ماذا يعني فوز ترامب للفلسطينيين والعرب وايران؟
بقلم: د. كاظم ناصر
بعد حملة انتخابية شرسة تعرض خلالها لإدانات قضائية ومحاولتي اغتيال، فاز المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية دونالد ترامب بالانتخابات ليصبح الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية، وعاد ليحكم الدولة الأقوى في العالم لمدة أربع سنوات قادمة، وتناقضت ردود الفعل والتنبؤات المحلية والدولية على انتخابه وعلى السياسات التي ستنتهجها إدارته.
فعلى الصعيد المحلي من المتوقع ان تكون لرئاسته تداعيات هامة على الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، وتحديدا على الديموقراطية وحكم القانون، والتمييز العنصري المتزايد بين البيض وغيرهم من الأعراق المختلفة المكونة للنسيج الاجتماعي الأمريكي، وعلى استمرار واستقرار حياة أعداد كبيرة من المهاجرين، وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية والعقار، وقانون الرعاية الصحية الميسرة التي تقدم للطبقة الفقيرة، ومستحقات الضمان الاجتماعي، وتخفيض الضرائب، وحظر الإجهاض وغير ذلك من القضايا التي تهم المواطن الأمريكي.
وتفاوتت ردود فعل قادة دول العالم بين مؤيد وحذر، ومتفائل ومتشائم بفوز ترامب، لكن قادة دولة الاحتلال كانوا الأكثر فرحا بفوزه، وتفاؤلا بالحصول على دعم إدارته الكامل لمخططاتهم وحروبهم، وكان بنيامين نتنياهو أول المهنئين بالفوز معتبرا أن ما حصل ” أكبر انتصار في التاريخ.” وعلى الصعيد العربي شعر معظم الحكام العرب بالارتياح لفوزه وعودته للبيت الأبيض، وقدموا له التهاني الصادقة، وأعربوا عن رغبتهم في التعاون مع إدارته لتوطيد العلاقات بين أنظمتهم والولايات المتحدة، والعمل معه لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة!
فهل سيتمسك ترامب بانحياز بلاده الكامل لإسرائيل، وبدعمها ومشاركتها في حرب الإبادة الجماعية التي تشنها ضد أهلنا في غزة ولبنان؟ وما هي السياسات التي سينتهجها في تعامله مع الحكام العرب والقضايا العربية الهامة؟
ترامب الذي اعترف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال ونقل سفارة بلاده إليها، وأهدى الجولان للمحتل، وقال إن ” إسرائيل دولة صغيرة بحاجة للتوسع “، أي بحاجة لاحتلال دول عربية أخرى، وابتز العديد من الدول العربية الغنية خلال فترة رئاسته الأولى، ومنع المسلمين من دول إسلامية معينة من دخول الولايات المتحدة، وفرض التطبيع بلا ثمن على عدد من الدول العربية، ومارس التضييق على السلطة الوطنية الفلسطينية، وأعرب عن عدائه للمسلمين والمهاجرين خلال إلقائه لخطاب النصر يوم الأربعاء 6/ 11/ 2024 لن يغير من … موقفه الثابت الداعم لإسرائيل … والمعادي للأمتين العربية والإسلامية، ومن المتوقع أن تشمل إدارته عددا من الصهاينة الأمريكيين، وتشارك إسرائيل في حروبها ضد المقاومة، وتتخذ مواقف أكثر تطرفا من إيران بهدف دفعها للتخلي عن مشروعها النووي وعن دعم المقاومة خدمة لإسرائيل، وتضغط على الدول العربية للتطبيع مع دولة الاحتلال والموافقة على تصفية القضية الفلسطينية.
ولهذا فإن فوز ترامب لا يبشر بخير للفلسطينيين والعالم العربي؛ فالرجل صديق ودود لنتنياهو، ومؤيد عنيد لسياسات دولة الاحتلال التوسعية، وخطورة انتخابه لا تكمن فقط في فوزه بالرئاسة، بل أيضا في هيمنة الحزب الجمهوري على الكونجرس، أي على مجلسي النواب والشيوخ، مما سيعطيه سلطة واسعة لتطبيق سياسات معادية للفلسطينيين والعرب وإيران، وتعزيز الهيمنة الأمريكية على مقدرات ومستقبل أمتنا العربية بطريقة غير مسبوقة!