حسن نصر الله.. لا نقول وداعاً
بقلم: أحمد عمرو/ نيويورك
أيَّتُها النَّفْسُ أَجْمِلِي جَزَعَا
إنَّ الَّذِي تَحْذَرِينَ قَدْ وَقَعَا
إنَّ الَّذِي جَمَّعَ السَّماحَةَ وَ النْـ
ـنَجْدَةَ وَ الحَزْمَ وَ النُّهَىٰ جُمِعَا
مَنْ كَانَ يعبُدُ حَسَنَ عَبْدِ الكَرِيمِ نَصْرِ اللهِ ، فإنَّ حَسَناً قَدْ ماتَ ، وَ مَنْ كَانَ يعبُدُ اللهَ الَّذِي خَلَقَ حَسَناً ، فَأدَّبَهُ ، وَ عَلّمَهُ ، وَ هداهُ ، وَ أيَّدَهُ بِنَصْرِهِ ، وَ قَذَفَ فِي قلوبِ أعدائهِ الرُّعْبَ ، وَ ثَبَّتَهُ عَلَىٰ صِراطٍ مُسْتَقيمٍ مِنَ الخُلُقِ النّبَوِيِّ ، وَ كَأنَّمَا أقْعَدَ عَلَىٰ لِسَانِهِ مَلَكاً ، يُلَقِّنُهُ ، فَلَا يقولُ إلّا حَقّاً .. فاللهُ حَيٌّ لا يَمُوتُ .
قُتِلَ حَسَنُ نصرِ اللهِ ، فَماتَ المِيتَةَ الَّتِي كانَ إخْوانُنا الذينَ سبقونا بالإيمانِ إذا ماتُوا بها قالُوا ” فُزْتُ وَ رَبِّ الكَعْبَةِ ” .
المِيتَةَ الَّتِي لَمْ يكُنْ حَسَنٌ يُريدُ غيْرَها ، وَ الحَمْدُ للهِ عَلَىٰ ما قضَىٰ وَ قَدَّرَ ، لا رادَّ لِقَضاءِ اللهِ ، الّذي خلقَ الخلقَ وَ قَدّرَ أقْدارَهُمْ بِحِكْمَتِهِ .
وَ إذا كانَ الأبطالُ يُذْكَرونَ في التّاريخِ بعملٍ واحِدٍ ، عَمِلُوهُ في حُروبِ الرِّدَّةِ ، أوِ اليرموكِ ، أوِ القادِسِيَّةِ ، أوْ حطّينَ ، أوِ الزّلّاقةِ ، أوْ عينِ جالوتَ ، أو حَرْبِ تأميمِ قناةِ السُّويسِ ، أو حَرْبِ تَحْريرِ الجَزائرِ ، فإنَّ اللهَ تَرَكَ عَلَىٰ حَسَنِ نَصْرِ اللهِ أربَعَةً يُذْكَرُ بِهِنَّ فِي النّاسِ ، وَ يُكادُ بهِنَّ عَدُوُّ اللهِ وَ عَدُوُّهُ في حَدَقَةِ عَيْنِهَ ، وَ تَعْلُو بهِنَّ دَرَجَتُهُ في مَقامِ الصالحينَ .
• حاربَ جيشَ المجرمينَ البولنديِّينَ الأوكرانِ البيلاروس ..…… في لبنانَ ثمانيَ عشْرَةَ سنةً ، كَبَّدَهُم فيها منَ القتلىٰ ، وَ الزَّمْنىٰ ، ما لا عينٌ عربيَّةٌ أو يهوديَّةٌ رأتْ ، ولا أذُنٌ سَمِعَتْ ، وَ توّجَ ذلكَ بإخراجِ جيْشِهِمْ مِنْ لبنانَ في ٢٥ أيارَ ٢٠٠٠ م مذموماً مدحوراً .
• وَ ثَنّىٰ في تمُّوزَ سنةَ ٢٠٠٦ م ، بِحَرْبٍ زادَتْ عَلَىٰ الشهْرِ ، نكَّلَ بِهِمْ فيهِ تنكيلاً ، وَ أذاقَهم طعمَ هزيمةٍ مُنْكَرَةٍ ، وَ خِزْيٍ يعيشُ معَهُم الخَمْسَ السِّنينَ الباقِيَةَ لَهُمْ مِنْ عُمُرِهِمُ الافْتِراضِيِّ عَلَىٰ ترابِ فلسطينَ وَ الجَولانِ ، وَيبقَىٰ في ذاكِرَةِ التّاريخَ أبداً .
وَ انْدِحارٍ فاضِحٍ عَنْ أرضِ لبنانَ الَّتِي حرّمها عليهم ، بعدَ أنْ كانت حديقةً خلفيَّةً لنزهاتِهِمُ العسكريَّةِ ، وَ بَطَرَهِم وَ تَعَدِّيهِم .
• وانْبَرَىٰ لمُؤامَرَةِ الغربيِّينَ الجشعينَ الذينَ كادُوا لسورِيَّةَ ، الَّتِي كانتْ عوناً لهُ في قتالِ المُحْتلّينَ المُجرمينَ في لبنانَ ، وَ غيرِ المُرْتَهَنَةِ لِصُنْدوقِهِمُ الدَّوْلِيِّ بالدَّيْنِ ، وَ الَّتِي لَمْ تَفْتَحْ سِفارةً لِ ” إسرائيلَ ” .. ، ليحكُمَ سُورِيَّةَ هؤلاءِ التّافهونَ الأوباشُ الَّذينُ يرقصونَ في إدلبَ ، شماتةً برجلٍ قالَ عنهُ نتانياهو الليلةَ ( ٢٨ / ٩ / ٢٠٢٤ م ) ” أَغْلَقْنا الحِسابَ مَعَ مَنْ قَتَلَ ما لا يُحْصَىٰ مِنَ الإسْرائيلِيِّينَ ” .
فأسهمَ إسْهاماً ظاهراً في هزيمَةِ هَـؤلاءِ الخَدَمِ الخائبينَ ، ودَحْرِهِمْ عَنْ لبنانَ وَ سوريةَ ، وَ تكديسِهِم في جيبِ إدلبَ معَ ضباطِ الموسادِ ، يُدَرِّبونَهُمْ علىٰ إفسادِ بلادِهِمْ ، وَ يُصْلِحونَ بينهم إذا تهارَشُوا كُلَّ يومٍ ، كما تتهارشُ الكلابُ عَلَىٰ عظمٍ ، الَّذينَ ضَلَّ سَعْيُهم في الحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يحسَبُونَ أنّهُم يُحْسِنُونَ صُنْعاً ، أولَـئكَ هُمُ الخاسِرونَ .
• ثمّ كانَتِ الرّابعَةُ في طوفانِ الأقصىٰ ، الَّذِي دخلَ في معمعتِهِ في اليومِ التّالي ، وَ ثبتَ عَلَىٰ ذلكَ ، وَ وَعَدَ بالثباتِ حَتّىٰ ينتَهِيَ المُجرمونَ عنْ ذبحِ أطفالِ غزّةَ ، في آخِرِ كلِمَةٍ سمَعَها منهُ الناسُ .
في وَقْتٍ لَمْ يَجِدْ فيهِ فقراءُ غزّةَ المحاصرونَ المظلومونَ ، أحداً يَمُدُّ لهم يداً ، إلّا إيّاهُ ، وَ مَنْ شايَعَهُ وَ ألهَمَهُ مِنَ أبطالِ اليمنِ والعراقِ .
الحَديثُ عَنْ حَسَنِ نصرِ اللهِ طويلٌ ، فعَسَىٰ أنْ يعينَ اللهُ عَلَىٰ رجوعٍ قريبٍ إليهِ في ذكرىٰ الأربعينَ ، وَاللهُ المُوَفِّقُ وَ المُعينُ .
رَبَّنا تقَبّلْ حَسَناً في أولَيائكِ الذينَ ما سَعَوا في هذهِ الحياةِ الدُّنيا إلّا إلَىٰ مَرضاتِكَ ، وَ إرادَةِ وَجْهِكَ ، وَ أكْرِمْ نُزُلَ حسنٍ الّذي كَانَ يُحِبُّ اللهَ وَ رسولَهُ ، وَ نذرَ نفسهُ لفلسطينَ ، وَ اجْعلْ لهُ نوراً يسعَىٰ بينَ يَديهِ ( يَوْمَ تَرَىٰ المُؤمِنينَ وَالمُؤمِنٰتَ يَسْعَىٰ نُورُهُمْ بَيْنَ أيْدِيهِمْ وَبِأيْمَـٰنِهِمْ بُشْرَىٰـكُمُ الْيَوْمَ جَنَّـٰتٌ تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَـٰرُ خَـٰلِدِينَ فِيهَا ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ العَظِيمُ ) .