غزة.. والصوت الثوري الذي لم يخفت
بقلم: د. زيد احمد المحيسن
أفادت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية بأن الحكومة الإسرائيلية قالت للمحكمة العليا إن الجيش لا يزال يتعرض لمقاومة في غزة من تحت الأرض وفوقها.. هذا الخبر للصحيفة العبرية ذكرني أيام ما كانت الثورة في الخنادق وليس في الفنادق، أيام ما كانت البوصلة نحو فلسطين التاريخية من النهر الى البحر ونحو القدس ، كان الثوار والشعب كاملا على ضفتي النهر العربي الخالد ينشد نشيد الامل والتحرير والمقاومة..
“طالعلك يا عدوي طالع/ من كل بيت وحارة وشارع/ بسلاحي وإيماني طالع/ طالعلك يا عدوي طالع/ حربنا حرب الشوارع/ طالعلك يا عدوي/ طالعلك يا عدوي طالع/ من كل بيت وحارة وشارع/ من كل حيطة وبيت طايحين/ بالسطاطير وبالسكانين/ من كل حيطة وبيت طايحين/ بالسطاطير وبالسكانين/ بالسطاطير وبالسكانين/ وبقنابلنا اليدوية/ أعلنّا الحرب الشعبية “
الان غزة في دفاعها وجهادها ونضالها منذ قرابة العام تطبق هذه الاغنية ، تطبيقا عمليا في عملياتها الشجاعة ، تخرج من تحت الأرض ومن كل حي وكل شارع، هي تقاتل في السهل وفوق التل وفي قلب الانفاق.
في خضم صراع مرير وأوضاع متأزمة، يعيد النداء الصادر من حكومة الاحتلال الإسرائيلي إلى المحكمة العليا تذكير العالم بصمود غزة، التي لا تزال تقاوم بسلاحها وإيمانها. هذا النضال البطولي، الذي يتجلى في كل شبر من أراضي غزة، يذكّرنا بالأغنية الثورية الشهيرة التي كانت تصدح بها حناجر الثوار في معسكرات التدريب، بألحانها الملتهبة وعزيمتها الراسخة.
تلك الأغنية، التي تنقل مشاعر القوة والتحدي من “كل بيت وحارة وشارع”، أضحت اليوم تجسيداً حياً للواقع الذي تعيشه غزة. لطالما كانت الشوارع والحارات قوى محركة للتغيير والثورة، واليوم تحولت تلك الأماكن إلى مسرح لبطولات نضالية.
في نص الأغنية، نرى كيف أن الثوار كانوا يصرخون “طالعلك يا عدوي”، وكأنهم يعلنون عن كل زاوية وحي، عن كل بيت وكل جدار، منطلقين بسطوة قوتهم وإيمانهم. وهذا التصور الوجداني يعكس اليوم حقيقة الجهاد الذي تدافع به غزة عن أرضها وعرضها. هي ليست مجرد مواجهة تقليدية، بل هي حرب شوارع تتداخل فيها أبعاد الواقع والأمل، تتناغم مع الألحان الثورية التي رددها الأحرار.
الواقع الذي تعيشه غزة، منذ عامٍ تقريباً، يبدو كأنما هو تطبيق عملي لتلك الأغنية. فالمدينة، التي تمتلئ بشبكات من الأنفاق والأسرار، تُظهر للعالم كيف يمكن لقوة الإيمان والإرادة أن تتغلب على الآلة العسكرية. لا تقتصر مقاومة غزة على الأساليب التقليدية، بل تنبثق من تحت الأرض لتواجه عدوها بأساليب تتسم بالابتكار والتفاني.
وفي هذه الصورة القوية، نجد غزة تُعيد إحياء أغنية الثوار، ليس فقط من خلال الكلمات، ولكن أيضاً من خلال العمل الفعلي. فهي تتنقل من كل حي وشارع، من كل زاوية وعامود، تُبرهن أن النضال ليس مجرد كلمات تُقال، بل هو فعلٌ يتجسد في كل تفاصيل الحياة اليومية. كل قنبلة يدوية، كل مقاومة تحت الأرض، كل عملية شجاعة تُجسد تلك الروح التي تنبض بها الأغنية.
القدرة على البقاء والصمود، والاستمرار في القتال ضد قوات الاحتلال، تعكس إصرار غزة على تحقيق أهدافها، مهما كانت التحديات. هذا النضال المتواصل يشكل شهادة على قوة الإرادة وعزيمة الشعب الفلسطيني، ويؤكد أن النضال من أجل الحرية ليس مجرد قصة تُروى، بل هو واقع مُعاش بمرارة وأمل.
غزة تُثبت أن الصوت الثوري لم يُخفت، وأن الروح القتالية التي عبرت عنها الأغنية، ما زالت حية. وفي قلب كل حي وكل شارع، يتردد صدى المقاومة كما لو كانت ألحاناً تُعزف على أوتار النضال والكرامة.. في الليل في النهار هي قائمة بعملها خير قيام تضحية وإصرار على مقاومة المحتل مهما طال الزمن حتى التحرير للأرض والعرض والمقدسات.. وانه لجهاد نصر او استشهاد – والله غالب على امره ولكن اكثر الناس لا يعلمون . .