الأردن يدين اقتحامه ووزير ماليته للأغوار الفلسطينية المحتلة.. نتنياهو يعتزم إقامة جدار عازل على الحدود الأردنية
أدانت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين، امس الخميس، اقتحام رئيس الحكومة الإسرائيلية، بينيامين نتنياهو، ووزير ماليته، بتسلئيل سموتريش، للأغوار الفلسطينية المحتلة، وما صاحبها من ادعاءات باطلة واختلاق لأخطار بهدف توسيع سيطرة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعبر الدعوة إلى توسيع الاستيطان وغيرها من الإجراءات غير القانونية.
وأكدت الوزارة في بيان، أن “لا سيادة لإسرائيل على الأرض الفلسطينية المحتلة”.
كما أكد الناطق باسم الوزارة سفيان القضاة، رفض المملكة المطلق واستنكارها الشديد لتصريحات وزير المالية الإسرائيلي الداعية إلى توسيع الاستيطان في الأرض الفلسطينية المحتلة، في تحدٍ فاضح للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن الدولي وخصوصا القرار 2334 الداعي لوقف إسرائيل الاستيطان في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وعدم شرعية إنشاء المستوطنات وتوسيعها.
وطالب القضاة، المجتمع الدولي، بتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية، وإلزام إسرائيل وحكومتها المتطرفة بوقف عدوانها على غزة، والتصعيد في الضفة الغربية، وتوفير الحماية اللازمة للشعب الفلسطيني وتلبية حقوقه المشروعة في إقامة دولته المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس المحتلة.
إقامة جدار عازل على الحدود الأردنية
وكان نتنياهو قد صرح، خلال اقتحامه للأغوار الفلسطينية المحتلة، بإقامة “جدار قوي” على الحدود مع الأردن، وذلك بعد أيام من العملية التي نفذها الشهيد الأردني ماهر الجازي في “معبر الكرامة” والتي أسفرت عن مقتل ثلاثة من جنود الاحتلال.
وخلال جولته التي قام بها برفقة وزير مالية الاحتلال المتطرف بتسلئيل سموتريتش، قال نتنياهو: “سنعمل على إقامة جدار قوي على الحدود مع الأردن لمنع التهريب”، مشددا على أنه “من المهم لنا أن تبقى الحدود مع الأردن حدود أمن وسلام”.
وأضاف نتنياهو أن دولة الاحتلال تعيش في ظل معركة متعددة الساحات، لذلك من الضرورة تحصين الحدود مع الأراضي الأردنية.
وهذه ليست المرة الأولى التي يتحدث بها نتنياهو عن نيته بإقامة جدار عازل مع الأردن، فقد دعا إلى ذلك أثناء رئاسته لحكومة الاحتلال في تسعينيات القرن الماضي، إضافة لتصريح آخر قاله قُبيل معركة طوفان الأقصى بأسابيع، رغم وجود سياج قديم على طول الحدود التي يبلغ طولها 309 كيلومترات (192 ميلاً) والتي تتقاسمها الأردن مع الاحتلال الإسرائيلي وأراضي الضفة الغربية التي يسيطر عليها، على الرغم من أن المسؤولين العسكريين يقولون إنه كافٍ لمنع معظم محاولات تهريب السلاح.
كيان مفتعل محاط بالجدران
منذ مطلع الألفية الجارية، سعت حكومات الاحتلال المتعاقبة إلى تحصين كيان الاحتلال وما يسيطر عليه من أراضي فلسطين التاريخية، مع تصاعد الهاجس الأمني الذي تشكل بعد تصاعد قوة المقاومة الفلسطينية واللبنانية، قررت حكومة الاحتلال في عهد رئيسها السابق ارائيل شارون، بناء جدار اسمنتي عازل، يفصل الضفة الغربية عن الداخل الفلسطيني المحتل عام 2002 في ذروة انتفاضة الأقصى.
وبالفعل شرعت سلطات الاحتلال ببناء جدار بلغ طوله 710 كيلو مترات، يمر 85% منه في عمق الضفة الغربية والباقي داخر الأراضي المحتلة 1948، ما أدى لضم نحو 10% من مساحة الضفة الغربية، بما فيها الشطر الشرقي من مدينة القدس المحتلة.
بعد ذلك بنحو 10 أعوام صادقت حكومة الاحتلال على قرار مشابه، ولكن هذه المرة على الحدود الفلسطينية اللبنانية، لتكون بدايته بين مستوطنة المطلّة وبلدة كفركلا اللبنانية ويبلغ طوله كيلومتراً واحداً وبارتفاع يتراوح بين ستة إلى ثمانية أمتار، وبالتزامن مع ذلك أقام الاحتلال جداراً عازلاً في الجولان السوري المحتل، على متداد 4 كيلومترات وارتفاع 8 أمتار، قرب بلدة مجدل شمس، وهي المنطقة التي يتبادل فيها أهالي الجولان المحتل الحديث عبر مكبرات الصوت مع أقربائهم داخل الأراضي السورية.
واتضح لاحقا أن الجدار يمتد على طول سبعين كيلومتراً بمناطق حدودية مع سوريا لم تصنف في السابق بالخطرة، ويمتد الجدار من منطقة الحمة في جنوب الهضبة حتى منطقة القنيطرة بشمال الجولان المحتل.
في كانون أول/ديسمبر 2021، أعلن الاحتلال عن اكتمال بناء جدارٍ ضخم الذي يمتد على طول قطاع غزة فوق الأرض وتحتها، واستغرق المشروع الذي كلف 3.5 مليار شيكل (1.1 مليار دولار) أكثر من ثلاث سنوات ونصف من العمل، وفق وزارة دفاع الاحتلال.
ووفق تصريح لجنرال في جيش الاحتلال نشرته وسائل إعلام عبرية، فقد شارك في المشروع حوالي 1200 عامل، وتم استخدام حوالي 140 ألف طن من الحديد والصلب، وتمت إزالة ما يصل إلى 330 ألف حمولة شاحنة من الرمال والصخور ومليوني متر مكعب من الخرسانة والحديد.
.
وقالت وزارة دفاع الاحتلال حينها إن “السياج الذكي” يضم مئات الكاميرات والرادارات وأجهزة الاستشعار، ويتكون هذا الجدار من عدة مكونات: جدار خرساني مقوى تحت الأرض مرصع بأجهزة استشعار للكشف عن الأنفاق، وسياج فولاذي بارتفاع ستة أمتار، وشبكة من الرادارات وأجهزة استشعار المراقبة الأخرى، وأسلحة يتم التحكم فيها عن بعد.
فيما تمكنت المقاومة الفلسطينية يوم السابع من أكتوبر 2023 من اختراق الجدار وتدمير مقاطع منه، وبحسب جيش الاحتلال، فقد تم اختراق السياج في 29 ونقطة منه.
وفي مطلع العام 2010 صادقت حكومة الاحتلال على بناء جدار على امتداد جزء من الحدود مع مصر، مع تركيب معدات مراقبة متقدمة بذريعة “منع تسلل المهاجرين غير الشرعيين والنشطاء لضمان الهوية الديمقراطية واليهودية لدولة الاحتلال”.
وذكرت صحيفة يديعوت أحرنوت العبرية أن نتنياهو صادق على خطة لبناء جدار على طول الحدود من مدينة إيلات في خليج العقبة حتى تقاطع الحدود بين مصر والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 وقطاع غزة، بتكلفة مالية تصل إلى 400 مليون دولار.
وفي مطلع أغسطس/آب 2017 ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت أن سلطات الاحتلال تخطط لبناء جدار عازل أسفل الأرض على حدودها الجنوبية مع مصر، نظرا لما وصفته بعجز قوات الأمن المصرية حتى الآن عن شلّ حركة التنظيمات المسلحة، وتهريب السلاح إلى قطاع غزة.
معضلة الحدود الأردنية
يتعامل الاحتلال الإسرائيلي مع الحدود الأردنية الفلسطينية، بشكلٍ بالغ الأهمية كونها الحدود الأطول مع فلسطين المحتلة على امتداد 335 كيلو متراً، إضافة لعمق الوجود الفلسطيني داخل الأردن، والارتباط التاريخي والثقافي بين فلسطين والأردن، فضلاً عن تجربة الاحتلال السابقة في عمليات تسلل الفدائيين الفلسطينيين من الأردن إلى داخل فلسطين، أو عملية انسحاب المطاردين من الضفة إلى الأراضي الأردنية عبر الحدود خلال سنوات السبعينيات والانتفاضة الأولى.
وخلال معركة طوفان الأقصى وفي شهر تشرين ثاني/نوفمبر 2023 أعلنت سلطات الاحتلال احباط عملية تهريب سلاح ضخمة وذلك عبر وادي عربة في الحدود الشرقيّة الجنوبيّة الفاصلة بين فلسطين والأردن، فيما زعم إعلام الاحتلال مصادر السلاح المُهرب من الأردن إلى فلسطين هو الحرس الثوري الإيراني وحركة حماس، ف
وكانت قناة “كان” العبرية قد أكدت أن جنود الاحتلال قتلوا شخصاً حاول التسلل من الأراضي الأردنية إلى فلسطين، وذلك في شهر حزيران/يونيو الماضي، ويأتي ذلك في سياق حديث الاحتلال عن الخطر المتجدد للحدود الأردنية الفلسطينية، واعتبار عمليات تهريب سلاح خطراً خارجياً على الاستيطان في الضفة المحتلة بشكلٍ عام وعلى الاستيطان في الأغوار بشكلٍ خاص، فيما كانت عملية معبر الكرامة الحدث الأبرز الذي وقع في تلك المنطقة منذ بداية معركة طوفان الأقصى.