جريمة اغتيال إسماعيل هنية حلقة في مسلسل التاريخ الأسود لبني إسرائيل

بقلم: خليل البخاري/ المغرب*

لا شك إن نجاح إسرائيل في اغتيال زعيم المقاومة الفلسطينية اسماعيل هنية له أبعاد لا يمكن تجاوزها . وفي مقدمتها الاختراق الأمني الذي مارسته إسرائيل وهي تصل إلى مقر إقامة اسماعيل هنية. وهو شخصية في قلب المقاومة. واغتياله يؤشر أيضا إلى فقر المقاومة لوسائل حماية الذات وبالذات ضعف التحسب للنوايا الإسرائيلية التي اختارت الزمان والمكان المناسبين للمسّ بمكانة وسمعة إيران والمقاومة معا.

ومن المؤكد إن اسرائيل قد فتحت، بجريمة اغتيال هنية، النار على نفسها لأن الاغتيالات لا يمكن أن توقف مقاومة الشعب الفلسطيني الذي نال من الظلم لم يره حتى اليهود على يد النازية خلال مرحلة ما قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية، إذ لم تتوقف المقاومة الفلسطينية بعد اغتيال أحمد ياسين مؤسس حركة حماس او مؤخرا صالح العاروري. ولم تتوقف المطالبة بالدولة الفلسطينية بعد اغتيال عرفات او خليل الوزير وغيره.

الفلسطينيون رغم تمايز أساليبهم او باختلاف نواياهم لن يسلموا قدرهم لعوامل الزمان او اختلاف المواقف..وإنما سيمضي الجميع نحو هدف واحد مشترك وهو قيام الدولة الفلسطينية التي كافح ومات من أجلها الزعيم التاريخي إسماعيل هنية.. فبالرغم من فداحة فقدان القيادي الشهم اسماعيل هنية فإن حركة حماس التي فقدت الشيخ ياسين والرنتيسي وابو شنب والمقادنة وجمال منصور ..لديها القدرة على أن تضخ دماء جديدة. فما زال لديها مخزون كبير من القيادات التاريخية التي تقود الآن أكبر معركة لمقاومة الفلسطينية مع الاحتلال الإسرائيلي.

إن اغتيال اسماعيل هنية لن ينهي الصراع بمنطقة الشرق الأوسط لان الحرب هي حرب وجود وليست حرب اغتيالات او حدود آمنة، بدليل أنه على الرغم من آلاف عمليات الاغتيال لم تمت القضية الفلسطينية ولم تهدأ المقاومة الفلسطينية ولم تستقر الأوضاع في المنطقة..وكل الاحتمالات واردة والقادم قد يهدد مصالح دول كبرى وربما يهدد وجود دول.

إن الاغتيال السياسي الذي تقوم به دولة الاحتلال هو عمل لا أخلاقي وجبان ويشكل جريمة نكراء تشبه الصهيونية العالمية التي قامت وتأسست على مثل هذه الأفعال المشينة والقبيحة. وستشكل جريمة اغتيال اسماعيل هنية المجاهد الكبير حافزا اكبر على صمود وثبات المقاومة الفلسطينية بكل تلويناتها. فمسيرة الكفاح الفلسطيني مستمرة ولن تتوقف . وحركة حماس ماضية في مواجهتها للكيان الصهيوني . ولا يمكن القضاء على حركة حماس ،كونها فكرة . والفكرة أنها منظمة جهادية لا تموت بطريقها درة مضيئة في قلادة الشهداء. وما تستخدمه إسرائيل من اغتيالات سياسية عبر تاريخها الأسود ما هو إلا ترويج وزعم بأن أهدافها قد تحققت لإنقاذ ماء وجهها القبيح، خصوصا وانه توجد مؤشرات ومعايير واضحة يمكن من خلالها قياس أهداف الحرب على غزة.

لقد اعتادت دولة الإحتلال في حرب الاغتيالات التي تمارسها منذ قيامها سنة 1948م ألا تفرق بين مدني وعسكري وبين سياسي ومقاتل. فإسرائيل على استعداد لقتل الجميع ما داموا قد إختاروا المقاومة  والكفاح، لأنها اعتادت عدم احترام قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي ومحكمة العدل الدولية ومؤسسات الشرعية الدولية، دون أية محاسبة او مساءلة او ردع صارم. فإسرائيل دولة ملاحقة من المحكمة الجنائية الدولية. وعلاقتها تسير نحو التدهور حتى مع دول داعمة لها. حتى ان مجرم الحرب نتنياهو بات يناكف الولايات المتحدة الأمريكية ويتحدى قيادتها.

عموماً فإن سفينة إسرائيل تقف الآن بين الامواج المتلاطمة، وبينما يتصارع بحارتها فيما بينهم، ولا يعملون على سد خروقاتها، فإنهم في ذات الوقت يقطّعون الحبال التي تربط السفينة بدول الخارج تدريجيا.

* أستاذ مادة التاريخ. المغرب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى