الأمن واستقرار الوطن في مواجهة التحديات الصهيونية

بقلم: د. زيد احمد المحيسن

هناك مقولة جديرة بالاستيعاب، علينا في الأردن أن نقرأها جيدًا وهي: “إذا أردنا السلام، علينا دائمًا أن نكون مستعدين للحرب”. مثال غزة واضح كوضوح الشمس في الأفق، إلى الأعمى قبل البصير، الآن من أن الاعتماد على الذات هو الأس والمقام في معادلة الصمود والتصدي لمؤامرات العدو الصهيوني المبيتة. إن الحديث عن إرادة دولية حقيقية بات ضربًا من ضروب الخيال في ظل الاستهتار الواضح من قبل الكيان الصهيوني بالقوانين الدولية؛ فقد دمر الحجر والبشر، ودمر دور العبادة والمدارس والمستشفيات، حتى مكاتب هيئة الأمم ومنظماتها لم تسلم من شروره. ومندوبهم في هيئة الأمم أحضر معه آلة لتدمير نظام هيئة الأمم أمام كافة مندوبي العالم، ولم يحرك أحد ساكنًا. من هنا، فإن هذه التحديات التي يواجهها الأردن هي جدية.
يبقى الحفاظ على استقرار الوطن في مواجهة اليمين الصهيوني المتطرف إحدى الأولويات الوطنية. إن الأمن ليس مجرد عنصر من عناصر الدولة، بل هو حجر الزاوية الذي يقوم عليه الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي. لذا، فإن تعزيز الجبهة الداخلية يعد خطوة أساسية لمواجهة هذه التحديات.
تتعدد أبعاد التحديات الأمنية التي تواجه الأردن. فمن الداخل، تتطلب الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية معالجة دقيقة، حيث يسهم الفقر والبطالة في خلق بيئة خصبة للتطرف. ومن الخارج، يتعرض الأردن لضغوط سياسية واقتصادية نتيجة الأوضاع الإقليمية، مما يفرض عليه تحديات إضافية في تعزيز أمنه القومي.
تلعب القوات المسلحة والأجهزة الأمنية دورًا محوريًا في الحفاظ على الأمن والاستقرار. فهي ليست فقط خط الدفاع الأول، بل هي أيضًا رمز السيادة الوطنية. يتطلب ذلك استثمارًا في التدريب والتجهيزات، وكذلك بناء قدرات بشرية متخصصة قادرة على التعامل مع التهديدات المتزايدة، وذلك من خلال إعادة خدمة العلم إلى الواجهة وتفعيلها رسميًا الآن قبل الغد.
إن تعزيز الهوية الوطنية العربية وترسيخ قيم المواطنة يشكلان ركيزتين أساسيتين لمواجهة التحديات الخارجية. من خلال تعزيز الوعي الوطني وتعزيز الانتماء لأمتنا العربية المجيدة، يمكن للأردنيين مواجهة أي محاولات لتفتيت الجبهة الداخلية. في هذا السياق، تلعب التربية والتعليم دورًا مهمًا في زرع قيم الوحدة والتماسك الاجتماعي.
لا يمكن تجاهل أهمية التعاون الإقليمي والدولي في تعزيز الأمن الوطني. فعلى الرغم من الظروف الصعبة، يسعى الأردن إلى إقامة شراكات استراتيجية مع الدول الشقيقة والصديقة لمواجهة التحديات المشتركة. هذه الشراكات تعزز من قدرات الأردن في مواجهة الضغوط الأمنية، سواء كانت سياسية أو عسكرية.
تتطلب مواجهة التحديات الأمنية استراتيجيات شاملة تشمل جميع فئات المجتمع. فالأمن لا يقتصر على القوة العسكرية فحسب، بل يشمل أيضًا الأمن الاجتماعي والاقتصادي. من خلال تنمية الاقتصاد وتحسين مستوى المعيشة، يمكن تقليل المخاطر الأمنية، حيث إن تحسين الظروف المعيشية يقلل من احتمالات انزلاق الأفراد نحو التطرف. وقبل هذا وذاك، يجب الانفتاح على المجتمع الأهلي والمدني وتصفير القضايا الداخلية وإطلاق سراح سجناء الرأي وإجراء عفو عام يشمل الجميع في الداخل والخارج من أجل بناء جبهة داخلية متينة يصعب اختراقها، تعزز من صلابة مواقفنا السياسية والعسكرية.
فالمفتاح الرئيسي لاستقرار الأردن أمام التحديات الصهيونية المتزايدة يأتي من خلال تعزيز الجبهة الداخلية، وبناء قدرات أمنية قوية، وتعزيز اللحمة الوطنية قولًا وفعلًا على أرض الواقع. بهذه الإجراءات، يمكن للأردن أن يواجه التحديات بثقة وقوة واقتدار. إن الحفاظ على الوطن وحمايته من كيد العاديات واستقراره يتطلب تضافر الجهود من جميع مكونات المجتمع، ليبقى الأردن قلعة صلبة متينة تتكسر على جنباتها كل مؤامرات ومخططات العدو الصهيوني التي يضمرها للأردن في السر والعلن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى