نحن بحاجة ماسة إلى نهضةٍ أخلاقية
بقلم: سعد السلطاني
أصحاب الجلالة والسعادة والنيافة والرفعة والفخامة، مَن ناصر الظُلم منكم، مَن خذل الحق، مَن إلتزم الصمت، من أعتاد الخنوع حتى خالط الجُبن لحمهُ ونخر الذُل عظامه.
أصحاب المنصات الإعلامية والبرامج والمدونين والناشطين وصُناع المحتوى، مَن زيف الحقائق منكم، مَن باع القضية، بلا مروءة و بلا حمية، مُستهدفًا كل القيم ومروجًا للإنحلال وبائعات الهوى.
أصحاب الثقافات الاستثنائية، المنظمات المُدعية للإنسانية، مُنظمات المُجتمع المدني، الرُعاة الرسميين للحرية، والمفوضين بتفسير الديموقراطية، الثوار المُناهضين لتعديل قانون الأحوال الشخصية.
أصحاب الوصاية و أولياء التصنيف، هذا فاسدٌ وهذا نزيهٌ عفيف، هذا سيد الوطنية وهذا غارقٌ بالتبعية، حسب الحاجة وفق ما تتطلبهُ القضية، واقعهم نسبي والحقيقةُ بالنسبة لهم آراءٌ شخصية.
بعد التحية..
من هي أفضل شخصية؟ من يُدين الإعتداء الفلسطيني على الدولة المُسالمة الصهيونية، أم من يرسل لإسرائيل المساعدات الإنسانية؟
ومن هي أفضل منصة إعلامية؟ تلك التي تضرب التقاليد المجتمعية، أم تلك التي تصدر الانحلال وتبرر المثلية؟
ومن هو افضل ناشط و مدون؟ من يُمجد بالمُتمرجعين ويُسيء لمقام المرجعية، أم من يرى بالحفلات الماجنة نموًا للإقتصاد وتراجعهُ يقترن بالزيارة الأربعينية.
قضايانا المصيرية، غاياتنا المرحلية، أهدافنا الإستراتيجية، تختصرها بطولة كروية، إنتصارنا فيها شهري، يُعلن مع كل تُقدم تُظهرهُ التصنيفات الدولية.
بعد أيامٍ قليلة تعج مواقع التواصل باستفتاءات نهاية العام، مَكبٌ للنفايات يشهد زحام، رجل المرحلة، ملك الاناقة، سيدة البثوث المباشرة، أجمل أغنية وأحلى كلام، أدخل وشارك بأختيار قُمامة الأحلام.
نعم وسائل التواصل حديثة وقوية، إنفجارات معلوماتية، يُفترض أن تُحرر الأفاق المعرفية، لكنها ضاعفت القدرة على تجهيل الناس، ضرب المُقدسات، هدم القيم والأعراف، خلط الأوراق، تضخيم السلبيات.
اليوم أصبح التجهيل صناعة يهدف إلى هندسة وعي الجمهور، وصار علمًا نظريًا يُدرس في الكُتب ومُجتمعاتنا هي مساحة مُمارستهُ العملية، نحن نُعاني من التجهيل وإدارة الفهم، نحن بحاجة ماسة إلى نهضةٍ أخلاقية.