الاحتلال الأمريكي يقرّر تأجيل بحث مسألة انسحاب قواته من العراق، إلى جانب تعزيز حضوره العسكري في سوريا

الحسكة –  لم تكن هجمات فصائل المقاومة الخمسة ضدّ القواعد الأميركية غير الشرعية في سوريا، خلال شهر آب، وإقرار الأميركيين بسقوط جرحى في استهداف مطار «خراب الجير»، السبب الوحيد الذي دفع واشنطن إلى استقدام تعزيزات عسكرية، وإنّما رغبة هذه الأخيرة أيضاً في تأكيد عدم نيّتها الانسحاب من سوريا. ورفعت الولايات المتحدة، بشكل ملحوظ، خلال آب الماضي ومطلع الشهر الجاري، من مستوى نقل السلاح والعتاد العسكري، بما يشمل أنظمة دفاعية، إلى سوريا، في محاولة لمنع تكرار هجمات المقاومة ضد قواعدها وجنودها، وذلك في ظلّ ترجيح تأجيلها موضوع جدولة الانسحاب التدريجي من العراق أيضاً.ويبدو أن واشنطن، وفي ظلّ العدوان المتواصل على قطاع غزة، والتوترات المتواصلة في جنوب لبنان، والخشية من تطور المواجهة إلى حرب إقليمية، قرّرت تعليق بحث مسألة الخروج من العراق، إلى جانب تعزيز حضورها العسكري في سوريا.

وقد ظهر هذا التوجّه في ضوء استقدام تعزيزات عسكرية إلى البلدَين المذكورين، ولا سيما خلال الشهر الماضي، وسط معلومات عن أن أكثر من 20 دفعة من الأسلحة والمعدات نقلت جوّاً وبرّاً إلى القواعد في سوريا. وتساوقت هذه التعزيزات مع سلسلة من التدريبات العسكرية في معظم القواعد الأميركية، تُعدّ الأكبر منذ الدخول البري للولايات المتحدة إلى هذا البلد قبل نحو عشر سنوات. في المقابل، تزامنت تلك الإجراءات مع تعرّض دورية أميركية مؤلفة من ست عربات، قبل أكثر من أسبوع، لإطلاق رصاص مباشر في المنطقة المحاذية لمناطق سيطرة الجيش السوري، على السرير الشرقي لنهر الفرات في ريف دير الزور، في تطوّر يؤشر إلى احتمالية تطوير المقاومة هجماتها، على مستوى البرّ أيضاً.

وتؤكد مصادر ميدانية، لـ»الأخبار»، أن «الولايات المتحدة الأميركية استنفرت قواعدها في حقل كونيكو والعمر بعد حادثة إطلاق النار، مع تنفيذ قسد حملة مداهمات واعتقالات في الريف الشرقي»، معتبرة أن «المطلوب وأد أيّ محاولة لتهديد الوجود الأميركي براً، والتعامل بحزم مع أيّ خطر مستجد في المنطقة يُهدّد التحركات العسكرية الأميركية البرية، سواء في الحسكة أو في دير الزور».

وكشفت المصادر أن «الأميركيين استقدموا، في الشهر الأخير، 22 دفعة من السلاح والمعدات إلى القواعد في الحسكة ودير الزور، منها 19 دفعة وصلت جواً إلى خراب الجير والشدادي وكونيكو والعمر، وثلاث دفعات وصلت برّاً عبر معبر الوليد غير الشرعي مع العراق»، مبيّنة أن «الأسلحة المنقولة في معظمها أنظمة مراقبة ورصد، بالإضافة إلى معدات مخصّصة للتصدي للأهداف الجوية القريبة كالطائرات المسيّرة، والقذائف المتوسطة والقصيرة المدى».

ولفتت المصادر إلى أن «القواعد الأميركية استخدمت للمرّة الأولى أنظمة تعمل على الليزر في مهام مراقبة ورصد واستهداف الطائرات المسيّرة والقذائف الصاروخية»، وأن «التحالف نفّذ أكثر من 15 تدريباً حيّاً على استخدام هذه الأسلحة واختيار جاهزيتها، معظمها كان في قواعد حقل العمر ومعمل غاز كونيكو».

ورأت المصادر أن «هذه التحركات غير المسبوقة في سوريا، على صعيد الكثافة على الأقل، تكشف عن نيّات أميركية لتعزيز وجود واشنطن العسكري في سوريا»، مضيفة أن «هناك تركيزاً كبيراً على ضرورة كبح فصائل المقاومة في سوريا والعراق، وتحييد أسلحتها». كما أكدت أن «التدريبات الأخيرة ركّزت على آلية مواجهة المسيّرات، وهو ما ظهر من خلال إطلاق عدة طائرات مسيّرة في الجو والتركيز على استهدافها لاختبار فعالية الأسلحة المنقولة حديثاً، وخاصة بعد اختراق مسيّرات المقاومة القواعد الأميركية».

وقد جاءت هذه التطورات في موازاة تأكيد مساعد نائب وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، ومسؤول الملف السوري في الخارجية الأميركية، إيثان غولدريتش، أن «القوات الأميركية لن تنسحب من سوريا»، ونفيه أيّ «خطط لدى إدارة الرئيس جو بايدن لسحبها».

وعمّا إذا كان هناك جدول زمني لانسحاب هذه القوات، قال: «حالياً ينصبّ تركيزنا على الهدف، وهو عدم ظهور داعش مجدداً»، مشيراً إلى أن «بلادنا لا تزال ملتزمة بالدور الذي نقوم به في ذلك الجزء من سوريا، وبالشراكة التي تجمعنا مع القوات المحلية التي نعمل معها، والحاجة إلى منع هذا الخطر من العودة مجدداً».

الأخبار اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى