نتنياهو يقول: يوم بيوم .. وأحفاد النبي يذكرونه بخيبر

بقلم: نارام سرجون

أحس بالحرج وأنا اتقدم بمقال لأدلي بدلوي في الاحداث المتلاحقة هذه الايام .. وقد امتلأت الساحات بالمفكرين والباحثين والمحللين والمنجمين وضاربي المندل .. والعملاء والجواسيس والمندسين والمجانين الحاقدين والحاسدين والطامحين لكسب الرهان وكأنهم في سباق الهجن او مضمار سباق الخيل والقمار .. ففي مثل هذا الجو ووسط هذا الضجيج لن تقدر ان تعزف لحنا .. ولا أن تقرع الاجراس .. فالضجيج مرتفع وأصوات المحللين تتداخل مع أصوات القنابل وأصوات عوادم السيارات ..

ولكن سأبتعد عن الضجيج وصياح تجار البسطات وقارئي الفنجان والمهولين وحكواتية اسرائيل بيننا .. وساقول ان الغرب واسرائيل قد اتخذوا قرارا انهم لا يريدون الأسرى الاسرائيليين ببساطة .. وأنهم سواء استردوهم أم لا فانهم لا يكترثون الا بما هم يريدون فعله وفق اتفاق حدث قبل السابع من أوكتوبر وهو انهاء القضية الفلسطينية وقتل او تهجير أهل غزة .. ولو لم تحدث عملية الطوفان فخطة الاستيلاء على غزة كانت ناجزة لتنفذ في سنتين او ثلاث .. ليتلوها التخلص من قوى المقاومة في الشمال بشكل نهائي خاصة انها متعبة ومرهقة ومثخنة بالجراح بعد حملة الربيع العربي العنيفة التي أكلت ونهشت الجيش السوري وشربت من دم المنطقة .. وأنهك الثور السني الثور الشيعي في العراق .. وأنهت اميريكا العراق كدولة وكيان ومجتمع مفكك ونشرت التفسخ الديني الاسلامي والمذهبي فيه وفي كل المجتمعات العربية .. حتى انفصل الدين الاسلامي عن الدولة الوطنية وصارا هويتين متناقضتين متناطحتين .. لن يلتئم انفصالهما وانفصال المذاهب حتى وان تصالح الصحابة اليوم في سقيفة بني ساعدة وتصالح علي ومعاوية غدا .. وما يريده الاميريكيون هو الذهاب الى الحرب لأن العلاقة الوحيدة بين الغرب والشرق هي العصا لمن عصا .. وهناك في الشرق قوى عاصية ويجب تأديبها بالقوة .. وخاصة بعد أن تم تأديب الجمهوريات العربية كلها قادة وشعوبا وادخالها في الفوضى والموت والتفكك والفقر والشرذمة واللجوء والهجرة ..

واذا كان حزب الله يعاني من أي ضعف فهو ليس الضعف الاستخباري .. ولا العسكري بل الضعف أمام معادلة السياسة اللبنانية التي صارت تضبط ايقاعه وتفرض عليه طريقة ردوده ومستواها .. وتفرض عليه الخطوط الحمراء في الحرب .. وليست اسرائيل من يرسم خطوطه الحمراء .. مما يفوت عليه الفرصة تلو الفرصة .. فالحزب في الحرب عينه على داخل لبنان وعلى الاعلام العربي الذي صار ارهابيا في التعامل مع حزب الله ويقوم بتثوير الناس وتأليبهم على كل عمل ضد اسرائيل وضد الغرب بحجة انه مقامرة لحساب ايران .. ويعاقبه بالاتهامات والتشويه اذا ما حاول التخلص من السيطرة الدعائية والاعلامية ..
هذه القيود هي التي تضعف حزب الله .. وكل من يضعها في أقدامه كمن يضع الأعنة في أعماق الجياد ويربط بالحبال أرجل الجواد الاصيل كيلا يقفز او يركض .. ويضع اللجام الذي يؤلمه .. ليسهل لمن يريد ضبط ايقاع حركته وسرعته والركوب على سرجه وهي التي تعطي الوقت الكافي للاسرائيلي والاميريكي لتحضير نفسه وتحضير المخططات .. وهناك لعبة تمطيط الوقت بمميع للوقت اسمه الاقتراب من الاتفاق .. فكلما سمعت ان الاميريكيين يقولون ان هناك فرصة شبه كاملة بانجاز اي اتفاق من اي نوع أعرف انه لن يكون هناك اتفاق بل انتظار ومنح العدو فرصة لاكتشاف الثغرات في معسكر الخصم .. او لتحضير نقلة نوعية في لوحة الشطرنج .. مثل الاتفاق النووي الايراني واتفاقات الجولان واتفاق انهاء حرب غزة وأمثلة كثيرة ..

انا أعرف ان محور المقاومة يجب ان يدخل في حساباته معادلات كثيرة وأنه يواجه كل الغرب وليس اسرائيل .. فاسرائيل هي ايقونة غربية وسقوطها يعني سقوط العصر الاوروبي وسيكون بمثابة سقوط القسطنطينية معلنة نهاية عصر وبداية عصر .. ولكن هناك معادلة يجب ان تدخل في المواجهة وهي ان الاميريكي لايقدر على ادارة حرب متعددة بل هو يحب الاستفراد بالجبهات .. فهو استفرد بالعراق ثم بليبيا ثم سورية وهو يعمل بلا توقف على انهاك المنطقة .. والان لا أظن ان هناك اي شك ان تفجير مرفأ بيروت كان مدبرا .. و افلاس البنوك اللبنانية .. و عملية المصالحة مع الامارات التي كان يراد منها فتح خط تجاري يربط أسيا باوروبة عبر عقدة اسرائيلية تهيمن على اتصال الشرق بالغرب بعد تحييد قناة السويس نهائيا بقناة بن غوريون ..
الاسرائيلي متحرر من كل القيود وكل الحسابات .. وعلى عكس حزب الله فهو لا يعبأ بالرأي العام الغربي ولا العربي ولا اي شيء طالما انه ينفذ مخططه .. وحرب غزة دليل على ان كل الرأي العام لا يغير السياسة بل يجعلها أكثر خفة ورشاقة وتمارس التقية لا أكثر مثل بيانات اوروبة والامم المتحدة (القلقة من سلوك اسرائيل) والتي تدعو الى ضبط النفس او منع تصدير ورق الحمام لاسرائيل عقابا لها .. فلماذا تخشى المقاومة الرأي العام الغربي؟ .. واهانة المدنيين الاسرائيليين طالما ان الاسرائيلي لديه شهية للقتل وهو سينفذ المجزرة في اللبنانيين والسوريين ان عاجلا او آجلا .. وهي قادمة بذريعة وبلا ذريعة في عالم مروض تمام بالدولار والاعلام وثقافة الجنس والاستهلاك والعمالة لاميريكا ..

ولماذا يمكن ان تفكر المقاومة العراقية – التي هي جزء من المحور وتقع في نفس الحسابات الخاصة بالرأي العام والكتل السياسية العراقية على الطريقة اللبنانية – في منح الاميريكي استراحة من الضغط العسكري طالما ان الاسرائيلي والاميريكي لا يغيران اتجاه الحرب التي ان قضت على حزب الله فان الاميركي سيعود بقوة الى العراق وسينجز مالم ينجزه في سورية والعراق ..

على المحور ان يتحرر من كل الضغوط الداخلية والحرج ممن يسميهم الشركاء في الوطن الذين منعوه بالقوة من ان يطور الهجوم .. وهم المتسببون في كارثة البيجر .. لأن العملاء في الداخل اللبناني وفي العالم العربي الذين كانوا يصفقون للحزب انه لا يورط لبنان في الحرب وأن لبنان لا يريد الحرب لم يحموا الحزب من هذه الكارثة ولم يتعهدوا ان هاجمت اسرائيل الحزب فانهم سيقاتلون معه .. ولم يدفعوا ثمن هذا الموقف بل حزب الله هو الذي دفع الثمن .. وحتى اليوم لم يقولوا انهم سيتفهمون غضب حزب الله .. بل ان صمتهم هو ما سيسبق نصائحهم وتحذيرهم للحزب من الانجرار للحرب .. ووظيفة الديمقراطية اللبنانية هي توفير مساحة ضجيج وفوضى وتمزيق .. وهذه المعادلة التي يتمسك فيها حزب الله هي التي يجب ان تسقط وهي الخط الاحمر الذي عليه ان يحتقره وأن يفعل ما يراه مناسبا كما قال انه سيكون حيث يجب ان يكون لا حيث تحب معسكرات لبنان الرهينة للخارج ان يكون وان تقيده بحملاتها الدعائية الشرسة ..
اليوم على المحور ان ينتقل الى مرحلة المواجهة الشاملة وتحديدا ان يشارك الاميريكي في دفع ثمن مغامرات اسرائيل لأن مغامرات اسرائيل هي طلبات امريكية وتشجيع امريكي … ولذلك فكما ان التنظيمات الارهابية تقاتل نيابة عن الامريكي فان اسرائيل تقاتل نيابة عنه .. وهو لا يكترث بما تخسره اسرائيل طالما انه في منأى عن العقاب .. ولكنه سيأمرها بالتوقف بمجرد انه يدفع الثمن .. وهذه العلاقة نراها في كل مرة نزعج الاميركي في سورية تنبعث داعش وتعود للقتال والاغارة على الجيش السوري مع غارات اسرائيل وأحيانا مع المعارضة الارهابية المسلحة وكأنها رسالة من الامريكي تقول ان الاقتراب مني يعني انني سأطلق الكلاب الضالة عليكم .. ولذلك نجد ان قتل الكلاب الضالة في الصحراء لا يغير الواقع .. ولكن قتل راعي الكلاب الضالة هو ما سيوقفها .. ويجعلها تعوي متألمة ..
ولذلك فان حزب الله ومحور المقاومة يجب ان يتخلوا عن الحذر والخشية من العتب والغضب والتهويل والاتهام بأنهم يأخذ ون المنطقة في مقامرة .. وعليهم مجتمعين ان يسددوا الضربة الى الراعي الاميريكي .. وكلب الراعي في تل ابيب .. ولو اتخذ قرار شامل من اليمن الى لبنان وسورية وايران باقتلاع الاميريكي من المنطقة في العراق وسورية فان الاميريكي سيكون مستعدا لتقديم ثمن على حساب اسرائيل .. وسيحاول ارضاءنا لانه سيكون مكلفا لنا وله ان يقاتل في البحار واليابسة ويتعرض للخسائر ..

المهم ان ضربة حزب الله بالبيجر مؤلمة وخطيرة .. ولكن ما أعرفه هو ان الحزب مرن جدا وبراغماتي جدا في العسكر والقتال .. وهو منذ اللحظة تجاوز المحنة بسرعة لافتة .. وهو زاخر بالعبقريات العسكرية والعلمية .. ووضع البدائل الضرورية في الاتصالات التي يحتاجها لاكمال منظومة السيطرة التي فقدها لساعات .. ومن معرفتي بعقلية الحزب فانه مهتم جدا بفكرة الاحتياط والمتطوعين وأطواق الاحتياط الذين لا يكونون في الجسم العسكري ولكنه يتدربون كاحتياط .. لذلك فان النقص او التعثر في الحركة اللوجستية نتيجة غياب بعض العناصر تغلق في الحال وفق عقلية تفكير أطواق الاحتياط .. كما ان مشكلة الاتصالات هي تقنية ولها حل تقني سريع ولن تكون الا لفترة وجيزة جدا لأنه أيضا يعتمد على بدائل تقليدية دوما هي في الاحتياط من باب ان العدو قد يقدر على منظومة ما .. ولذلك فان عليه ان تكون لديه دوما خطتان لكل شيء ..

الحزب اليوم مجهز بالغضب .. والدعم الشعبي الهائل في بيئته .. وهذه لحظة لا يجب ان يضيعها .. كما ضيع الايرانيون فرصة اقتلاع الاميركيين من العراق اثر استشهاد قاسم سليماني الشخصية الايرانية التي أجمع جميع الايرانيين على حبها والالتفاف حولها .. وكان الشعب الايراني مستعدا للذهاب للمواجهة من اجل الثأر له .. وكان ترامب ليس قادرا على ان يخوض حربا فيما هو يريد التوجه للصين ..
أيها المحور .. تخلص من القيود .. وتخلى عن الخجل والحرج والحسابات والخوف من التخوين والاتهام بانك ذراع ايراني وولاية فقيه .. وتجاهل كل الاتهامات والحملات الاعلامية التي تريدك ان تلزم الصمت وان يبقى مستوى القتال بالاسناد فقط وليس بالهجوم الوقائي بعد ان تبين ان اسرائيل تريد غزة اليوم ولبنان غدا سواء شارك حزب الله ام لا .. فالحقيقة هي ان هؤلاء الإرهابيين من الكتاب والسياسيين والنخب المرتزقة التي تهاجم حزب الله وترجعه كلما حاول ان يتحرك بحس المنطق والواجب الوطني والاخلاقي .. هؤلاء مجندون لدى اسرائيل ومهمتهم هي تقييدك باحساسك بالذنب اذا ما قاتلت .. هؤلاء ليسوا أهل قتال .. وليسوا للسيف .. وليسوا لغدرات الزمان .. بل مخلب اسرائيلي .. يجب ان يتم بتره ومحاصرته بالتحدي .. وصدقني أنهم ان رأوا رأس اسرائيل يتكسر سيلومونك انك لم تقتل اسرائيل وسيتسابقون ليكونوا مثل البغال والحمير في لبنان .. يحملون لك السلاح والذحائر وسيكونون في كل مكان لكيل المدائح لك والتباهي بك ..

أثق بك يا حزب الله جدا .. وأثق انك لست ذراع ايران .. بل ذراع علي التي قلعت باب خيبر .. وأعرف أنك تقترب من تلك اللحظة التي كنت أنتظرها منذ زمن .. انها لحظة ستؤدي الى بداية تغيير العصور الاوروبية بسقوط قسطنطينية اوروبة في الشرق .. اسرائيل ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى