الانتخابات النيابية الأردنية القادمة والعلاقات مع دولة الاحتلال
بقلم: د. كاظم ناصر

الانتخابات البرلمانية هي تعبير حقيقي عن وعي المواطن واهتمامه بحاضر ومستقبل بلده؛ ولهذا فإن مشاركة الشعب الأردني في انتخاب أعضاء البرلمان هو واجب وطني على كل أردني وأردنية يحق له الإدلاء بصوته في الانتخابات التي ستجرى في العاشر من شهر أيلول القادم؛ فبحجم هذه المشاركة، وبحسن الاختيار من الممكن أن ينجح الشعب في إفراز مجلس نواب يمكنه أن يفعل الكثير في الدفاع عن حقوق المواطنين، والتعامل مع الاستحقاقات التشريعية، والاقتصادية، ومراقبة أداء السلطة التنفيذية ومحاسبتها على ما ترتكبه من تجاوزات تتعارض مع مصالحهم ومصالح الأردن الحالية والمستقبلية، ومواجهة دولة الاحتلال والتصدي لنواياها التوسعية.
هذه الانتخابات التي تشارك فيها تكتلات من مرشحي الأحزاب السياسية المختلفة، وممثلي العشائر، والمستقلين، وتتسم بتنافس غير مسبوق لكسب تأييد المواطنين للوصول إلى مجلس النواب هي الأكثر أهمية في تاريخ الأردن، وذلك لما قد تفرزه من تداعيات سياسية على حاضره ومستقبله وعلاقاته مع دولة الاحتلال.
إن ما يحتاجه الأردن في ظل هذه الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة التي يمر بها هو مجلس نواب يمثل إرادة الشعب، يحارب الفساد السياسي، يعزز الممارسات الديموقراطية، يضغط على السلطة التنفيذية لإعادة النظر بعلاقات الأردن بدولة الاحتلال، ويتصدى لمخططاتها بتهجير الفلسطينيين وتصفية القضية الفلسطينية.
لكن هذه الانتخابات تعاني كسابقاتها من مشاكل قد تمنع حدوث تغيير إيجابي نوعي في نتائجها من أهمها أن أكثر من نصف عدد الناخبين الأردنيين لا يدلون بأصواتهم تحت ذرائع وتبريرات واهية مرفوضة، وأن أعدادا لا يستهان بها منهم قد يعتبرون هذا الموسم الانتخابي كسابقاته فرصة للتلذذ بالناسف والحلويات وبيع الذمم، وقد يعطوا أصواتهم هذه المرة أيضا لبعض المرشحين المتسلقين غير المؤهلين علما وثقافة، ويمكنوهم من النجاح كما فعلوا في الانتخابات السابقة بفضل دعمهم القائم على الصلات العشائرية، أو العائلية، والعلاقات الشخصية، والرشاوي!
إسرائيل لا تخفي أطماعها التوسعية وتخطط وتعمل بطريقة منهجية لطرد الفلسطينيين وإقامة الوطن البديل في الأردن، ومن ثم الانطلاق في مغامرات توسعية أخرى في الوطن العربي؛ ولهذا يجب على الناخبين في كل دائرة انتخابية أردنية أن يدلوا بأصواتهم بكثافة، وأن يكرسوها للمرشحين الأنسب، أي للمتعلمين المثقفين سياسيا، الذين يتبنون برامج سياسية واجتماعية واضحة، والقادرين على قراءة الوضع السياسي الأردني والعربي والدولي بطريقة جيدة، وعلى فهم وتمرير القوانين والاستحقاقات التشريعية التي تحمي المواطنين وحقوقهم، وتسهل حياتهم وتعاملهم مع أجهزة الدولة؛ والأهم من ذلك كله هو التزامهم بالعمل معا لحماية الأردن، ومحاربة التطبيع مع دولة الاحتلال بجميع صنوفه، ودعم المقاومة الشعبية الفلسطينية والعربية، والدفاع عن قضايا الأمة العربية.
ما ارتكبته وترتكبه دولة الاحتلال من جرائم إبادة ودمار شامل ضد أهلنا في قطاع غزة والضفة الغربية، هو بمثابة انذار للأمة العربية عامة، وللأردن خاصة بان الخطر الصهيوني يقرع الأبواب، وان على الشعب الأردني بحكومته وبمجلس نوابه أن يستعد للمواجهة الحتمية القادمة مع هذا الكيان الصهيوني الاستيطاني التوسعي!