يَحْيَىٰ السِّنوارِ .. خَالِدٌ مَعَ الخالدِينَ
بقلم: أحمد عمرو/ نيويورك
قَتَلَ جَيْشُ المُجْرِمينَ المُهاجرينَ منْ ١٠٦ دُولٍ ، إلَىٰ بلادِنا ، ليُقيمُوا دولةً علىٰ ترابِنا الوطنيِّ ، بَطَلاً مِنْ سِلْسِلَةِ أبطالِ هذهِ الأمّةِ ، الذينَ كانُوا يَحْرَصونَ علىٰ المَوتِ ، حِرْصَ أعدائنا علَىٰ الفِرارِ منهُ .
ماتَ أبو إبراهيمَ الذي كانَ يقولُ عَنْ عُمُرِهِ ” هالقَدّْ بِكَفِّي ” وَ أجابَ اللهُ سؤالهُ ، و آتاهُ ما سألَ ، كَمَا آتىٰ عُمَرَ ، عامَ حَجِّهِ الآخِرِ .
وَ إذا زادَ هَٰذَا الأمرُ بنجامينَ نتانياهو ميليكُوفْسْكي سروراً وَ انتفاجاً كَمَا ينتفِجُ الدِّيكُ ، بعدَ إسماعيلَ هنيّةَ ، وَ قادَةِ حزبِ اللهِ ، فإنّ عليهِ أن يتَذَكّرَ أمْرَيْنِ ؛ أنَّ الدّيكَ – مهما ينتفجْ وُ ” يكاكي ” – يبقَىٰ طائراً داجَناً ، موْقُوفاً للذبْحِ ، ولا يصلُحُ لأمْرٍ غيرِ هَٰذَا ، وَ إن دلّلوهُ ، و علفوهُ ، وَ أعجبهمُ ألوانِ ذيلهِ ، وَ عُرْفُهُ المُتَدَلّي .
والثانيَ ، أن يسألَ نفسَهُ : ماذا جنىٰ جيشُ مُجْرميهِ من قتلِ السيّدِ عباسِ الموسويِّ ، وفتحيِّ الشقاقي ، وأحمدَ ياسينَ ، والرنتيسيّ ، وَ صلاحِ شحادةَ ، وَ إبراهيمَ المقادمةِ .. هل كانت دماؤهم إلّا وقوداً للمقاومةِ ؟ وَ متىٰ كانتْ حماسُ ، وحِزبُ اللهِ أقوىٰ وَ أحسنَ حالاً ، قبلَ قتْلهم أم بعدَهُ ؟
بعدَ مذبحةِ صبرا وشاتيلا ، سنة ١٩٨٢ م ، رسمَ ناجي العليِّ ، الفلسطينيَّ الصغيرَ حنظلةَ ، يلبَسُ لباسَ أبيهِ القتيل ، ويضعُ رجليهِ الصغيرتينِ ، في حذاءِ أبيهِ ، وَ يرفعُ قبضةَ يدِهِ اليُمنَىٰ ، وهو يقولُ كلمةً واحِدَةً ( صَبْراً ) .
فكيفَ كانَ الأمرُ بعدَ ذلكَ ؟ كمْ قتيلاً خسرَ جيشُ المجرمينَ المُحْتَلّينَ في لبنان في ثماني عشرةَ سنةً ؟ هلْ قَلُّوا عن خمسةِ آلافٍ ، وَ هلْ قَلَّ المُعاقونَ الزَّمْنَىٰ منهم عنْ ثلاثينَ ألفاً ، بأيدي أبطالِ لبنانَ ؟ وهل يذكرُ بنجامين ميليكوفسكي كَيْفَ خرجَ ذلك الجيشُ منْ لبنان سنة ٢٠٠٠ ؟ وماذا حلّ بهِ حينَ عاودَ الكرّةَ سنة ٢٠٠٦ ؟
أنْ يموتَ يحيىٰ السنوارِ هَٰكَذا ، فَقَدْ أعطوْهُ ما أرادَ ، فَهُوَ و أمثالهُ مِنْ أبطال غزّةَ ، هُمُ الذينَ ينشدونَ صباحَ مساءَ ” .. والموتُ في سبيلِ اللهِ أسمَىٰ أمانينا ” .
باركَ اللهُ ليحيىٰ تكريمَهُ بالقتلِ في سبيلهِ ، وَ أدخلَهُ الجَنّةَ مِنْ أيّ بابٍ يُريدُ ، وَ سَقاهُ مِنْ حوضِهِ الشريفِ شُربةً لا يظمأ بعدها أبداً .
وباركَ اللهُ في الجيوشِ العربيةِ ، التي ننفقُ عليها منْ رزقِ أبنائنا ، لتحْمِيَ عَدُوّنا ، وتحاصرَ غزّةَ ، وتكونَ أنشطَ ما تكونُ للمراسمِ ، واحتفالاتِ ما يُسَمّونهُ استقلالاً ، ولا تصلحُ وَراءَ ذلكَ لشيئٍ أبداً ، كمَا قالَ عُمَيْرُ بْنُ وهبٍ لرسولِ اللهِ ، إذْ جاءَ يغتالُهُ في المَسْجِدِ ، وَ قَدْ سأله رسول الله : أراكَ مُتَقَلِّداً سيفاً يا عميرُ ؟ فقالَ : قبَّحَها اللهُ مِنْ سيوفٍ ، وَ هلْ أغنَتْ عنّا شيئاً ؟! ( يعنِي هزيمتَهُم يومَ بدرٍ ) .
قَبّحَها اللهُ منْ سيوفٍ عرَبيّةٍ ، وطياراتٍ ، ومدافعَ ، ودبادبَ .. يا أبا إبراهيمَ ، التي حاصرتكَ ، وَ جوّعتْ قومكَ الفقراءَ المستضعفينَ ، وَ أرانا الله فيها ، وفي حامليها يوماً كيومِ فرعونَ ، الذي نُجِّيَ بِبَدَنِهِ علىٰ مَوجِ خليجِ السُّوَيْسِ ، لِيكونَ لِمَنْ خَلْفَهُ ءايةً ، وَ شفىٰ منهم ، وَمِنْ مخازِيهم ، وَ تفاهاتهم ، وَ هوانِهم عَلَىٰ أنْفُسِهم وعلىٰ الناسِ ، صدورَ قَوْمٍ مؤمنين .
إلى رحمةِ اللهِ وَ رضوانِهِ ، يا أصدقَ الناسِ ، و أشْجَعَ الناسِ ، وَ خيرَ الناسِ جميعاً .