حسن نصر الله .. عاش بطلاً و مات شهيداً
بقلم: د. موسى الحمداني/ لندن
أستشهد السيد حسن نصرالله و لاقى ربه لقاءً كان يتوق إليه و يتمناه و يليق بقائد فذ نذر حياته للجهاد في سبيل الله دفاعاً عن وطنه و قضيته. عاش السيد حياةً مفعمة بالجهاد و لاقى ربه كما كان يتمنى و يحسب، و من يجاهد مثل حسن نصرالله لا يمكن أن يخسر أبداً فإما النصر و إما الشهادة. و قد خاض السيد جولات كثيرة ضد إسرائيل و انتصر عليها وأذلها في مواقع عديدة إلى أن شائت له إرادة الله أن يسلم الراية لغيرة و يلاقي ربه.
كنت من الذين يتوقعون استشهاد السيد حسن نصر الله، فالرجل حارب أعدائه بلا هوادة عشرات السنين و أصاب إسرائيل في مقتل عندما اضطرها للانسحاب من لبنان، و هي لم تنسى له إصراره و عناده في الحق و صموده في الحرب. كان السيد شوكة موجعة في حلق أعدائه و راوغهم و ”دوَّخهم“ و أرَّقهم منذ استلامه لمنصبه كأمين عام لحزب الله. كانت إسرائيل تعتبره عدوها الأول و تستهدفه من عشرات السنين.
لا ينكر أحدٌ أن إسرائيل حققت نصراً كبيراً في هذه الجولة، و لا ينكر أحدٌ أن حزب الله و المقاومة الباسلة خسرت خسارة فادحة. الذي نعرفه و لا نشك فيه أن حسن نصر الله نفسه كان الرابح الأكبر. فقد اختتم السيد حياته الحافلة و جهاده المتواصل بتاج الاستشهاد المقدس. تلك النهاية المشرفة لقائد حزب الله تمناها، و يغبطه، عليها مجاهدٌ أكبرُ منه و أسبقُ، و هو خالد بن الوليد الذي قضى على فراشه و ليس في جسمه شبر إلا و فيه طعنة رمح أو ضربة سيف.
كان السيد في حياته رجلاً صلداً و قائداً قوياً و محارباً شجاعاً نازل أعدائه و قارعهم عشرات السنين. كان في حياته أيقونة للإيمان بالحق و المطالبة فيه و باستشهاده أصبح، و سيبقى، أيقونة للجهاد حتى النفس الأخير.
غالباً لست من الذين يلقون بالاً للمصادفات أو الذين يعلقون عليها استنتاجات، لكن استشهاد الأمين العام لحزب الله في يوم الثامن و العشرين من سبتمبر بالذات يعيد إلى الذاكرة استشهاد جمال عبد الناصر، أيضاً في سبيل القضية الفلسطينية، قبل أربعة و خمسين عاماً و كأن الأقدار اختصت ذلك اليوم للمحن و النوائب. فقبل ذلك بسنوات، و في نفس اليوم من سبتمبر، أُطلق رصاص الخيانة على الجمهورية العربية المتحدة فأرداها قتيلة.
لكن هكذا حال الحروب: كرٌّ و فرٌّ، و لا نيأس من نصر الله.
و رحمة الله على السيد حسن نصر الله، تقبله الله مع الشهداء و الأولياء و الصالحين