ثقة المقاومة بنفسها وبحقها تحقق المستحيل

بقلم: د. زيد احمد المحيسن

في عالم مليء بالتحديات والأزمات، تبرز الثقة بالنفس كعنصر جوهري يُحدد مسار الأفراد والشعوب نحو النجاح والتميز. يُقال إن الطائر الذي يستقر على غصن الشجرة لا يخشى كسره، لأنه يضع ثقته في جناحيه القويين. هذه الحكمة تعكس دروسًا عميقة حول الإيمان بالقدرات الذاتية، وكيفية مواجهة الصعوبات التي تعترض مسيرة الحياة.

على مر العقود، أثبتت المقاومة العربية في غزة ولبنان قدرة هائلة على الصمود والتحدي، مُتسلحةً بهذه الثقة بالنفس. في وجه حصارٍ ظالم وضغوطات متزايدة، تمكنت هذه المقاومة من إحداث تغيير جذري، مُلهمةً أجيالًا من العرب للوقوف بوجه الاحتلال والظلم والاستبداد. تجسدت روح الثقة في صمودها البطولي لأكثر من عام، حيث لم تلتفت إلى الوراء، بل انطلقت لصناعة سلاحها وزراعة غذائها، مُكرسةً ثقتها في المستقبل الذي تسعى لبنائه نصرا وفتحا مبينا، وهزيمةً للمشروع الصهيوني الغربي المحتل للأرض العربية منذ عقود.

إن الاعتماد على الذات يُعَدُّ من أهم عوامل تعزيز الثقة بالنفس. في عالم يتغير بسرعة، يواجه الأفراد تحديات متعددة تتطلب قدرة على التحليل والاستجابة السريعة، وهذا ما بنت عليه المقاومة نفسها. لذا، يصبح من الضروري أن يتعلم الأفراد من جيل أمتنا العربية كيفية بناء قدراتهم الخاصة وتطوير مهاراتهم. إن الاعتماد على الذات لا يعني العزلة، بل يعني القدرة على اتخاذ القرارات وتوجيه الأمور حسب الرؤية الشخصية، بما يتوافق مع الأهداف والمبادئ الوطنية والقومية ومتطلبات المرحلة.

لقد سطرت المقاومة أنصع صفحات النقاء في مقاومتها للمحتل، وصنعت فجرًا عظيمًا سيخلده التاريخ. بأحرف من نور وضياء، تغلبوا على عقدة الخوف وصنعوا الفجر المشرق، فبلغوا سلم النجاح من خلال العمل الدؤوب والمستمر، وبأيديهم الطاهرة أنشأوا هذا المجد وتباشير النصر لأمة الضاد، هذه الأمة التي حاول البعض من خلال الإعلام المتصهين تفتيت عناصر قوتها، وهي الوحدة والتضامن والصمود ودعم المقاومة البطلة في غزة وفلسطين التاريخية ولبنان العرب المقاوم والمدافع عن شرف الأمة من المحيط إلى الخليج.

عندما نتحدث عن الثقة بالنفس، نحن نتحدث عن الإيمان بقدراتنا ومهاراتنا العربية إذا ما أُحسن تحشيدها نحو هدف التحرير ومقاومة المحتل للأرض والعرض العربي. من هنا، فعلينا كعرب التغلب على الشكوك التي قد تعيق تقدمنا، وبناء مداميك الثقة التي تعزز انتصاراتنا واعتزازنا بكينونتنا العربية العظيمة. هذه ليست مجرد أعمال آنية بل نحو مستقبل أكثر تقدمًا وإشراقًا.

إن الثقة بالنفس تُعد المفتاح الذي يفتح أمامنا أبواب النصر المؤزر على عدو الأمة العربية والإنسانية، الحركة الصهيونية والامبريالية الغربية الاستعمارية العالمية. كما الطائر الذي يعتمد

على جناحيه، يجب أن نكون واثقين في قدراتنا وأن نتجاوز المخاوف التي قد تعيق تقدمنا. الحياة مليئة بالتحديات، لكن بالإيمان بأنفسنا وبقدراتنا، نستطيع التغلب عليها وتحقيق آمالنا وأحلامنا.

إن إعادة بناء الثقة في قدراتنا ومواهبنا، خاصةً في أجيالنا القادمة، هو الطريق نحو مستقبل مشرق. لنعمل معًا على غرس قيم العزة والكرامة في نفوس أبنائنا، ولنُبنِ أمة قوية قادرة على مواجهة التحديات، مُعتزة بمكانتها. فلنجعل من الثقة بالنفس سلاحنا، ولنتجه بخطى ثابتة في ميدان الحياة، نُثبّت أقدامنا بكرامة وعزيمة نحو غدٍ أفضل وأكثر تفاؤلًا ومنعة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى