«فزاعة» ترامب.. بايدن كان «ترامباً مضاعفاً» وسمح لإسرائيل بالذهاب بعيداً في حرب الإبادة التي تشنها على غزة
بيروت – الأخبار/ كتب يحيى دبوق
يرتبط قرار إنهاء الحرب من عدمه بجملة مقدمات، لعل أبرزها ما يأتي: أولاً: تواصل صمود الفلسطينيين في قطاع غزة، رغم الأثمان الباهظة وغير المسبوقة التي يتكبّدونها، وهو ما لا يسمح للإسرائيلي بأن يحقق بالمفاوضات ما عجز عن نيله بالحرب.
ثانياً: تواصل نشاط جبهات المساندة، والذي يعد مؤثراً جداً في هذه المرحلة، في دفع إسرائيل إلى إيجاد مخرج ما من شأنه إنهاء الحرب، وخصوصاً أن هذه الجبهات توشك على التحول إلى جبهات أصيلة مع مواجهات أشمل، قد تصل إلى حرب إقليمية شاملة، وإن كان الإسرائيلي لا يزال يراهن على إمكانية احتوائها. وإذ من المتوقع أن يرتقي فعل المساندة من لبنان، كماً ونوعاً ومدى، وإن تحت سقف الحرب الشاملة، فإن من شأن ذلك أن يضاعف الضغوط على صاحب القرار في تل أبيب. والحال نفسه ينسحب على الجبهتين اليمنية والعراقية، وتحديداً في مرحلة ما بعد استهداف تل أبيب، والتي تبشر – كما يبدو – بالمزيد منها.
ثالثاً: احتمال وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، والذي يشكل فزاعة يراد إسرائيلياً أن تستخدم لكسب المزيد من الفوائد في سياق المفاوضات أو في سياقات الحرب نفسها، وهو ما يجافي، في الواقع، الحقيقة.
ذلك أنه حتى لو فاز ترامب في الانتخابات بعد أشهر معدودة، وهو المرجح، فما الذي يمكن له أن يفعله، وامتنع سلفه، الرئيس الحالي جو بايدن، عن فعله في مساندة إسرائيل؟ في الواقع، كان بايدن «ترامباً مضاعفاً»، وسمح لإسرائيل بالذهاب بعيداً في حربها، لا بل كان مستعداً للتدخل العسكري لمساندتها، إن لزم الأمر، فضلاً عن مساندته إياها على المستوى العالمي، عبر منع الضغوط الدولية من التأثير على مسار الإبادة الجماعية.
هذا السؤال برسم كل من يهوّل بترامب ومجيئه، علماً أن السيناريو المذكور ذو تأثير مزدوج، لا بل يجب أن يُقلق إسرائيل نفسها، لا أعداءها؛ إذ في حال وجدت «أميركا – ترامب» مصلحة في إنهاء الحرب، فسيكون الأخير قادراً على فرض ذلك الخيار على إسرائيل، على اعتبار أن هامش المناورة سيكون محدوداً لدى تل أبيب حينها. وهو ما ينسحب أيضاً على الساحة اللبنانية: فهل إسرائيل قادرة فعلاً على شن حرب على لبنان والانتصار فيها وتحمّل أثمانها، فيما بايدن منعها منها؟ إذا كانت الأمور كما تقدّم، فسيشكل فوز ترامب متغيراً قد يدفع إلى هكذا حرب، لكن هنا، يظل الحديث موضع سؤال وتشكيك، في أقل تقدير.
في خطابه عقب ترشيحه من قبل الحزب الجمهوري، تحدث ترامب عن ضرورة إنهاء الحرب قبل أن يصل إلى البيت الأبيض، وهدّد حركة «حماس» بثمن باهظ في حال وصوله، ولم تكن صفقة الأسرى قد أنجزت بعد. لكن هذا الحديث يستبطن تهديداً لإسرائيل نفسها، وتنبيهاً إلى أهمية إنهاء الحرب أولاً، وهو ما يعدّ أهم ما في حديثه، بمعزل عن أي عبارات أخرى وردت فيه. وفي الأصل، هل يمكن لترامب أن يضغط على «حماس»، أكثر مما فعلت إسرائيل حتى الآن؟ لقد كانت يدها مطلقة عملياً ضد الفلسطينيين، وبلا ضوابط فعلية، وذلك أيضاً هو أقصى ما يمكن لترامب أن يفعله.