لنجعل يوم 3 أغسطس يوماً عالمياً للتضامن مع فلسطين استجابة لدعوة الشهيد هنية
بقلم: مجدي أحمد حسين*
أعلنت اللجنة التحضيرية لليوم العالمي لنصرة غزة والأسرى، يوم السبت، الموافق الثالث من أغسطس 2024، يوما وطنيا وعالميا؛ “نصرة لغزة والأسرى“.. مطالبة بفرض عقوبات قانونية على إسرائيل تشمل الجوانب الدبلوماسية والاقتصادية والمالية، وكذلك تعليق عضويتها في الأمم المتحدة وتجريدها من حقوق الامتياز والعضوية.
ثم تبنى المجاهد الشهيد اسماعيل هنية هذه الدعوة وقال : “ندعو للمشاركة الفاعلة والحاشدة في هذا اليوم الوطني والعالمي دفاعا عن أسرانا وأهلنا في قطاع غزة، وفضحا لجرائم الاحتلال الوحشية ضدهم، ونصرة لحقوقهم وقضيتهم العادلة”.
وأضاف : أن “الإعلان عن يوم الثالث من أغسطس القادم، يوما وطنيا وعالميا نصرة لغزة والأسرى، يشدد على أهمية وضرورة المشاركة الشعبية الوطنية والعربية والإسلامية والعالمية الفاعلة فيه، وعلى ديمومة كل أشكال التظاهر والمسيرات واستمرارها بعد الثالث من أغسطس، حتى إجبار الاحتلال الصهيوني على وقف عدوانه وجرائمه، ضد ..شعبنا في قطاع غزة وضد أسرانا الأبطال في سجون ومعسكرات الاعتقال النازية”.
نحن الآن على أعتاب توسع المنازلة مع العدو الصهيونى الأمريكى إلى حرب كبرى بعد التصعيد المقصود منه بعد قصف ميناء الحديدة ثم قتل أطفال مجدل شمس كذريعة لضرب لبنان ثم اغتيال أبرز القادة العسكريين لحزب الله ثم اغتيال أحد رموز المقاومة العراقية ثم اغتيال المجاهد اسماعيل هنية رئيس حركة حماس فى طهران . إن العدو ينتظر تصعيدا مشتركا من كل الجبهات : فلسطين ولبنان والعراق واليمن وإيران . وأعلنت أمريكا أنها ستشترك فى الدفاع عن اسرائيل ولضمان احتفاظها بالتفوق على جميع العرب والمسلمين . بينما أصبحت تل أبيب وكل مدن الكيان فى مجال الاستهداف . اسرائيل بدأت تخسر عسكريا على كل الجبهات وتخسر أمريكا مباشرة على جبهة البحر الأحمر وتتلقى قواعدها الضربات فى العراق وسوريا . لذلك قرر الطرفان أن يتوقفا عن التراجع ويظهران العين الحمراء لجبهة المقاومة ، وهما لايملكان إلا سلاح الاغتيالات وبعض الضربات الجوية ، رغم أنهما يعلمان أنهما غير محصنين من الضربات الصاروخية وضربات المسيرات ولا من مخاطر التحرير البرى الذى يمكن أن يبدأ من لبنان وسوريا ، وقد برهن الجيش الاسرائيلى على تخلفه وضعفه فى المواجهات على الأرض ، بينما هرب الجيش الأمريكى من قبل من العراق وأفغانستان ، ولكن أمريكا تكابر وترى أنها لا يمكن أن تقف مكتوفة الأيدى وحليفتها الرئيسية مهددة بهزيمة محققة ، ولذلك يخوض الاثنان معا معركة وجودية : وجود الكيان على أرض فلسطين ووجود النفوذ الأمريكى فى منطقة الشرق العربى . ووفقا لكل الحسابات الاستراتيجية وفقا لمختلف التقارير العسكرية فإن محور المقاومة هو المرشح للانتصار وهو يملك بالاضافة لسلاح الصواريخ والمسيرات والقوات البرية الأكثر صلابة . يملك سلاح العقيدة والاستعداد للاستشهاد من أجل قضية عادلة قضية تحرير فلسطين والدفاع عن عقيدة واستقلال الأمة
ولكن ليس معنى ذلك أن تقف الشعوب العربية فى بلاد تقع فى معسكر التطبيع والتبعية لأمريكا على الحياد ، وأن تواصل المتابعة من خلال القنوات الفضائية والاكتفاء بمجرد المقاطعة رغم أهميتها . نحن نواجه حربا استعمارية عدوانية شاملة من طنجة حتى جاكرتا مع تركيز خاص على المشرق العربى وبلاد العرب عموما وإيران المستقلة وتركيا على وشك أن تنتقل لمعسكر المقاومة ولكننا لن ننخدع مرة أخرى بتصريحات أردوجان فهو لايزال يمرر البترول من أذاربيجان لاسرائيل ، ولايزال يحتفظ بالسفارة والعلاقات مع اسرائيل . الأمة تواجه موجة استعمارية عاتية امتدادا لموجات سابقة : موجة الحروب الصليبية ثم التتارية ثم الاستعمار الحديث والاستيطان اليهودى فى فلسطين ثم حملة الأحلاف الغربية والعدوان الثلاثى على مصر ونزول مشاة البحرية الأمريكية لاحتلال لبنان عام 1958 ثم عدوان 1967 الذى أسفر عن احتلال سيناء والضفة الغربية والقدس والجولان ثم العدوان المستمر على لبنان حتى احتلال بيروت عام 1982 والبقاء فى لبنان حتى عام 2000 ثم غزو الصومال 1992 ثم غزو أفغانستان 2001 والعراق 2003 ولبنان 2006 . وعدة اعتداءات على غزة من 2008 حتى 2023 .
ما تسمى أزمة 7 أكتوبر 2023 ماهى إلا نصرا مبينا كبيرا على الكيان الصهيونى بضربة مفاجأة من غزة المحاصرة لم يفق منها بعد . ويحاول المتخاذلون والمطبعون أن يصوروا طوفان الأقصى باعتباره أزمة خصوصية بين الفلسطينيين والاسرائيليين ، بل حتى بين بعض الفلسطينيين أى غزة واسرائيل . وهم يتدخلون بالتفاوض أو إرسال بعض المساعدات بموافقة اسرائيل ، ولكنهم ليسوا طرفا فى الصراع : نظم المغرب ومصر والسعودية بينما الأردن أكثر انحيازا لاسرائيل ، أما الامارات فهى فى تحالف كونفدرالى مع اسرائيل .
ولكن يظل موقف مصر الرسمية هو الأخطر بين كل بلاد التطبيع والتبعية لوزنها المعروف ولموقعها المباشر على حدود غزة وفلسطين . وبالتالى تشارك مع اسرائيل فى أهم خدمة ومساعدة، وهى تجويع الشعب الفلسطينى ومحاصرته بدعوى العجز .
ورغم أن بؤرة الصراع فى غزة إلا أن الحرب الاقليمية التى تهدد لتكون حربا عالمية ليست حول السيطرة على غزة رغم أهمية هذا الهدف لأنه يعنى القضاء على أكبر معقل للمقاومة الفلسطينية . المعركة الآن أمام أعيننا تشمل كل فلسطين ومعركة شرسة فى منطقة جنوب لبنان وشمال فلسطين المحتلة ، وهناك قوات أمريكية منتشرة بالقوة فى العراق رغم رفض البرلمان العراقى لوجودها وفى سوريا بدون موافقة السلطة ولا أى جهة دولية . وهناك 12 قاعدة أمريكية فى الأردن تقاتل للدفاع عن اسرائيل ، وقواعد فى كل دويلات الخليج وبعض جزر اليمن وجيبوتى وشرق افريقيا ضمن قوات أفريكوم . وتوجد قوات أمريكية فى الكيان الصهيونى وفى سيناء ولاتزال قواعد أمريكا والناتو فى تركيا بالاضافة لقبرص واليونان المجاورتين . هذا الانتشار الأمريكى الصهيونى أكبر من حيث المساحة من مرحلة الاحتلال الصليبى . وأخيرا حاولت أمريكا الاعتداء على اليمن والسيطرة على البحر الحمر ولكن هزمت شر هزيمة وسحبت معظم قطعاتها البحرية وكذلك دول الناتو . وقد جاءت لمحاربة اليمن دفاعا عن اسرائيل ولوقف الحصار اليمنى البحرى على اسرائيل . وهكذا ترون رقعة الصراع المسلح تشمل كل منطقة المشرق العربى وما حولها من بلاد المسلمين : إيران . ولوحة الصراع تمتد إلى السودان التى يجرى تمزيقها بأيدى صهيونية إمارتية إنجليزية أثيوبية و ما يجرى فى السودان هو طعنة نجلاء فى قلب مصر. لوحة الصراع تمتد إلى سد النهضة الصهيونى و3 سدود جديدة على النيل الأزرق . لوحة الصراع امتدت إلى دولة جنوب السودان التى وقعت اتفاقية عنتيبى تمهيدا لبناء سد جديد على النيل الأبيض . إن مصر يتم تمزيقها من رأسها على حدود فلسطين إلى أخمص قدميها فى منابع النيلين الأبيض والأزرق . والعدو الصهيونى سفاح النساء والأطفال وأكبر مجرم فى التاريخ يتحكم فى غاز مصر وكهربائها بعد المياه.
ونحن نعالج مشكلاتنا الاقتصادية ببيع مصر لاسرائيل تحت لافتة الامارت ، الامارات التى مولت سد النهضة وتتحالف مع أثيوبيا والاثنان يتحالفان مع الدعم السريع الذى أهان جيش مصر ويسعى لطرد مصر من السودان . وحتى الطرف الآخر : برهان استقبل آبى احمد فى بورسودان . ومصر تستقبل بن زايد فى مدينة العلمين .!
وهكذا ترون أن الزحف الاستعمارى على المنطقة يضع مصر فى قلب اهتماماته ، والمشكلات المتعددة تمسك بتلابيب مصر ويتصور المصريون أو يتم تصوير الأمر لهم : إن لدينا من المشكلات ما يكفى لعدم الالتفات لموضوع غزة حتى وإن أبيد فيها اكثر من 2 مليون انسان عربى مسلم . والواقع إن الامساك بعقدة غزة وحلها يعنى فك باقى العقد ، فالوقوف مع غزة يفتح الطريق للتحرر من العبودية لأمريكا والصهيونية وهذا هو الطريق الحقيقى للمعالجة السليمة لمشكلات البلاد المستعصية.
لذلك كله أدعو للاستجابة لوصية الشهيد المجاهد اسماعيل هنية : اجعلوا من يوم 3 أغسطس نقطة تحول لنخرج من حالة السبات إلى الافاقة واليقظة .. أدعو المصريين للتضامن مع فلسطين وغزة بكل الوسائل السلمية .. بالمقال والبوست ورفع العلم الفلسطينى والمظاهرة والوقفة والاعتصام والندوة والمؤتمر كلما كان ذلك ممكنا ، ولا يستغل أحد هذا التحرك للتفوه بشعارات ضد النظام كما حدث من قبل ، المسألة ليست مسألة خوف . نحن نريد أن نضرب المثل على إمكانية أن تتوحد البلد حول قضية قومية كبرى . حتى وإن لم تلق هذه الدعوى تجاوبا أو تسامحا من النظام ، فلنواصل عملنا بعد 3 أغسطس كما قال هنية .. لنحرج النظام أو لنشعره بالخجل وإذا لم يفعل ، فسننجح نحن كأبناء الشعب أن نتوحد على قضية عادلة واحدة كبرى ، وإذا فعلنا ذلك فسننتصر للقضية وسننتصر لأنفسنا .
*باحث اسلامي و كاتب مصري
magdyhussein.id