هل ستهاجم إسرائيل الجيوش العربية الكترونيا كما فعلت مع حزب الله؟

بقلم: د. كاظم ناصر

لا يزال لبنان وحزب الله تحت تأثير صدمة الخرق الأمني الذي تعرض له، وأدى الى تفجر آلاف أجهزة الاستدعاء” البيجر ” وأجهزة الاتصال ” ووكي توكي “، وقتل العشرات، وجرح ما يزيد عن 3000 شخص بشكل متزامن وعلى اتساع مناطق وجود الحزب في لبنان وسوريا، والتي حدثت بعد اغتيال العديد من قادة الصف الأول في الحزب خلال الأسابيع والأشهر الماضية.
هذا الاختراق الالكتروني العسكري غير المسبوق الذي نفذته دولة الاحتلال كان مفاجأة صاعقة وضربة قوية لحزب الله، وتحولا نوعيا في مسيرة الحروب، وفي امتلاك واستخدام التكنولوجيا العسكرية المتطورة التي ستلقي بآثارها على العالم، خاصة على دولنا العربية المتخلفة علميا وصناعيا، وتصرف مبالغ طائلة على الأسلحة التي تشتريها من الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية خاصة الطائرات المقاتلة، والصواريخ، والدبابات التي من الممكن أن تحتوي على مصائب لا نعلمها في دوائرها الالكترونية وقدراتها القتالية، وكشفت أننا نحن العرب متأخرون في هذا النوع من الحروب مقارنة بالعدو، وإن منطقتنا قد تكون مقبلة على أيام سوداء لكوننا نعيش على أكذوبة كبرى في مسألة تسليح جيوشنا، وعلى قدرتنا على النصر والنجاة من الدمار والخسائر البشرية الهائلة إذا هاجمتنا إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية ومن لف لفيفهما من الدول الأوروبية.
فما الذي أظهره هذا الاختراق لقادة حزب الله وتنظيماته الأمنية؟ وهل سيؤدي إلى يقظة عربية لمواجهة تعاظم المخاطر المحيطة بلبنان والعالم العربي؟
الهجمات التي تعرضت لها كوادر حزب الله وقياداته العسكرية جاءت نتيجة تعاون محلي وتقنيات متقدمة. أي إنها تدل دلالة واضحة على وجود عملاء لدولة الاحتلال داخل الحزب، أو مخبرين في مناطق عملياته يزودون استخباراتها بالمعلومات الدقيقة بشكل آني عن تواجد عناصره وقادته لاستهدافهم، وعلى أن إسرائيل تستخدم كاميرات مزودة بعدسات زوم قوية مثبتة على متن مسيراتها، وعلى أقمارها الاصطناعية تكشف وجود الأشخاص وتحدد هويتهم عبر تكنولوجيا التعرف على الوجه.
من المستبعد أن تؤدي الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على قادة وتقنيات ووسائل اتصال حزب الله إلى تغيير هام في استراتيجيات وزيادة قدرات جيوش الدول العربية في المستقبل المنظور لعدة أسباب من أهمها: أن دولة الاحتلال تعتبر من أكثر الدول تطورا في الأمن السيبراني، حيث يوجد فيها 450 شركة تعمل في هذا المجال وتعتبر في مقدمة الدول المصدرة لتقنيته، ولتفوقها الجوي، والاستخباراتي، وتدريبها وتجنيدها العام لمواطنيها، ولأن معظم الدول العربية تشتري أسلحتها من الولايات المتحدة الأمريكية التي تحرص على تزويد إسرائيل بأحدث ما تنتجه من أسلحة لضمان تفوقها على الجيوش العربية ومنعها من الوصول إلى مرحلة تمكنها من مواجهة الجيش الإسرائيلي والتصدي لاعتداءاته المتكررة، أضف إلى ذلك خضوع القادة العرب للولايات المتحدة الأمريكية وإملاءاتها السياسية والعسكرية ، واعتمادهم الوهمي عليها لحمايتهم هم وانظمتهم التسلطية الفاسدة.
ولهذا فإن دولة الاحتلال التي حسمت نتائج حرب الأيام الستة عام 1967 خلال الساعات الأولى من اندلاعها بتدمير القوات الجوية المصرية، وفاجأت العالم بهجومها السيبراني على حزب الله في لبنان وسوريا، قد تفاجئ العرب والعالم بشن هجمات غير مسبوقة على الجيوش العربية، وقد تتمكن من التوسع وخلق واقع جديد ستكون نتائجه مدمرة على العالم العربي. فهل يعني ذلك أن على أمتنا أن تستسلم للصهاينة ومخططاتهم التوسعية؟ وما هو الحل الناجع للتصدي لاعتداءاتهم وغطرستهم؟ نحن أمة تتكون مما يزيد عن 400 مليون نسمة من المستحيل أن يتمكن الصهاينة من كسرها وإذلالها إذا دربنا كل من يستطيع حمل السلاح من أبنائنا، ودعمنا المقاومة الشعبية المسلحة، وأدركنا أن حروب التكنولوجيا مهما كانت درجة تطورها لن تتمكن من قهرنا وهزيمتنا، وإن حسم نزاعنا مع الدولة الصهيونية فوق الأرض وتحتها سيكون لصالحنا كما بدا واضحا في حرب غزة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى