الانتخابات البرلمانية في الأردن بين الزخم الإعلاني والإرادة الحقيقية للمواطن
بقلم: د. زيد احمد المحيسن

الإعلانات التي تحمل صور المرشحين تغطي أعمدة الانارة والارصفة ، حيث لا يخلو شارع او غصن شجرة او عمود انارة الا وتكدست علية هذه الصور.. فهل هذه الصور تعبر عن حقيقة نبض المواطن وتطلعاته الحقيقية للانتخابات ؟ ام ان الامر خلاف ذلك . في واقع الامر ؟
تعتبر الانتخابات البرلمانية في الأردن إحدى الركائز الأساسية في النظام الديمقراطي، لكنها لا تحظى بالزخم الشعبي المطلوب نتيجة لتجارب سابقة أفسدت ثقة المواطن في مؤسساته الدستورية. فقد شهدت السنوات الماضية تكراراً لممارسات فساد أثرت سلباً على مصداقية العملية الانتخابية، وجعلت العديد من المواطنين يشعرون بالإحباط تجاه نتائج هذه الانتخابات والعزوف نهائيا عن المشاركة في النشاط السياسي العام، والتغيب طوعا وعن قصد عن الحضور للدعوات واللقاءات الانتخابية في الوقت الحاضر .
وفي ظل واقع يتسم بعدم التزام دائم بالدستور الناظم للحياة العامة في الدولة، يتساءل المواطنون عن مدى فعالية المؤسسات التي يفترض أن تكون هي الحامية للحقوق والداعمة لمبادئ الشفافية والمساواة. ذلك لإن التعديات المتكررة على الدستور والقوانين الناظمة للحريات العامة وانتهاك المبادئ الأساسية للحكم الرشيد قد أسهمت في تكريس حالة من السلبية وعدم الثقة بين المواطنين ومؤسساتهم.
يجب أن يُنظر إلى هذه القضية كدعوة ملحة لإعادة تقييم العملية الانتخابية من جذورها، والعمل على تنفيذ إصلاحات حقيقية تضمن نزاهة الانتخابات، وتعيد بناء الثقة بين المواطن والمؤسسات الدستورية. فالتحدي الأكبر اليوم هو استعادة إيمان الناس بدور البرلمان كممثل حقيقي لإرادتهم وصوتهم في صنع السياسات التي تؤثر في حياتهم اليومية.
إن الخطوة الأولى نحو تحقيق ذلك هي تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد بكل حزم، وضمان احترام الدستور وتطبيقه بجدية، والوقوف دون مواربة مع قضايا امتنا العربية قولا وعملا.. فقط من خلال هذه الإجراءات يمكن أن نستعيد الثقة ونشجع على مشاركة أوسع وأعمق في العملية الديمقراطية، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى تعزيز استقرار الوطن وتقدمه نحو معارج النهضة والازدهار والتنمية ..