ايران وحزب الله وكلب الغرب بين العقل والجنون.. منتهى الجنون هو منتهى العقلانية
بقلم: نارام سرجون
لست ممن يحبون ان يعزفوا لحنا لا يألفه الناس من اجل ان يلتفت الناس الى اللحن الغريب .. ولكني اليوم سأعزف لحنا لم اعرفه من قبل ولم اعزفه من قبل….
قد يكون الجنون أحيانا هو ذروة العقل .. قد تكون العقلانية متمثلة احيانا في منتهى الجنون .. فأين ستكون عقلانية ايران وحزب الله ومحور المقاومة ؟.. أهي عقلانية الجنون الأقصى أم جنون العقلانية الى حد العبث واللاجدوى؟؟
ايران ومحور المقاومة اليوم أحوج ما يكونون اليوم الى الجنون .. وأنا سأنظر الى ان المحور في منتهى العقلانية عندما يبدي منتهى الجنون في رده على الغرب ووقاحته وعلى اسرائيل (كلب الغرب) أو كما يقال كلب الروم .. الذي يعض في كل اتجاه ..
هذا الغرب الذي يستجدي العقلانية منا اليوم ويحثنا عليها وينصحنا بقوة بها بحجة أنه غرب مجنون لن يقبل منا الا العقلانية وسيفلت علينا جنونه ان لم نكن عاقلين .. فجنونه الذي يهدد به والذي رأينا نماذج منه في غزة كان غرضه أن يوقف جنوننا .. ويأتي بعقلانيتنا .. وهناك رسائل محمولة لا تتوقف تردد ان اميريكا بكل ثقلها ستدخل المواجهة لمنع ايران اذا ما كان ردها غير محسوب بالخردل ومثقاله .. وهناك في الغرب من يلمح الى ان الزر النووي جاهز وأن العقل النووي والعقل القذر جاهز اذا لم نظهر عقلانية في ان نفهم ان اسرائيل فوق القانون ويحق لها ما لا يحق لغيرها ..
ولكن كيف ننسى أن الانتصارات الصعبة خرجت من أفكار مجنونة وفي جذرها التهور .. وهي بنت الجنون .. ألم يكن انتصار عام 2006 نوعا من الجنون عندما قرر حزب الله وحده تحدي الكون ؟؟ أليس صمود سورية أمام حرب كونية نوعا من الجنون المفرط؟؟؟ قولوا لي متى انتصر العقلاء انتصارات كبرى الا عندما كان من الجنون ان يفكروا بالمواجهة ؟ الانجازات الكبرى هي انجازات من يفكر بعقل ولكن في حركته تهور ومغامرة وجسارة .. أليس حزب الله بدأ بفكرة مجنونة بشباب يريد ان يوقف الدول العظمى ببضع بنادق كلاشينكوف وانتهى جنونه انه يوقف العالم كله بغابات من الصواريخ؟ .. أليست كل الثورات العظمى قادتها الانفعالات المجنونة؟؟
أليس ما قام به الانبياء في مقاييس عصر العقلاء هو نوع من الجنون؟؟ تخيلوا أن شابا اسمه عيسى المسيح .. رجل هز الدنيا وحمل الصليب وكسر الشر وحده .. وهل كانت العقلانية هي التي قررت ان يخرج قلة من ثوار مكة في بدر للقاء حشد هائل من تجار قريش ومرتزقتهم؟ لو فكر المسلمون في معاركهم بعقلانية لما خرجوا يهددون امبراطوريتين تنظر اليهم على انهم رعاة ابل .. ولو فكر رعاة الابل بأنهم رعاة ابل لبقوا رعاة ابل ولما وصلوا الى اسبانيا والصين ..
في كل مرة يتفجر غضبنا يتحدث الاميريكيون بسخاء عن العقلانية وضبط النفس والحكمة .. ويذكروننا بما لديهم من مجانين في الادارة الذين يجب ان نحذرهم .. فنحن محاطون بالمجانين وبالتهديدات ومحاطون بالخونة .. ومحاطون بالعملاء والاذرع والجواسيس .. ومحاطون بالذباب السياسي كما هم ذباب لبنان وسياسيوه الذين ارتفع طنين أجنحتهم حتى طغى على صوت الموتى في غزة وصوت القنابل فيها .. ويلومون حزب الله على انه سيقودهم الى التهلكة .. وفي كل مرة نستدعي كل عقلنا .. ونستدعي كل الصبر .. ونستدعي كل ضبط النفس .. واليوم يبدو ان الصبر وضبط النفس اسلحة انضمت الى ترسانة الاسلحة الامريكية فيما نحن نحتاج سلاحا من الجنون ..
نتنياهو يعتمد على اننا نربط جنوننا فيما يتجول هو بجنونه في طرقاتنا وفي بيوتنا وسمائنا .. ولكن لا يفل الجنون سوى الجنون ..
في الانتقام لقاسم سليماني أرسلت ايران كل عقلانيتها وصبرها وحبست جنونها .. وفي الضربة الاسرائيلية على القنصلية الايرانية في دمشق ضبطت ايران معظم جنونها وأرسلت بعضا منه وكثيرا من الصبر والتعقل ..
ولكن ماذا تفعل ايران ومحور المقاومة اليوم امام مزيد من الجنون الاسرائيلي والاميريكي ؟؟ فالمزيد من الجنون لا يحتاج الا مزيدا من جنون يردعه ..
الاميريكي يستدعي العقل الايراني والحكمة والتعقل بتهديد خفي من ان الخيار النووي مدروس وحاضر .. وان على حزب الله ان يفكر جيدا في نوع ضربته لأن اسرائيل ستثير عليه أذرعها اللبنانية التي ستمزقه وتعنفه وتوبخه اذا ما زاد عيار الضربة الانتقامية .. وانها ستدمر مدنه وتجعل ما بقي من غزة قصرا امام دمار الضاحية ..
سامحونا ان تمنينا عليكم ان تعاملوا المجانين بمثل جنونهم .. فهؤلاء المعتوهون الممسوسون المهووسون بالقتل والخراب في الغرب خربوا بيوتنا وأوطاننا وسلامنا .. وأبناءنا وحياتنا .. وجاؤوا لنا بالموت اثر الموت .. والفناء اثر الفناء .. والفتنة اثر الفتنة .. والربيع الأسود اثر الربيع الاسود .. والكراهية تلو الكراهية .. وداعش اثر القاعدة .. والكذب اثر الكذب والمؤامرة اثر المؤامرة .. وبعد ذلك يقولون انهم العقلاء واننا يجب ان نتعلم منهم العقل والحكمة وألا نكون مجانين ..
في هذه المرة يجب على ايران ان تفكر ان اسرائيل ضعيفة وان اميريكا ضعيفة .. وان لدى اميريكا واسرائيل مدنا ومصالح واقتصادا وأعداء كثيرين .. وان اي تعقل وعقلانية هنا سيكون ذروة الجنون ..
أنا أفهم كلام السيد حسن نصرالله اليوم كما لم أفهمه من قبل .. لانه بميزانه الدقيق الذي أكثر فيه من الاعتماد على العقلانية .. فانه صار يعرف ان هذا العدو لاعقلانية تفيده سوى جرعة من الجنون الصاروخي .. والجرأة على المدن الاسرائيلية الاستراتيجية .. والجرأة على مبنى الكنيست .. والتسديد على شخص نتنياهو في فراشه .. وليضرب كل المحور ضربة رجل واحد ..
هذه هي ذروة العقلانية المحملة بقدر لانهاية له من اللاحسابات .. واللا تفاهمات .. والمفاجآت .. وعندما تتلقى اسرائيل الضربة العنيفة فان كل كلابها في لبنان سيخرسون .. وسيتلاشى كل النباح في لبنان وفي المنطقة العربية كلها .. حيث ستموء الكلاب كالقطط وسنسمع صوت الكلاب العربية وهي تعوي خوفا .. فكلب الروم نتنياهو واسرائيل تنزف .. وتبكي .. والعبد يموت رعبا عندما يضرب وجه سيده أمامه ..
اخشى ما أخشاه ان تنجح الديبلوماسية الغربية في ثني ايران وحزب الله عن توجيه ضربة عنيفة للاسرائيليين بحجة ان المبالغة في توبيخ اسرائيل سيقود المنطقة الى الجنون .. رغم ان ما نراه هو الجنون بعينه .. وما تفعله اسرائيل هو الجنون بعينه .. ويجب ان نقر ان اسرائيل والغرب يستحقون ان يعاملوا بجنون بلا رحمة .. لأن الجنون بالجنون يفلح كما قلت .. بحيث تكون اسرائيل منذ اليوم دولة تخضع للقانون الدولي عندما تدفع ثمن جنونها .. وتتأدب وتتهذب .. وتعرف ان زمن العقلاء قد وصل .. والعقلاء يعاملون المجنون بما يستحق .. فذروة العقل هي ان تروض الجنون في زمن المجانين كي تعيد لهم عقلهم .. وتعيد لهذا الكلب المسعور عقله الذي أفقدته اياه غيبة الاخلاق الاممية .. فعندما تضرب المجانين والكلاب المسعورة التي تعضك بجنون ستعيد لهم عقلهم .. وتنقذهم من السعار .. وتنقذهم من حيوانيتهم ..
ولن أقول: يا نصر الله يا حبيب .. اضرب اضرب تل أبيب، بل سأقول، وقد يعاتبني البعض ولن أخشى مصير غزة: يا محورنا يا حبيب .. احرق احرق تل أبيب ..