الجيوش العربية وقضايا الأمة!
بقلم: د. كاظم ناصر
تنحصر مهام الجيوش في حماية الأوطان من الأخطار الداخلية والخارجية؛ فالجيش في أي دولة من دول العالم التي تحترم نفسها يمتلك القوة لتوفير الأمن والأمان والاستقرار للمواطنين، وحمايتهم هم ووطنهم من أطماع وشرور الأعداء؛ ولهذا تصرف الدول أموالا طائلة لتدريب جيوشها وتزويدها بالأسلحة الحديثة التي تمكنها من القيام بمهامها.
وبناء على ذلك صرفت الدول العربية وما زالت تصرف مبالغ هائلة من ميزانياتها على إعداد وتسليح جيوشها، لكن هذه الجيوش فشلت فشلا ذريعا في حماية الأقطار العربية من الأخطار الداخلية والخارجية، وأخفقت بصورة خاصة في التصدي للأطماع الصهيونية والأمريكية، والمحافظة على الأمن والأمان، ولعبت دورا رئيسيا في حماية الأنظمة التسلطية العربية، وأبدعت مخابراتها في إذلال المواطنين العرب وكتم أنفاسهم.
يقوم جيش دولة الاحتلال بشن حرب إبادة جماعية أدت إلى قتل وجرح ما يزيد عن 130 ألف فلسطيني، وتدمير عزة، وقتل وجرح الآلاف في الضفة الغربية حلال الأشهر القليلة الماضية؛ إضافة إلى ذلك فانه يدعم الاستيطان ويحمي المستوطنين، ويعمل على تنفيذ سياسة دولة الاحتلال التوسعية بتهجير الفلسطينيين للدول العربية المجاورة وتهديد أمنها ووجودها، ويحمي ويشارك في اقتحامات الصهاينة المتكررة للمسجد الأقصى للسيطرة عليه وهدمه وبناء الهيكل على أنقاضه.
فما الذي فعلته الجيوش العربية لنصرة غزة وحماية الأقطار العربية والمواطنين من الأعداء وعلى رأسهم دولة الاحتلال والولايات المتحدة الأمريكية؟
للأسف حرب غزة كشفت القيود المفروضة على الجيوش العربية وعدم قدرتها على التحرك لمواجهة الخطر الصهيوني؛ فبعد مرور إحدى عشر شهرا على جرائم الإبادة التي يرتكبها الصهاينة في غزة والضفة الغربية، لم يجرؤ كبار ضباط الجيوش العربية، باستثناء قادة الجيش اليمني الباسل على مناصرة ودعم المقاومة الفلسطينية والعربية وتحذير الأمة من الخطر الصهيوني وتداعياته الكارثية على حاضرها ومستقبلها، ولا حتى على التفوه بعبارات واضحة يطلبون فيها من القائد الأعلى للقوات المسلحة، أي الملك أو الرئيس إعداد أفراد الشعب للدفاع عن أنفسهم، ونصرة الفلسطينيين الذين يذبحون جماعيا، ويجوّعون، وتدمر بيوتهم عشوائيا، لكنهم أبدعوا في تنفيذ أوامر الحكام بتطويق الشعوب ومنعها حتى من التظاهر دعما للفلسطينيين، وفي اعتقال من يرفع العلم الفلسطيني، أو يرتدي الكوفية، أو يهتف لفلسطين في أي مكان.
الشعوب العربية ترفض الانقلابات العسكرية التي ثبت فشلها في توحيد الأمة وحماية أقطارها وتؤمن بأن التغيير السياسي يجب أن يتم عن طريقها، وتحترم أفراد القوات المسلحة، ولا تشك بشجاعتهم وقدراتهم على نصرة الحق والدفاع عنها، وإن واجب الجيوش العربية يدعوها للوقوف إلى جانب المواطنين وحمايتهم واحترام إرادتهم، وحثهم على دعم المقاومة الفلسطينيين والعربية بالرجال والمال والسلاح!
*كاتب فلسطيني