلالهم وكرامتهم.
إن ما يحدث في فلسطين، وما شهدناه من تصاعد في العدوان على غزة، هو ليس مجرد حدث تاريخي، بل هو جزء من قصة مستمرة، جزء من معركة كبرى بين الشعوب العربية وراس حربتها فلسطين والمقاومة الباسلة في غزة الصمود والعزة والكبرياء العربي وبين القوى الاستعمارية التي ما زالت تسعى للحفاظ على مصالحها في المنطقة. إن ازدواجية المعايير في السياسات الغربية تجاه “الكيان الصهيوني الغاصب والمحتل ” تُظهر أن قيم حقوق الإنسان والديمقراطية ما هي إلا شعارات تُستخدم لتبرير المواقف السياسية، بينما تُهدم تلك القيم في الواقع على أرض فلسطين. الشعوب العربية اليوم على يقين تام بأن هذا الكيان الهش وهذه الكذبة الكبرى لن يستمر طويلاً، وأن التاريخ سينتصر في النهاية لصالح الحق والعدل، وبارادة المقاومة العربية الفلسطينية في فلسطين، راس حربة النضال العربي وعنوان وحدة الامة وتقدمها وازدهارها في القريب العاجل بمشيئة الله .