الخذلان العربي للشعب الفلسطيني.. تساؤلات وآلام
بقلم: د. زيد احمد المحيسن
يعيش الشعب الفلسطيني منذ عقود تحت وطأة الاحتلال الصهيوني الغاشم، ويواجه يوميًا شتى أنواع التنكيل والممارسات الظالمة. من قتل بدم بارد إلى سجن وتعذيب ونفي خارجي، ورغم كل المعاناة، يجد الفلسطيني نفسه في مواجهة خذلان مزدوج يأتي من الاحتلال ومن الأنظمة العربية التي كان يُفترض بها أن تكون الحامية لحقوقه ومناصرة قضيته العربية الإنسانية العادلة.
إن المقاومة حق مشروع لكل إنسان تُحتل أرضه، لكن عندما يُطالب الفلسطيني بأبسط حقوقه، يجد نفسه متهمًا بأبشع التهم بأنه إرهابي. الدولة التي تحتل والدولة التي تقتل تُصنف لدى الغرب المتصهين كدولة ديمقراطية وحامية لحقوق الإنسان! هذه المفارقة تعكس مدى الانفصال والانفصام في التفكير غير السوي في العقلية الغربية، مقابل الانفصال الجوهري بين الشعوب العربية والأنظمة الحاكمة، حيث يتطلع المواطنون في الدول العربية إلى دعم القضية الفلسطينية، بينما تقف الأنظمة موقف المتفرج أو حتى المعادي، بل الحامي بصريح العبارة.
لقد كانت هناك محاولات عديدة من قبل الشعوب العربية للتضامن مع الشعب الفلسطيني، لكن هذه المحاولات غالبًا ما تصطدم بسياقات سياسية معقدة وقبضات أمنية مؤلمة واعتبارات غير إنسانية. في الوقت الذي يتفهم فيه الطلبة في الجامعات الغربية الظلم الذي يتعرض له الفلسطينيون، ويخرجون إلى الشوارع زرافات تأييدًا ودعمًا للحق الفلسطيني، نجد أن الأنظمة العربية تُقصّر في دعم الحقوق الإنسانية الأساسية والمشروعة قانونيًا وحقوقيًا وعرفيًا ودينيًا لهذا الشعب.
يتزايد الشعور بالخذلان بين الفلسطينيين، حيث يرون أن إخوانهم في الوطن العربي، الذين يشتركون معهم في اللغة والتاريخ والدين، يقفون مكتوفي الأيدي أمام مأساة إنسانية تُعتبر من أبشع المآسي في العصر الحديث. هذا الخذلان لا يقتصر على الجانب السياسي فحسب، بل يمتد ليشمل المساعدات الإنسانية والدعم الاقتصادي، مما يترك الفلسطينيين في عزلة متزايدة.
إن دعم القضية الفلسطينية ليس مجرد واجب أخلاقي، بل هو ضرورة إنسانية تتطلب تضافر الجهود على جميع الأصعدة. يجب على الأنظمة العربية أن تتحمل مسؤولياتها التاريخية، وأن تُعيد النظر في سياساتها تجاه القضية الفلسطينية. فالصمت أو المواقف الضعيفة لن تُسهم إلا في تفاقم المأساة، ولن تُحقق الأمل في استعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
إذا كانت هذه الأنظمة قد أصابها الإعياء من تحمل تبعات القضية الفلسطينية، فعليها أن تغادر مربع المسؤولية وتترك الشعوب العربية تقرر مصيرها بإرادتها الصلبة. يبقى الأمل معقودًا على الأجيال الجديدة، التي ترفض الخذلان وتُطالب بحقوق الإنسان، وتُدرك أن فلسطين ليست مجرد قضية سياسية أو عربية، بل هي قضية إنسانية عادلة تقتضي التضامن والدعم من كل من يؤمن بالعدالة والحرية وطرد الاستعمار والمحتل من ارضه بغير رجعة.