كتاب وودورد “حرب”.. هل أكد المؤكد ام فضح المستور، الحديث عن الطوفان
بقلم: رشيد شاهين
أخيراً، تمكنت من الاطلاع على الكتاب الذي “ملأ الدنيا وشغل الناس” على الأقل في المنطقة العربية.
يمكن القول بداية ان الكاتب يتبنى الرواية الصهيونية بشكل كامل مما يشي بأنه ” بالنسبة لي “صهيوني “معتق”.
فهو وبرغم انه من اشهر الصحفيين الاستقصائيين في العالم، لم يكلف نفسه ان يتقصى او يستقصي ولو ” قصة ” واحدة مما تم ترويجه من خلال ماكنة الاعلام الصهيوني، ولم يحاول مراجعة اي مما نشر ضمن سيل الاكاذيب والفبركات التي تمت صناعتها من قبل الصهاينة فيما يتعلق بالسابع من اكتوبر، علما ان الكتاب تم نشره بعد السابع من اكتوبر، وكان بامكان الكاتب على الاقل ان يحاول التحقق مما نشر خاصة وان هذا حدث من بعض اهم الوكالات او القنوات الاعلامية التي تراجعت عما نشر بداية لانه ثبت كذبه وعدم مصداقيته.
على اية حال، لقد بدا الرجل حديثه عن الحرب منذ لحظتها الاولى وبدأ بسرد التفاصيل “الدقيقة” لما حدث يوم السابع من اكتوبر 2023 كما تم الترويج لها من قبل الصهاينة.
هو لم يتبن الرواية الصهيونية فقط، لا بل اضاف إليها من ” عندياته” بعض البهارات لكي تكون اكثر إثارة ربما ، فهو وعلى عكس ما هو متداول يقول “ان اكثر من ثلاثة الاف من مسلحي حماس تدفقوا الى مجتمعات الكيبوتس” علما ان ما هو متداول ومن خلال مصادر حمساوية عديدة ان العدد لم يتجاوز ال 1500 الذين اقتحموا الحدود،، طبعا الا اذا كان الكاتب اعتبر ان كل من تجاوز الحدود هم اعضاء في حماس.
وودور اضافة الى كل التزييف والفبركات التي تبناها بدون تمحيص او تَرَوٍ قال ” ما لم اسمع به شخصيا من قبل” ان المقاتلين من حماس قاموا بشواء افخاذ الاطفال الرضع واكلها، لقد حول عناصر حماس الى مجموعة من أكَلَة لحوم البشر ” لقد شَوٌحوا افخاذ الاطفال الرضع في السّمن واكلوها”.
كما تحدث باسهاب عن الحفل الموسيقي في بيري وكيف قام عناصر حماس بربط الفتيات الى الاشجار واغتصابهن ويتبنى الرواية الصهيونية كما اسلفنا بدون ان يتأكد من مصداقيتها او حدوثها من عدمه، فهو يقول في كتابه نقلا عن احد الشهود ” رأيت فتيات مقيدات ايديهن خلف كل شجرة، قتلن واغتصبن على هذه الاشجار، كانت ارجلهن متباعدة … وادخلوا كل انواع الاشياء في اعضائهن الحميمة مثل الالواح الخشبية والقضبان الحديدية، هنا قتلت واغتصبت اكثر من 30 فتاة”.
كما ينقل عما قال انه فيلم وثائقي عما حدث في ذلك اليوم ” انه يطعنها، انه يذبحها، عندما نظرت مجددا، كانت قد ماتت بالفعل، وكان لا يزال يفعل ذلك، كان لا يزال بغتصبها بعد ان ذبحها”.
بعد كل هذا الانغماس في الروايات الكاذبة والتي تراجع حتى من رووها عنها، ينتقل الكاتب الى الحديث عن حالة الفوضى التي سادت المستويات القيادية السياسية و العسكرية للكيان، كما يتحدث عن الاتصالات الحثيثة التي جرت بين الجانبين الامريكي والصهيوني، ويقول وودورد ان بنيامين نتانياهو ” بيبي” كان مرتبكا، وقلقا مذعورا من هجوم لحزب الله قد يحدث من الشمال.
يقول الكاتب ان “بيبي” اتصل بمستشار الامن القومي الامريكي جاك سوليفان طالبا منه تهديد حزب الله ” عليك ان تخبرهم انهم اذا تعاملوا معنا ” يقصد اسرائيل” فانهم يتعاملون معك ” اي مع امريكا”.
ويضيف الكاتب ان سوليفان ” شعر من نبرة نتانياهو ان الامر كان وجوديا بالنسبة لاسرائيل ” بدا وكأن نتانياهو بعتقد انه قد يفقد بلاده حقا ” لقد تحطمت ركائز الردع الاسرائيلي” .
يمكن من خلال ما قاله الكاتب او الكتاب ملاحظة ان قادة الكيان لم يتوقفوا عن الحديث عن نهاية الكيان سواء في احتماعاتهم او احاديثهم الخاصة او مع الجانب الامريكي، ينقل الكاتب عن السفير الصهيوني هيرتسوغ ” هذه الحرب تلمس مستوى وجوديا لدينا بطريقة لم تفعلها حرب عام 1973″.
من الملاحظ ان مثل هذا الاحساس ” الخوف من الزوال” لا يجري الا في الكيان ، لم نسمع يوما عن دولة انها تخشى الزوال لمجرد انها دخلت في حرب مع عدو لها سوى الكيان وهذا باعتقادي دليل على عدم اليقين لان القائمين عليه يدركون عدم شرعية كيانهم اللقيط منذ تأسس.
بعد ان يتحدث عن الاخفاق الاستخباراتي الصهيوني المريع، يتحدث كذلك عن فشل استخباري امريكي بحجة ان الجهد الامريكي كان منصبا في تركيزه على حزب الله.
كما يأتي الكاتب على التحركات العسكرية الامريكية من اجل حماية الكيان والتي ابتدأت في اليوم التالي للطوفان، حيث تم توجيه حاملة الطائرات الامريكية العملاقة ” فورد” للتموضع شرقي البحر المتوسط من اجل ان تكون قريبة من شواطئ الكيان.
ينتقل بعد ذلك المؤلف للحديث عن الاتصالات الامريكية مع قادة الدول العربية، وهذا ما سنتناوله في الجزء الثاني من هذه المقالة.
Rashid Shahin<[email protected]