التربية والتعليم الخطوة الأولى لبناء المجتمع الديمقراطي
بقلم: د. زيد احمد المحيسن
تعتبر الديمقراطية من أعظم إنجازات الفكر الإنساني في مجالات الحكم والسياسة، إذ تتيح لكل فرد فرصة التأثير والمشاركة في صنع القرار. ومع ذلك، فإن الديمقراطية الحقيقية لا تُبنى فقط على مؤسسات سياسية وإجراءات قانونية، بل تحتاج أيضًا إلى أساس متين من التعليم والتربية التي تعزز من وعي الناخبين وقدرتهم على الاختيار بوعي.
التعليم هو حجر الأساس الذي يبني عليه المجتمع الديمقراطي. إذ لا يمكن تحقيق الديمقراطية بدون تعليم جيد ومستدام يُمكّن الأفراد من فهم حقوقهم وواجباتهم، والتفاعل مع العمليات السياسية بفعالية. فعندما يتلقى المواطنون تعليماً شاملاً ومُعززاً بالمعرفة والمهارات النقدية، فإنهم يصبحون أكثر قدرة على تقييم البرامج الانتخابية واختيار المرشحين الذين يخدمون مصالحهم ومصالح المجتمع.
وفي هذا السياق، يظهر التعليم كوسيلة لتحقيق مبادئ الديمقراطية الأساسية، مثل الاعتراف بالمساواة الأساسية بين الناس وقيمة الفرد فوق قيمة الدولة. فالتعليم الجيد لا يقتصر على نقل المعرفة بل يعزز أيضًا من قيم الاحترام المتبادل ويشجع على التفكير النقدي، مما يمكن الأفراد من اتخاذ قرارات مستنيرة في الانتخابات.
الديمقراطية ليست مجرد نظام سياسي، بل هي نهج و فلسفة حياة تستند إلى مجموعة من المبادئ التي تعزز من كرامة الإنسان وحقوقه. إن المبدأ الأول، وهو الاعتراف بالمساواة الأساسية بين الناس، يشير إلى أن كل فرد يستحق نفس القدر من الاحترام والفرص، بغض النظر عن خلفيته أو وضعه الاجتماعي.
أما قيمة الفرد فوق قيمة الدولة، فتؤكد على أن الحكومة يجب أن تكون خادمة للشعب وليست مُهيمنة عليه. وهذا يتجلى في حكم القانون الذي يضمن المساواة والعدالة لجميع المواطنين، وفي الاسترشاد بالعقل والتجربة والخبرة الذي يعزز من القدرة على اتخاذ قرارات مدروسة وفعالة.
إضافة إلى ذلك، تبرز أهمية حكم الأغلبية مع تقديس حقوق الأقلية كأحد المبادئ الأساسية للديمقراطية. ففي ظل الديمقراطية، لا يُعتبر رأي الأغلبية هو السائد فقط، بل تُعطى حقوق الأقليات احتراماً وحماية لضمان التنوع والعدالة في المجتمع.
تتميز الديمقراطية بأنها تمنح الأفراد حق الخطأ والتعلم من تجاربهم. إنها ليست مجرد أداة لتحقيق الأهداف، بل هي عملية مستمرة من التعلم والتطور. كما قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: “إن لم تخطئوا وتستغفروا فسيأت الله بقوم يخطئون ويستغفرون فيغفر لهم.”، وهو تأكيد على أهمية الاستفادة من الأخطاء والتعلم منها.
لضمان نجاح الديمقراطية في أي مجتمع، يجب تضمين مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان في مناهج التعليم. من خلال تعليم الطلاب حول الحرية والسلام والعدالة، يمكن للمؤسسات التعليمية أن تساهم في بناء جيل واعٍ وقادر على المساهمة الفعالة في العملية الديمقراطية