الشهيد البطل ماهر الجازي يمثل إرادة الشعوب العربية ورفضها للاستسلام والتطبيع
بقلم: د. كاظم ناصر*
أطلق الشهيد البطل ماهر ذياب الجازي الضابط المتقاعد، الذي كان يعمل كسائق شاحنة لنقل البضائع من الأردن لفلسطين المحتلة عبر معبر ” جسر الملك حسين “، النار على موظفي أمن صهاينة، وقتل ثلاثة منهم قبل أن أطلق الصهاينة النار عليه وأردوه شهيدا. وأفادت مصادر في جيش الاحتلال أن الشهيد الجازي الذي يحمل الجنسية الأردنية ويبلغ من العمر 39 عاما هو من بلدة ” أذرح ” شرقي مدينة البتراء جنوب الأردن، وانه ينتمي إلى عشيرة البطل مشهور حديثة الجازي قائد معركة الكرامة التي خاضها أبطال الجيش الأردني والمقاومة الفلسطينية ضد جيش الاحتلال في 21 مارس 1968 وهزموه فيها شرّ هزيمة.
عملية النشمي الجازي البطولية قوبلت بتأييد شعبي أردني وعربي واسع النطاق لكونها بمثابة رد طبيعي متوقع على الجرائم التي ترتكبها دولة الاحتلال بحق أبناء الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، وعلى مخططاتها التوسعية المنهجية التي تهدف إلى تهجير الفلسطينيين للأردن وغيره من الدول العربية ودول العالم، وتعريض وجود الأردن للخطر.
الشعب الأردني أظهر دعمه لما فعله الشهيد بالرغم من تحفظ السلطات الرسمية الأردنية وحرصها على الإدلاء ببيانات محسوبة بعناية؛ فقد خرج الآلاف من أبناء الشعب الأردني في مسيرة مساء الأحد 8/ 9/ 2024، أي بعد تنفيذ العملية بساعات، من المسجد الحسيني في عمان لإقامة ” زفة شهيد “، أي للاحتفال باستشهاد الجازي وتأييد عمليته البطولية، ووزعت الحلوى في الشوارع للتعبير عن اعتزاز الأردنيين به، وردد المشاركون في المسيرة هتافات مؤيدة للعملية والمقاومة ورافضة لتطبيع الأردن مع دولة الاحتلال من ضمنها ” شيل العسكر عن الحدود .. حدود الضفة الغربية .. والي بده الأرض تعود يحمل البندقية”، وأقاموا صلاة الغائب على روح الشهيد، وأطلقوا الألعاب النارية في سماء عمان احتفالا بالعملية، وأعلن أبناء عمومته وشيخ مشايخ قبيلة الحويطات عن فخرهم واعتزازهم به، وقال والده إن ” دماء ابنه الشهيد ليست أغلى من دماء الشعب الفلسطيني.”
وفي المقابل فوجئ الصهاينة بالعملية واعتبروها ضربة موجعة لهم لكونها العملية الأولى من نوعها التي تم تنفيذها من الحدود الأردنية مع فلسطين المحتلة منذ بدء عدوانهم على غزة في السابع من أكتوبر الماضي، واعتقلوا جميع العمال والسائقين العرب على المعبر للتحقيق معهم، واعتبرها نتنياهو وحكومته ضربة موجعة لهم ولقناعاتهم بإمكانية تصفية القضية الفلسطينية عن طريق التطبيع مع الأنظمة العربية، متجاهلين إرادة الشعوب العربية ورفضها للتطبيع والاستسلام لدولتهم. وزعم نتنياهو أن إيران هي التي تسلح وتشجع المقاومة على الانطلاق من الأردن وقال ” هذا يوم صعب، نحن محاطون بأيديولوجيا قاتلة يقودها محور الشر الإيراني” وأنه ” من دون السيف لا يمكن العيش في الشرق الأوسط” وتجاهل الحقيقة الساطعة، وهي ان الدولة الصهيونية هي أساس الشر لكونها دولة احتلال دخيلة على المنطقة وشعوبها وثقافاتها، لا تومن بالسلام، ترتكب جرائم إبادة بحق الفلسطينيين، وتهدد الأمن والوجود العربي.
هذه العملية البطولية التي قوبلت بتأييد شعبي عربي واسع يتعارض مع الموقف الرسمي العربي المتخاذل، تعبر عن إرادة الشعوب العربية التي تؤمن بأن المقاومة المسلحة هي السبيل الوحيد لدحر الاحتلال؛ كما إنها تشكل صفعة قوية لمن تسلقوا قطار التطبيع المتهالك ومن ينتظرون دورهم لتسلقه، وتثبت تلاحم ووحدة هدف ومصير الشعبين الفلسطيني والأردني، وتثير رعب الصهاينة الذين يدركون تماما أن تصاعد واستمرار المقاومة الشعبية المسلحة من الحدود الأردنية مع الضفة الغربية التي تبلغ 283 كم لا يمكن التحكم بها، بل تشكل خطرا ليس فقط على استمرار احتلالهم للأراضي الفلسطينية، وانما على احلامهم التوسعية وعلى وجود دولتهم.
*كاتب فلسطيني